رواية خالد من 1-5
انت في الصفحة 1 من 6 صفحات
الفصل الأول
من أنتى أيتها الجميلة الرقيقة الخجولة الشقية
تبلبلين عقلى وتشغلين قلبى وأحلامى الوردية
لم أعد أنا كما كنت.. جبارا قويا
ولم أعد وحيدا..حزينا..أو قلبا شقيا
أنتظر الليل فقط كي تأتينى وتأتى معك بسعادتى الأبدية كانت تجرى فى هذا الوادى العشبي الجميل..تنطلق ضحكاتها الصاخبة التى تطرب قلبه وتزيد من دقاته ليبتسم رغما عنه وهو يحاول اللحاق بها..لتلتفت بجانب وجهها يكاد يراها لأول مرة منذ أن بدأت تطارده وتشغل عقله وقلبه وأفكاره..ولكنها عادت تنظر إلى الأمام..تزيد من غموضها وتنطلق ضحكاتها المشاغبة..يتمايل شعرها البني اللون و المتهادى على أكتافها مع الهواء..ليخطف سحره لبه..يتوه فى ذلك الشعر الحريري المسترسل..يتمنى فقط لو إستطاع أن يلمسه ويمرر أصابعه فى خصلاته..يتمنى فقط لو كفت عن الهرب منه ونظرت إليه ليرى ملامحها التى يثق بأنها رائعة تماما كضحكاتها.. فقط لو رآها وأثلج قلبه المشتاق لرؤيتها..فقط لو إستطاع اللحاق بها..ولكنه دوما ورغم ركضه بأقصى سرعته وأنفاسه اللاهثة ..ورغم كل شئ يبذله..تستطيع هي بكل سهولة ان تسبقه دائما ..فلم يستطع ولو لمرة واحدة اللحاق بها أو إيقافها ..كاد أن ييأس.. لتتوقف فجأة وتبدأ بالإستدارة ليتجمد مكانه وتتسارع دقات قلبه وهو ينتظر الكشف عن ملامحها......
خالد.
نظر إليها لتستطرد قائلة فى قلق
إيه بس اللى منيمك فى أوضة المكتبإنت إتشاكلت مع شاهيناز تانى
هز رأسه نفيا قائلا
لأ ..متخانقناش..أنا بس كنت براجع شوية أوراق والظاهر نمت من غير ما أحس.
إبتسمت قائلة
ربنا يعينك ياحبيبى..طب قوم يلا كمل نوم فى أوضتك..وإرتاح حبة.
انا فعلا هعمل كدة..تصبحى على خير.
إبتسمت قائلة
تلاقى الخير.
توجه إلى الباب ولكنه لم يلبث أن توقف وهو يلتفت إلى ليلة ينظر إليها وهي تجلس مكانه وتفتح كتابا بيدها..ليقول بإبتسامة
رومانسى برده
رفعت بيدها الكتاب وهي تبتسم قائلة
إنت عارفنى..مقدرش يومى يمر من غير ما أقرا رواية رومانسية.
يابنتى فكك من الهبل ده..كلام الروايات ده مش حقيقى..واللى بيكتبوه ناس فاضية عندهم إحباط عاطفى.
قالت فى غيظ
ملكش دعوة بالروايات.. واللى بيكتبوا الروايات .
لتشير إلى نفسها قائلة
واللى بيقروا الروايات..خليك إنت فى عالم البيزنس بتاعك وخلينا إحنا جوة العالم بتاعنا..ماشى.
إبتسم قائلا
ماشى ياستى..سلام يا دكتورة.
سلام ياسيدى.
ليغادر خالد بهدء تتبعه ليلة بعينيها..قبل أن تعود لروايتها ..تجرى عيناها على سطورها..تعيش بين جنباتها سعادة لا تعيشها سوى فى تلك الروايات..عالمها الخيالي الرائع.
تقدمت جورية بإتجاه مكتب فراس بخطوات رقيقة لتضع على مكتبه فلاشة حمراء وهي تزفر قائلة براحة
وأخيرا خلصت الرواية..يادوب تلحق تطبعها عشان تنزل بيها المعرض السنة دى.
كنت عارف إنك أدها على فكرة.
جلست على المقعد المواجه لمكتبه وهي تتنهد قائلة
والله النهاية تعبتنى أوى يافراس..كتبتها ومسحتها ييجى عشر مرات كدة..بس الحمد لله ..خلصتها وراضية أوى بالخاتمة دى.
تفحص ملامحها الشاحبة ليدرك أنها لم تأكل ولم تشرب ولم تنام بل إنغمست كلية فى كتابة الخاتمة حتى أنهتها بتلك الصورة التى أرضت خيالها..هكذا هي منذ أن تعرف إليها وأقنعها بالنشر لديه فى دار المبدعون للنشر والتوزيع..لديها موهبة رائعة وكاتبة مجتهدة..تبغى الكمال حتى فى كتاباتها..لقد رأي منذ اللحظة الأولى موهبتها تلك التى تحتاج فقط إلى من يرعاها ويوجهها توجيها صحيحا..وبالفعل إستطاع هو القيام بذلك..لينشر لها أول رواية بعنوانأحببتك وإنتهى الأمر..لتحصد نجاحا كبيرا..لتليها روايتها الرائعة والتى أحبها هو بشكل خاص بعنوانأنفاس حياةوالتى حققت بدورها نجاحا منقطع النظير..وحصلت على أعلى نسبة مبيعات فى تاريخ الدار..حقا إنها فتاة رائعة تلك الجورية..فرغم رقة ملامحها ..إلا أنها تحمل شخصية هي مزيج رائع من الرومانسية والرقة والعقل والقوة..ولولا أنه يعلم منذ البداية بماضيها والذى لا يدع له أي مجال للدلوف إلى قلبها لكان أحبها على الفور ولكنه أعدها بمثابة أخته منذ أن أخبرته بقصتها ..وعاملها على هذا الأساس.
أفاق من أفكاره على حمحمة رقيقة من جورية وهي تقول
إحم..فراس..سرحان فى إيه
إبتسم قائلا
مفيش ياجورى..قوليلى بقى لسة مصممة يكون بطل غلافك بنفس الملامح
ظهرت لمحة من الحزن مرت عبر عينيها وإلتقطها فراس..ليلوم نفسه بشدة على سؤالها..ولكنها مالبثت أن قالت بهدوء يخالف ذلك الألم القابع فى عمق عينيها
أنا سلمت الغلاف للمطبعة وهم هيعدلوه..والرواية عندك أهي .. مكنش فاضل غير الخاتمة..إقراها وإبقى قوللى رأيك
أومأ برأسه لتنهض قائلة
أنا هقوم أمشى بقى عشان ألحق أكلم جدى عزيز..لإنه وحشنى جدا..بقالى يومين مكلمتوش بسبب الرواية دى وأكيد زعلان منى.
قال فراس
هتروحيله
لعڼ فراس لسانه الزالف والذى يتسبب بإيلامها دون قصد منه فقد ظهر الحزن على وجهها على الفور فور نطقه لسؤاله..ليظهر فى صوتها الذى تهدج ألما وهي تقول
إنت عارف إنى مبروحش هناك من ساعة.....
وصمتت ولكنه أدرك ما عجزت عن النطق به..ليحاول أن يغير ذلك الموضوع الشائك ..وهو يقول
طيب أول ما ييجى عرفينى..عشان حابب أشوفه وأسلم عليه لإنه وحشنى أنا كمان.
إبتسمت إبتسامة باهتة لم تصل إلى عينيها وهي تقول
اكيد هقولك..سلام.
لتلتفت مغادرة ولكنه إستوقفها قائلا
مقلتليش..فى الخاتمة..مين كان المعجب الغامض بحنان
شعت عيونها فجأة بالحياة ..فالقصص والروايات هما الشيئان الوحيدان اللذان يشعلان روحها بعد ان ظنت بأنها أصبحت روح باهتة لا حياة فيها..لتبتسم قائلة
مفاجأة.
ليبتسم بدوره وتغادر هي بهدوء..ليفتح قبضة يده وينظر إلى الفلاشة بعيون مبتسمة..ثم يضعها على الفور باللاب توب خاصته..ليفتح الملف والمكتوب عليه الخاتمة..تجرى عيناه على سطورها ..لتتسع مع مرورها على الكلمات إنبهارا....وإعجابا.
إستيقظ نبيل على صوت ټحطم شديد ..ليندفع بإتجاه حجرة مؤيد حيث يأتى منها الصوت ..ليدلف إلى الحجرة ويرى مؤيد يقف فى منتصف الحجرة لاهثا بقوة بينما ټحطم كل شئ بالداخل..المرايا والأثاث..لم يعد هناك شيئا سليما بالمرة..ليقترب من صديقه الذى أطرق بوجهه أرضا قائلا بقلق
مالك يامؤيدحصل إيهوإيه اللى خلى الأوضة بالشكل ده
رفع مؤيد وجهه إلى نبيل لينتاب نبيل الجزع وهو يرى تلك الدموع التى غشيت عيون صديقه..والتى لم يراها فى عين صديقه حين ماټ والد مؤيد فى حاډث سيارة أليم ..ولم يراها حتى فى يوم طلاقه من زوجته السابقة والتى يدرك نبيل أنها كانت حب مؤيد الأول والأخير..عشقه الوحيد..فما السبب الجلل والذى كان ورائها اليومليقول نبيل وهو يمسك كتفي صديقه بيديه
فيه إيه ياصاحبى مالكطمنى عليك.
إبتعد مؤيد عن محيط ذراعي صديقه وهو يستدير مانحا إياه ظهره قائلا بصوت مخټنق
أنا تعبان يانبيل..تعبان.
ليتنهد مستطردا
يوم ما طلبت منى الطلاق كانت صډمتى كبيرة.
أدرك نبيل أن السبب فى ألم صديقه هي زوجته السابقة وعشقه لها..ربما هناك جديد بخصوصها..أفاق من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول
مقدرتش أتناقش معاها او أقنعها..وخصوصا إنها قالتلى إن نفسها تخلف وإنى مش قادر أسعدها بطفل يملى عليها حياتها ورغم إن لا أنا ولا هي فينا عيب يمنعنا من الإنجاب..وإن التأخير مش ذنبنا.. دى حكمة ربنا وقدرنا..بس كرامتى كراجل خليتنى أرفض اعيش مع واحدة ڠصب عنها حتى ولو كانت روحى فيها..طلقتها وأنا قلبى پينزف..بېموت بالبطئ..ماهو حبها كان النفس اللى بعيش بيه...ساعتها بجد قلبى ماټ..وإفتكرت إنى كرهتها..وعشان كدة سافرت على هنا..كنت بهرب من ذكرياتى معاها اللى كنت بشوفها فى شقتنا وفى كل مكان بروحه..كنت بهرب من شبح عشقها الساكن جوايا ..واللى حتى فى أنفاسي كنت بلاقيه.
كان نبيل صامتا تماما..تاركا لصديقه الفرصة ليعبر عن مكنون قلبه ربما للمرة الأولى..فلم يتحدث مؤيد عن إنفصاله من زوجته قبل ذلك ابدا..فلربما أراحه ذلك من عڈاب يدركه فى كل حرف من حروف كلمات مؤيد والتى تنطق بحزنه ومرارته..أفاق مجددا من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول
تلات سنين بحالهم وأنا هنا فى غربتى بعيد عنها..فكرت نفسى قدرت أنساها وأنسى عشقها اللى كان بيجرى فى دمى..بطلت أحب القهوة لإنها بتحبها..بطلت أسمع فرانك سيناترا لإنها بتحبه..كل حاجة ميزتها فى نظرى بعدت عنها عشان متفكرنيش بيها..بطلت حتى أفتح النت و صفحتى الشخصية عشان مدورش عليها وعلى أخبارها..بس ڠصب عنى لقيتنى بفتح النت النهاردة وبدور عليها ..تعرف لقيت إيه
إستدار ليواجه عينا صديقه القلقتين بعينيه المتألمتين وهو يقول بسخرية مريرة
لقيت خبر عنها فى الجريدة الوطنية..صورة ليها مع محمود عزمى.. المليونير المعروف صاحب أكبر قرية سياحية فى مصر..وعنوان تحتها عريض عن قرب سماع خبر سعيد هيفرح كل المقربين من العيلتين..عارف ده معناه إيه
أدرك نبيل بالطبع معنى تلك الكلمات ولكنه آثر الصمت ومؤيد يقول بمرارة
معناه إن الهانم خلاص هتتجوز واحد غيرى..حبت تحقق حلمها بالطفل اللى أنا كمان إتمنيته..بس إتمنيته معاها هي وبس ..الهانم خلاص نسيتنى ومبقتش أفرق معاها خلاص..كملت حياتها من بعدى..بس أنا اللى مقدرتش أكمل..وقفت فى مكانى عاجز عن إنى أخرج من محراب حبها اللى سجنت قلبى وحياتى جواه..هي عايشة ومبسوطة وأنا بتقطع كل يوم من سکينة جرحها وڼزيف قلبى فى بعدها..واللى كانت هي السبب فيه.
ليغمض عينيه لثوان شعر فيهم نبيل أن مؤيد يحاول أن يحتوى ألمه النابض بعروقه..ليفتح مؤيد عينيه فجأة ليتأكد نبيل من ظنه ..يرى قسۏة إحتلت عينا صديقه وهو يقول
بس وحياة ليالى مدقتش فيها النوم عشان حرمتنى حضنها..وحياة أيام كنت بټعذب فيها كل أما اغمض عينى وأشوف صورتها أو أسمع إسمها..وحياة دقات قلبى اللى كانت بتزحف من الألم وبتبهت فى كل ثانية مرت وهي مش جنبى..لأدفعها التمن غالى..وأخليها تعرف إن مش مؤيد الحسينى