رواية سليم القصول الاخيرة
من عينيه قبل همساته اللطيفة التي أصبحت مؤخرا تداعب أذنها دون أن يرأف بمسامعها حيث لم تعتاد على سماع مثل هذه الكلمات التي لم تكن تحمل اعترافات كثيرة ولكنها لطيفة محببة لقلب عاش لسنوات في ظمأ لم يروي عطشه.
مينفعش تنام هنا واخواتك موجودين وبعدين دي كلها ساعات وتمشي بكرة معلش تعال على نفسك علشان خاطري أنا.
أنا استحمل علشان خاطر أهلي بس مش عشان بنت ميرڤت.
يا روحي دي بنت في النهاية هي بس ساعات بقولك.
زفر حانقا وهو يبعد يده عن خصرها الذي كان يحيط به بامتلاك استمرت هي بكلماتها التي كانت لها واقع قوي عليه فهي الوحيدة المالكة لمفاتيح شخصيته حتى وافق على مضض وانطلق خارج المطبخ بوجهه الحاد الناطق بكرهه لميرڤت وابنتها وكل شيء يخصها.
مرت ساعات الليل على سليم وهو يجلس فوق الأريكة بالصالة ورغم إجهاده وحاجة جسده للنوم إلا أنه عاد يختفي عنه بمجرد جلوسه هكذا كالمشرد الفاقد لاحتواء.
التقطت مسامعه صوت يزن المنادي له فنهض بتكاسل وذهب نحو غرفة زيدان فوجد يزن يحشر نفسه رغما عن زيدان الرافض لوجوده.
تعال اقعد معانا.
كاد أن يرفض كعادته ولكن مشاهد الصباح تكررت أمامه شاعرا بحنين لطيف داعب جفاف قلبه في أحقيته بالجلوس معهم حتى وإن كانت ميولهم مختلفة انتبه على صوت زيدان الحانق وهو يحاول إبعاد يزن عنه
ابتسم يزن بسماجة وهو يتابع النظر في هاتفه بوقاحة
اديك قولت متطفل وبعدين أنا حاسك جلنف ومتعرفش تتعامل مع البنات يا جماعة انتوا ليه رافضين تاخدوا عصير خبرتي.
تقدم منهما سليم وهو يضع يده في جيب بنطاله مردفا بنبرة غاصت أحباله الصوتيه في الاشمئزاز
أنت عصير خبرتك ده تكبه في الژبالة ومالك فخور كده ده كلهم بنات مش حلوة.
ايوا يا سليم يا جامد اديله على دماغه ابن شوكت باشا ده.
لأول مرة يرى سليم تشجيع زيدان له وحماسته وهو يشير له بالجلوس معهما على نفس الفراش جاهد كبريائه وراح ينطلق معهما في الحديث بإريحية مبررا أنه مجرد وقت لتسلية حتى تقضى ساعات الليل الطويلة ناقما على سيف الذي يمر بألف ليلة وليلة أما هو فيجالس اخواته الذي بدأ عراكهم اللفظي مجددا.
اخشن صوت زيدان وهو يرمق يزن بقسۏة مهددا إياه
وله احترم نفسك أصل واقسم بالله هديك على دماغك.
ولا تقدر تعمل حاجة وتستاهل المصاېب اللي بعملها فيك.
وبمناسبة المصائب ارتفع صوت سليم يسأل بوجوم
ليه عزمت نهى تيجي الفرح يا يزن!
حك يزن أنفه مبررا بتعاطف
البت بتصعب عليا من معاملة ميرڤت بتعاملها معاملة جاحدة اوي يا جماعة.
عمتك لو تربية قريش مش هتكون بالطريقة دي.
ابتسم سليم عقب حديثه ولم يكن يتخيل أن تشق الابتسامة محياه الصلب وخاصة بعد حديث زيدان تحديدا فالظلام الدامس لأرواحهما مازال يعيق حياتهما الأخوية.
وعندما لمح أعين زيدان المراقبة له أخفى ابتسامته قائلا بصرامته المعهودة
حاول متجمعهاش كتير عشان اللي مسكتني عن عمتك هو أبوك خليهم في حالهم واحنا في حالنا.
اومأ يزن بتفهم ولم يجادله بينما تآمرت مشاعر زيدان ضد ذاته الراغبة والموافقة لحديثه ولكن العناد المسيطر على عقله كاد أن يدفعه لجدال وبعد تفكير بسيط منه قرر أن يصمت ولا يفسد تلك اللحظة الذي بادر فيها سليم بخطوة مهمة من ناحيته.
انطلقت