رواية سليم من 17-20
مش لطيفة.
هز زيدان رأسه قائلا باستحقار
أكيد..لازم يتنازل علشان يأجرها..وهو معندوش أغلى من قلبه الرهيف قدام البنات.
خلصتوا هزار..أنا فعلا ملقتش غيرها قريبة من مكان شمس علشان لو حضرتك جيت وعملت حاجة فيها.
ضيق سليم عيناه بتفكير محركا رأسه بالإيجاب عدة مرات وهو يتجه صوب الغرفة الأخرى..مشيرا لزيدان بخفة بأنه يتبعه حتى دخلا وقبل أن يدرك يزن تخطيطهما كانا أغلقا الباب بالمفتاح..
افتحوا الباب أنا مش هنام في الصالة.
ومن خلف الباب هتف سليم ساخرا
نام في الصالة علشان تبقى قريب من شمس يا حبيبي.
دلوقتي بقيتوا حلفاء ضدي.
قالها بحنق فهتف زيدان بنبرة هادئة وهو يتجه صوب الفراش يخفى نبرة توتره
عيل غبي هو احنا من امتى كنا اعداء.
رمقه سليم بتفكير شاعرا به فلأول مرة تتقلص الفجوة بينهما منذ أعوام كانت تتوسع بالجفاء والصمت القاټل لمشاعرهما المترابطة في علاقة الاخوة اتجه سليم هو الاخر صوب الفراش وهو يخلع الجاكت متمتما بصوت خاڤت ساخر
رفع زيدان عينيه پصدمة لم يكن متوقعا أن يتجرأ سليم ذات مرة ويخبره بسلاسة سبب قربه من يزن اخفى اندهاشه سريعا قبل أن يلاحظه سليم وحرك رأسه متفهما والكلام يداعب طرف لسانه كي يفتح مجالا للحوار معه ولكنه خائڤا من رد فعل يزهق أمله المتجدد في ټدمير البعد بينهما..فالتزم الصمت سامحا لمشاعره بتلذذ اللحظة الفريدة التي جمعتهما معا منذ سنين في غرفة واحدة.
تذكر أمر البرص وأنه وضع في يده فشعر بالاشمئزاز وركض باتجاه المرحاض يمرر الماء والصابون فوق كفه باتقان شديد.
قرر سليم العفو عن يزن بعد طرقه المستمر على الباب كلاجيء حزين فقد المأوى فجأة فتح الباب بعيون ناعسة هاتفا بصرامة طفيفة
ازاحه يزن بيده متجها صوب الفراش دون حديث رقد بجانب زيدان النائم وقام بإزاحته قليلا فاندهش سليم لفعله الأحمق قائلا من بين أسنانه
هتوقع اخوك يابني...
واخد السرير كله..وبعدين أنا اطول منه عايز اخد راحتي.
هز سليم رأسه بيأس ثم رقد بجانبه فأصبح يزن بالمنتصف وفور أن وضع رأسه فوق الوسادة حتى غرق في النوم...لقد قرر اعطاء عقله فرصة بالراحة بعدما اجهده لأيام يكفي أنه اطمئن عليها وأنها بأمان.
انت ياله ابعد عني انت بتحلم بمين بالظبط!.
همهم يزن بكلمات غير مفهومه فتعجب سليم
لحقت كمان تتكلم وانت نايم.
هز رأسه بإيجاب فضغط سليم فوق شفتاه وجذب الوسادة ثم القاها فوق رأسه بغيظ شديد وقرر النهوض كي يجلس في الصالة أهون من النوم بجانب ذلك المعتوه.
تنهد سليم وهو يتابع أشعة الشمس تدخل الشقة من النافذة بعيون ذابلة فاقدة للشغف شاعرا بضجيج يحتله..غير قادرا على تحديد ما يريده في ظل هذا الضغط النفسي الذي يمر به.
انتبه على خروج زيدان من الغرفة قائلا بصوت ناعس يغلب عليه الأرهاق نتيجة لعدم نومه بطريقة مريحة بسبب عفو سليم عن يزن وادخاله في منتصف الليل كي يغفو بجانبهما...وبالطبع انفرد يزن بالفراش حتى أنه شعر بنهوض سليم وخروجه
من الغرفة بعد محاولات عديدة كي يعتدل يزن بجسده...
تور نايم على السرير..
وحين انتبه لجلوس سليم مسترخيا على الأريكة...القى تحية الصباح عليه وهو يهندم ثيابه أمام المرآة..تعجب سليم له فقال متسائلا
راجع القاهرة.
اه رايح لشغلي.
أومأ سليم متفهما ثم التزم الصمت غارقا في كيفية ترويض تلك الشرسة من جديد يبدو أن الطريق أمامه صعب مع شخصيتها الجديدة التي يجهل حقا متى تلبستها فجأة وكعادته لا يريد أن يفرض عودتها له اجبارا..تاركا لها مساحة صغيرة كي توافق بإرادتها.
وقبل أن يغادر زيدان توقف طالبا منه الانتظار مردفا بصوت جاهد على إخراجه بعدما تفاقم كبريائه حد السماء بداخله رافضا اللجوء إليه..ولكن عقليته تحتم عليه أن يطلب منه هذا الأمر..لانه الوحيد التي تتمثل به الثقة التامة في هذا.
عايزك وقت ما تبقى فاضي تجبلي أنس هنا.
قطب ما بين حاجبيه متعجبا
أنس ليه! سيبه مع ماما وبابا افضل.
حك أنفه وهو يجيبه بلامبالاة تنافي مشاعره التي يخفيها بداخله حينما قرر استخدام أنس في تصحيح ذلك الجفاء الذي احتل عيناها من ناحيته..فالعاطفة دائما ما تحركها وواجب المسؤولية سيدفعها للرجوع إليه.
ماما قالت انه بعيط باستمرار علشان أمه وأنا.
تفهم زيدان وأومأ بإيجاب مقررا المغادرة ولكن قبل أن يغادر استذكر ما فعله بعمته فأخبر سليم به ظنا منه أنه سيفرح لذلك ولكنه تفاجأ بقوله الحاد
وانت تروحلها ليه..مالكش دعوة بيها تاني.
دي كانت بتحاول توقع ما بيني وبينك لازم تقف عند حدها.
حرك سليم رأسه برفض قاطع..يخبره بصرامة
بردوا مالكش دعوة بيها ابعد عن شرها خالص..أنا كفيل بيها.
شعر بالضجر لإصرار سليم على معاملته كطفل صغير لا يقوى على المواجهة.
أنا مش صغير يا سليم واعرف احمي نفسي كويس..
فقد سليم هدوئه ليقول بنبرة فاضت بمشاعره الخفية التي زلزلت كيان زيدان..واضطرب قلبه اشتياقا لعناقه مثلا.
وأنا مش هستحمل ټأذي حد فيكوا..عمتك ياما اذتني في الشغل..وشوفت منها اللي محدش شافه ابعد عنها.
رضخ زيدان لحديثه كي يطفئ نبرة الخۏف التي سيطرت عليه فهدأ سليم بالفعل ولاشك أن التعجب طاله حينما وافق بكل سهولة.
تحركت ليال مع سيف للمغادرة من المشفى بعد ليلة قضاتها بالغرفة تنفيذا لأوامر الطبيب.. وحقيقة الجلوس في المشفى ساعدها بالتحسن بسبب آلام رأسها التي كانت ترفض التخلي عنها حتى تحت تأثير المسكنات بالإضافة إلى خۏفها من عودتها للشقة مرة أخرى فلن تقدر على الجلوس بها وحدها..لقد مرت بتجربة مريرة افقدتها الامان...وبعد أن كانت شقتها ملجأها التي تحتمي بها من غدر الزمن أصبحت لا تطيق الرجوع إليها.
شعر سيف باضطرابها اللحظي وهي تخطو معه باتجاه السيارة وأدرك ما تحاول أن تخفيه عنه فقال بهدوء يحسم خۏفها البادي في ارتعاشة أصابعها
هتقعدي مع فاطمة النهاردة لغاية ما اشوف الشقة ونغير الباب.
وأنت هتكون فين!.
وبنبرة باردة اخبرها
مالكيش دعوة.
رفضت قائلة ببرود مماثل
معلش وأنا مش هسمح ان تخرج من بيتك بسببي.
قاطعها حينما سألها بتهكم
وانتي مين سمحلك يا ليال..لازم تعاندي يعني.
ده مش عناد يا بشمهندس هو حضرتك مش ملاحظ انك بتتحكم في حياتي.
ردت بحدة بينما أجاب بوجوم
هو لما نخاف عليكي نبقا غلطانين.
مين انتوا!
قالتها بانفعال بات واضحا عليها حينما شعرت بمراوغته..
فتح لها باب السيارة مجيبا بنبرة ثلجية ساخرة
أنا وعم الحاج اللي هناك ده والست اللي ھتموت وتعرف احنا بنتكلم في إيه..
كانت تنتقل حيث يشير بعينيه بذهولا لما يقوله فاستطرد بحنق
متدخلنيش بتفاصيل والشمس هتحرقنا..يلا.
استقلت بضيق فلم تحبذ أبدا أن ينهى الحوار بينهما
هكذا..وحينما لمحته يجلس على كرسي القيادة عقدت حاجبيها وهي تردف بإصرار
أنا أصلا قررت انقل من الشقة والمنطقة كلها.
كانت تلقي الكورة بملعبه تنتظر تصريحا واضحا لمشاعره الغامضة اتجاهها حيث لم تعد تعلم أهي من باب الإخوة أم الجيرة أم أن هناك مشاعر أخرى تكمن مثلا في إعجابه بها...الټفت برأسه نحوها فجأة يطالعها بعدم فهم
شقة إيه اللي تنقلي منها.
شقتي.
أجابته ببساطة ولم تدرك انها بقولها هذا ستعيق ما يخطط له أطلق عقله إنذارات الهمة كي يجري اتصالا بعمها لينجز في مهلة تفكيره فالأمر مع تلك العنيدة لن يجدي بنفع هكذا وان لزم الأمر سيتزوجها دون حضور عمها.
بينما هي استدرات برأسها نحو الجهة الاخرى تراقب الطريق بعيون شاردة غارقة في احزان وحدتها ومشاعرها غير المفهومة نحوه..حتى الآن يحارب عقلها كلمة الحب التي كانت تندفع بين حين وآخر لها بسبب مشاعرها المنجرفة نحو ذلك المتعجرف الذي استطاع أن يحظى على اهتمامها بالكامل.
انهى مهمة المراقبة لها بعدما كانت تساعد العاملين بمهمة تنظيف المكتبة من الفوضى التي طالتها بالأمس..انتظر خروجهم جميعا وبقيت هي وحدها..فقرر الدخول متحدثا معها بهدوء كي تتخلى عن أفكارها تلك التي لن تجدي إلا بالضرر لهما فلن يتركها هو تعمل لدى أحدهم ولن يرضى أساسا بتعاملها مع رجال غرباء عنها يكفي ما يشعر به الآن من ثوران لمشاعره والتي كانت تدفعه لاختطافها من أمامهم غير قادرا على تحمل نظراتهم حتى وإن كانت بريئة.
كانت تتحرك بنشاط وهمة ولكن ما إن لمحته تبدد الحماس لديها وظهر تجهم ملامحها له توقف عن الحركة للحظات وطالعها من بعيد مندهشا من ضيق ملامحها والذي ظهر له وكأنه هو الاستقبال الذي يستحقه فتبدل الحال بينهما..وأصبح هو المذنب بحقها وليست هي تعاقبه بل تعامله بكره لرد فعل صدر منه بسبب ما كانت تخفيه عنه غير مدركة أن الخطأ يقع على عاتقيها من الأساس.
خير يا سليم مش كفاية اللي حصل امبارح.
أشارت بيدها على الضرر الناتج عن عراكه مع طه..فقال ببرود ثلجي
اللي حصل ده انتي كنتي السبب فيه لما رفضتي نتكلم لوحدنا.
تابعت بروده المتحكم به حتى أثناء محاولاته في انقاذ علاقتهما.
ومن حقي ارفض يبقى مكنش ليك الحق انك تعمل كده في مكان شغلي.
احتدت عيناه وهو يتابع إصرار كلماتها الأخيرة والتي لوحت له بعدم موافقتها بترك عملها من أجله.
شغلك ده انتي هتسبيه يا شمس وهترجعي معايا البيت.
عقدت ذراعيها أمامها وهي تطالعه بتهكم أشعل نيران الڠضب داخله
ده لما تردني مش كده!.
أنتي عارفة كويس أن عمري ما اعمل حاجة ڠصب عنك صح ولا لا..
تفهمت مقصده الذي رمى إليه بنهاية حديثه يذكرها بموافقتها التامة في أي قرار اتخذه بحقها فردت بشراسة لأول مرة يعهدها منها
تمام وأنا مش عايزة أرجعلك تاني.
سألها بهدوء استفز ثباتها
ليه يا شمس!
تجمعت الدموع بمقلتيها سريعا وهي تنظر له غير مصدقة سؤاله البارد بحق ما عاشته معه
ياااه ليه ياشمس! يمكن مثلا علشان انت طلقتني..
بتر حديثها ملوحا لها لحديثهت الذي چرح كرامته.
كنتي أنتي السبب فيه لما قولتي كلام جرحني.
ضړبت المكتب الزجاجي بيدها بعصبية
قصاد كام مرة انت چرحتني فيهم!.
تقدم منها بخطوات هادئة فتراجعت للخلف رغم أن المكتب يمثل حائلا بينهما
أنا عمري ما جرحتك وانتي عارفة كده كويس بدليل عمرك ما جيتي ولا واجهتيني بحاجة زي دي أنا كنت بعاملك غير أي حد وانتي قابلتي ده كله بانك
حطتيني في خانة المغفل...
صړخت قائلة
مش مغفل على قد ما هو خوف منك.
ضحك متهكما
ليه ھقتلك..هضربك قوليلي هعمل فيكي إيه!.
ابتسمت ساخرة له وهي تشير بيدها
كنت هتطلقني..أنا كنت بحاول احافظ على حياتي معاك اللي انت في لحظة بعتها.
ضړب صدره بيده مردفا پغضب جامح حاول تحجيمه من أجلها
حطي نفسك مكاني انتي خونتي عهد ما بينا...خالفتي رأي من ورايا جرحتيني بكلامك وانتي عينك في عنيا كنتي بتتحامي في زيدان مني عايزني اعملك إيه اخدك في حضڼي.
جزت فوق أسنانها وهي تتابع