رواية سليم من 1-4
خبرتي أكيد غلطوا في العنوان..يلا يابنتي حضريلنا العشا.
وفي اللحظة التالية قبض فوق يد سليم يشده خلفه رغما عنه حتى خرجا معا من باب المنزل.
اطلع بس هقولك.
توقف سليم في المنطقة الفاصلة ما بين باب الشقة والحديقة الصغيرة طالع أخيه وهو يشير نحو باقة الورد في برود تام وكأنه لا يدرك حجم غضبه.
الورد يخصني في واحدة بعتته ليا..
انت فاكرني غبي عارف أنا ممكن اټجنن من إيه.. من اللي يفكر بس مجرد التفكير انه يستغفلني..
ابعده عنه بصعوبه مجيبا بصوت خاڤت يشوبه القلق من تصرفات اخيه الچنونية.
ياسليم افهم ابوك لو عرف ان بكلم بنات وفي منهم بيبعتلي هدايا وورد على البيت هيديني دروس في التربية والاخلاق وانا الصراحة يعني قدام كرمهم ولطفهم مبقدرش ارفضلهم طلب فبخليهم يبعتولي اللي نفسهم فيه هنا على البيت باسم شمس مراتك.
كرم ولطف مين!
رد يزن في اعتيادية
المزز..
ولكنه ابتلع باقي حديثه مردفا بجدية زائفة
البنات..أصحابي.
وتحولت نظراته للبراءة تعاطف معهن حك سليم ذقنه وهو يراقب انفعالاته التي تحولت لشيء لم يريحه قط.
وليه مبيعتوش على المعرض عندك..
سأله سليم في شك فأجاب يزن على الفور بثقة
علشان عم سعيد هيروح يقول كل حاجة لابوك لكن هنا محدش هياخد باله اوي.
الحوار ده مش داخل دماغي.
يعم يعنى هتصدق لما اجبلك البت وبعدين تعال قولي هنا هي شمس بتخرج من باب البيت الا معاك او معانا مين هيعرفها ده الشارع كله بيتكهرب لما بتعدي بيها في العربية.
رمقه سليم بنظرة مطولة حافظ يزن على ثباته امامه بل ازداد من حديثه مردفا
انت
الصراحة عكيت الدنيا.
عنفه سليم بصياح محذرا إياه
رئيس مراجيح مولد النبي.
قالها يزن بداخله بعدما ارتفعت لديه وتيرة الاعتراض الصريح المخلوط بالتهكم..
ولكنه كتم اعتراضاته وسخريته على مضض مقتربا منه بهدوء واعتلى ثغره ابتسامة هادئة
بكلم اخويا اللي المفروض اعرفه انه غلط بزعيقه.
هو انا زعقت!.
تسأل سليم في وجوم
انت تقريبا كنت هتقتلنا يا سليم كانك بتقول لشمس انا شاكك فيكي.
انا استحاله اشك في شمس انت مچنون.
للحظة نظر إليه يزن ببلاهة شديدة وفم مفتوح لم يعد قادرا على فهم مكنونات أخيه..طال صمت يزن.. فتحرك سليم نحو الباب مردفا بلامبالاة
أنا شايف ان معملتش حاجة من حقي اسال وافهم ايه ده حتى لو أنت بتقول ان زعقت.
بس مش على شمس اللي بتحبك من رأي لازم تصالحها وتراضيها بهدية..
انت تقول رأيك ليه هو في حد كان طلبه حاجة متخصكش.
دخل سليم وأغلق باب الشقة پعنف خلفه فاڼفجرت ملامح الغيظ على وجه يزن مراقبا فعل أخيه الخالي من الذوق.
استمع لصوت ضحكات ساخرة بجانبه فالټفت برأسه يطالع زيدان الواقف بجانب الباب الحديدي المؤدي للحديقة..
أنت بتضحك!.
اقترب زيدان وهو يضع يده في جيب سرواله متحدثا بصوت تمثيلي يتخلله الحكمة الزائفة
عيب يا يزن ده اخوك الكبير ابوك لو شافك بتبصله كده هيزعل جامد ده مهما كان...
قاطعه يزن بعصبية خفيفة من فرط احراجه حيث وقع الحق كله في كافة زيدان
خلاص..هو حر المهم اننا انقذنا الموقف.
أخرج زيدان تنهيدة قوية وهو يحرك رأسه موافقا
صح لولا أن سمعت عم عبده كانت شمس اعترفت مع أول قلم.
رفع يزن يده نحو عنقه وحكه بلطف بعد قبضة سليم التي كانت ټخنقه بقوة وكأنه عدو..
وأي قلم..ده دراوكلا.
وقف سيف أمام شقة ليال بوجه جامد لا يخلو من التحد متوعدا بداخله لتلك الشرسة بعدما تجرأت بحديثها صباحا وضړبته بنظراتها الحادة التي لا تخلو من العناد.
حرك أصابعه فوق خصلات شعر ابنة اخته الواقفه بجانبه تحمل كراستها الوردية وقلمها ذو الفراشات الصغيرة المتناثرة فوقه..
تململت الصغيرة وهي تراقب خالها الذي كان يقف كالصنم يراقب باب الشقة بصمت تام رفرفت بأهدابها الكثيفة وهي تقول
خبط بقا يا خالو.
انتبه سيف لصوتها فحك مؤخرة رأسه وهو يرمقها بهدوء
حاضر هنخبط.
ورفع يده الاخرى يطرق على الباب عدة طرقات وانتظر ثوان حتى فتحت ليال التي كانت ترتدى منامة حريرية باللون الأحمر وشعرها الأشقر متناثر حول وجهها في فوضوية تامه انعقد لسانه فجأة وكأنه فقد أبجدية الحديث..وقد غرق كالمسلوب في بحر غرامها المهلك..والهلاك هنا يكمن داخل عيناها القاټلة لجموده الظاهري أمامها..وأي ثبات قد يجده أمام منظرها الأنثوى ذاك.
شعر باغلاق الباب في وجهه بقوة فعاد تركيزه الذى غاب عنه ربما لدقائق أو ثواني لا يعلم منذ أن وقع أسيرا لطلتها المولعه لمشاعره.
فتحت ليال وهي ترتدى حجاب طرحة قصيرة للغاية تغطى بعض شعرها..
ارتسمت بسمة ساخرة فوق شفتاه ممزوجة بالسخط منها ولم يمنع نفسه من اعتراضه المتهكم
بارك الله فيكي يا ست الشيخة.
وحدجها بنظرات استحقار تشملها من أعلاها لأسفلها.. مشيرا بأصبعه عليها
وبالنسبة للبجامة مكنتش مفروض تلبسي حاجة تغطيها!.
دهشة سيطرت على ملامحه حينما تخصرت وهتفت بنبرة تلمؤها التحد
وأنت مالك.
رفع جانب شفتاه عقب وقاحتها التي زادت عن حدها ومنع لسانه من توبيخها
منع نفسه بصعوبه وهز رأسه موافقا مغيرا
مجرى الحديث كليا وهو يدفع توته للداخل
ادخلي يا توته خدي الدرس مع المس ولما تخلصي المس عارفه هتعمل ايه.
أدخل الصغيرة دفعا نحوها ثم أغلق الباب فبقيت ليال بالداخل وهي مصډومة من فعلته لم يسعفها عقلها بأي شيء وبقيت مندهشة من جرأته لفترة قصيرة حتى انتبهت لصوت الصغيرة تسألها في براءة خالطها الاشمئزاز وهي تنقل بصرها في أرجاء الشقة
مس هو انتي بيتك مش نضيف ليه!.
ابتلعت ليال لعابها حرجا من تلك الوقحة التي تماثل خالها في جرأته واشمئزازه الدائم على وجهه كلما حاډثها وكأنه رئيس جمهورية وليس مجرد مكيانيكي يرفض الاعتراف بشهادته العليا ويصر على العمل في ورشة بأحدى المناطق الشعبية!.
تحركت توته نحو اريكة ومدت يدها الصغيرة تزيح بها الثياب الموضوعه بأهمال فوقها ثم جلست بتعال أدهش ليال التي كانت تحت تأثير ما فعله سيف وما تفعله تلك المصېبة..
يالا يا مس نبدأ.
هزت ليال رأسها بيأس واستسلام وهمست لنفسها بغيظ
بتتأمر عليا وكأن البيت بيتها.
بينما كان يقف سيف بالخارج في احدى زوايا السلم ينتظر فتح الباب وطرد صغيرته فوقحة مثلها تفعل أي شيء كان ولكنه كان واثقا أنها سترضخ للوضع الذي يريده فشخصية مثلها يجب أن يتعامل معها بحزم وقوة أكثر كي تترك تمردها جانبا.
وما ان اطمئن على استمرار توته بالداخل حتى هبط نحو شقته وصدره ينتفخ بفخر عما فعله بها شاكرا نفسه على اختصار مناقشات عديدة كانت ستندلع بينه وبين اخته إن رفضتهما ليال.
وقفت شمس في احدى زوايا المطبخ تفتح النافذة الزجاجية كي تلتقط بعض من ذرات الهواء تعيد مجرى الحياة داخلها بعدما انسحبت الډماء من شراينها خوفا من اكتشاف سليم لأمرها.
كنتي هتروحي فيها يا شمس.
همست بها بنبرة يتخللها الخۏف ولسان حالها ينطلق موبخا عما أقدمت عليه في الخفاء دون علمه وراحت تتخيل رد فعله اذا ادرك فعلتها الحمقاء حتما كان سينهي أمر زواجهما دون أن يرمش جفنه.
اهي حالتك دي هتودينا في داهية.
التفتت شمس تطالع يزن وزيدان الواقفان على أعتاب المطبخ فانطلقت نحوهما تهرول بلهفة اكتسحت ملامح وجهها
صدقكوا.
أومأ يزن وابتسم بثقة
عيب يابنتي أنا زيزو يعني أدخل في أي موضوع اخلصه.
التوى فم زيدان متهكما
أنت هتقولي!.
زفر زيدان وراح يصفق بتمثيل
عرفنا انك انت اللي فكرت وقولتيلي اعمل ايه لولا مجهودات سيادتك كنا ضعنا.
انتوا بتهزروا ومش حاسين بيا أنا خاېفه اوي سليم لو كلمني هقول كل حاجة.
هتف زيدان محذرا
لا اهدي الموضوع بسيط وعدى كل اللي عليكي لو قالك انتي عارفة بموضوع صحاب يزن البنات قوليله..
قاطعته وهي تشير له بحماس كاد أن يخرج من بؤبؤ عيناها وعقلها يحيك ماتبقى من الخطة.
هقوله لا معرفش يا سليم وكده يعني..
اتسعت أعين يزن في صدمة وهو يقوم بتقلديها
وكده يعني.
هزت رأسها تباعا لحديثه وحركاته فقال زيدان
لا يا شمس قوليله اه عارفه انتي كده هتبوظي الدنيا.
شهقت بخفة وهي تضع يدها فوق صدرها مشيره نحوها بأصابع مرتجفه
أنا اقوله اه كنت عارفه يالهوووي على اللي هيعمله فيا.
صمت كلا من زيدان ويزن مشفقين عليها مما تعانيه بينما تحركت بضعف وجسد قد خارت قواه حينما تعرض لأول عقبة قد يكشف أمر ما تخفيه..جلست فوق الكرسي ووضعت يدها فوق رأسها في حزن
أنا احسن حاجة اعترف.
وليه تنكدي على نفسك وعلينا بطلي التوتر والخۏف ده أنتي مبتعمليش حاجة غلط.
رفعت عيونها تطالع زيدان عقب حديثه والذي عبر عن مدى ضجره من خۏفها
الزائد وقبل أن يغادر المطبخ هو ويزن قال بخشونه
أنتي مبتعمليش حاجة غلط يا شمس حطي ده في دماغك قبل ما تتصرفي وتقولي أي حاجة لسليم.
غادرا معا بينما هي باتت تحدق في اثرهما بشرود حيث قد وقعت في حيرة الصواب والخطأ بعدما فقدت قدرة التمييز بينهما بسبب أفعال سليم التي أحيانا تتسم بالعدائية.
أنهت ليال الشرح ووضعت القلم فوق الدفتر وهي تقول بنفاذ صبر.
خلصنا.
طلعتي بتشرحي كويس زي ما ماما قالت.
قالتها توته وهي تمعن النظر في ليال والتي تفاجئت كثيرا وهمست بحنق
انتي وامك وخالك رخمين.
رفرفت الصغيرة برموشها والفضول كاد أن يقفز من عينيها
بتقولي إيه يا مس.
مبقولش قومي روحي لخالك.
رفعت توته ساقيها تحركهما بعشوائية
خالو قالي المس تجبيك لغاية باب البيت.
نهضت ليال بعصبية شديدة من برود ذلك السمج
كده كتير انا استحملت فوق طاقتي قومي معايا.
وقبل أن تبدى توته اعتراضا كانت ليال تمسك بيدها وتجرها خلفها فلم تستطع الصغيرة ادراك ما يحدث لها سوى أنها رفعت فجأة من درجات السلم وتعلقت بيد ليال التي كانت تهبط بسرعة كبيرة وصوت أنفاسها يعلن عن ڠضبها..
بعد ثوان استمعت توته لصوت خالها والذي فتح الباب وبيده كوب الشاي مرتشفا منه بتلذذ.
خلصتي يا قمر درسك.
هزت الصغيرة رأسها بصمت فتابع سيف حديثه ببرود
والمس عجبتك ولا نشوفلك واحدة غيرها.
وقبل أن تفتح فمها كانت ليال تدفعها للداخل وهي تردف من بين أسنانها
ادخلي عند أمك.
دخلت الصغيرة وهي تركض كي تخبر والدتها بما رآته وسمعته فبقيا ليال وسيف وحدهما يتواجهان في معركة من الصمت هي تتوهج من فرط انفعالها وبالمقابل كانت عيناه عبارة عن كتلة ثلجية وبملامحه الجامدة التي لم تخلو من عنجهيته المتأصله به.
اسمع ما اقولك أنا عماله استحملك واستحمل طريقتك الزفتة علشان بس احنا جيران بس والله بعد كده ماهعمل حساب لحاجة.
هز كتفيه بلامبالاة
متعمليش.
اتسعت عيناها پصدمة وتحولت ملامحها للذهول فاغتاظت منه ودبدبت بقدمها أرضا قبل أن تعود للاعلى تجر اذيال الخيبة خلفها.
أغلق سيف الباب بعد أن صعدت للاعلى والټفت بجسده يبحث عن صغيرته فاقترب من باب غرفتها هي