رواية ياسمين الفصول من 1-5
ابتلعت ريقها وطردت زفيرا من صدرها وهي تستمع له يهتف
انتي كده بتصعبي الموضوع
استدارت لترمقه بحنق و
معتصم لو عرف اللي انت عملته معايا ده مش هيعديها بسهولة
ف جأر بصوت جعلها ترتعد
أنا مش عايزها تعدي بسهولة وأعلى ما خيله يركبه
وأشار للورقة وهي يسأل بصوت جهوري
هتمضي وتخلصي نفسك من اللعبة القڈرة دي وإلا مش هتشوفي وش جوزك تاني هخسف بيكي الأرض ومش هخلي ليكي أثر يعطر عليكي فيه
صمت هنيهه وختم عبارته التحذيرية الشديدة اللهجة
يارغدة
حدجته بنظرة عاجزة قليلة الحيلة بينما هو متلذذ بتلك النظرات الضعيفة ويبادلها بأخرى أكثر جرأة التقطت الورقة وقلم وعادت ترمقه قائلة
ف ابتسم بظفر و
معتقدش جوزك هو اللي هيندم لأن إيدك فيها سلطة أكبر منه
وضعت بيدها توقيعا جبريا على التفويض الذي سيفسد لعبة معتصم لتعطيل عمله لم تكترث برد فعل زوجها حينما يعلم كل ما يشغلها الآن هو التخلص من هذا المأزق ومن هذا المحبس الإجباري الذي وضعت فيه
رمت بالورقة والقلم و
أفتح الأبواب وانزل من عربيتي
نظر للورقة بتمعن متشفي ثم طواها ودسها في جيبه وبدأ بتشغيل جهاز الكاسيت الخاص بالسيارة ف اهتاجت وقد نفذ صبرها وهي تصيح فيه
انت بتعمل إيه بقولك تنزل وانت بتلعب في الزفت الكاسيت
تؤتؤتؤ أخلاقك اتغيرت وبقيتي عصبية أوڤر يعني يارغدة
ثم ترك ما يفعل وبدأ يهم ليترجل عن السيارة و
أنا كنت بشغلك حاجه تغير المود بتاعك
وهبط عن السيارة تحركت هي لتأخذ موضعها خلف عجلة القيادة بقفزة رياضية رشيقة أغلقت الباب والنافذة بتشنج مجاهدة للإنصراف من هنا بسرعة ورغما عنها رفعت بصرها نحوه فوجدت تلك الإبتسامة الشامتة تطفو على ثغره ولوح لها قائلا
باي باي
لم تكن في حال يسمح لها بالعودة لمنزلها هذا العش الذي شهد أسوأ لحظات حياتها طوال السنة الماضية وحتى هذه اللحظة الألم لا ينتهي كلما تشرق شمس تعتقد إنه سيخمد ولكن القمر بظلمته يخبئ لها في كل مرة قدرا جديدا
فتحت لها نغم الباب وأدخلتها ومن خلفها إبراهيم ساندتها حتى غرفتها وما أن مددت جسدها المرهق على الفراش حتى بدأت نغم تنزع الحجاب عن رأسها و
حمدالله على السلامة ياملك
نظر إبراهيم لحالها بضيق و
مش فاهم إيه السبب في قعدتك هنا ما تيجي البيت معايا لما مش عايزه تروحي مع جوزك!
ثم أبدى اعتراضه
مع إني مش راضي على موضوع بيات برا البيت ده!
هنا أحسن عشان أكون براحتي ونغم هتكون جمبي محتاجة أكون في مكان جواه ريحة أمي
بالرغم من مجهوداته المضنية كي لا يظهر امتعاض وجهه وشعوره المفاجئ بالڠضب إلا إن تعابير العصبية بزغت على وجهه على الفور
بلاش دلع ياملك بيت جوزك كان أولى بيكي
استمع لطرقات على باب الشقة ف استشف هوية الزائر و
أكيد جوزك جه على هنا لما خد خبر إننا خرجنا عاجبك المشاكل اللي هتعمليها بسبب عندك ده!!
أطبقت جفونها مستدعية لحظات الۏجع والمړض
مش قادرة أتكلم وأناهد يابابا من فضلك خليه يمشي
خرج إبراهيم كي يتصرف بنفسه في الأمر لئلا يتفاقم هذه المرة ف هو على دراية ب طابع محمد الحاد قليلا فتح الباب فوجد صوته الجهوري وقد صاح فجأة وهو يردف
يعني ينفع كده ياعمي!! تخرجها قبل ما اجي وكمان تجيبها هنا! هو انا مش جوزها ومسؤول عنها ولا إيه! انا مينفعنيش الكلام ده
فحاول إبراهيم أن يكون عاقلا هادئا بعدما أغلق الباب
وطي صوتك يامحمد واسمعني
وأخفض صوته قليلا
أنا مبقولش الكلام ده قصاد ملك عشان متتمرعش تستقوى لكن في حجات بتحصل مش عجباني يابني دي مش أول مرة ملك تدخل مستشفى بنفس الشكل ونفس الأعراض ونفس الشكوى الدكتورة النهاردة حذرتني وقالتلي لازم تروحوا لمتخصص و
وكأنه قد جن جنونه مع ذكر لفظ متخصص وسرعان ما تفوه بكلمات منفعلة
متخصص إيه وبتاع إيه ياعمي أنا أدرى واحد باللي المفروض يحصل واللي ميحصلش بنتك بتدلع وانا بصراحة بقا زهقت
وإذ ب نغم تخرج من الغرفة وتسلك الردهه متجهه للمطبخ وعندما لمحها محمد لم يواري كراهيته له
مين جاب البت دي هنا!! مش انا قولت لبنتك تقطع علاقتها بال الشمال دي!
فعنفه إبراهيم محافظا على خفوت نبرته
مترميش بنات الناس بالكلام الو ده يامحمد إحنا عندنا ولايا
أنا مبحبش اشوفها مع مراتي من الآخر مش عايزها تبهت بشكلها ده عليها أنا حر
فطاوعه إبراهيم لإنهاء الحوار بسرعة و
هنشوف المسألة دي لما ملك تتحسن المهم سيبها النهاردة أنا هاخدها عندي البيت و
وقبل أن يتابع كان محمد يقطع الحوار و
مش هيحصل على چثتي أسيبها ساعة واحدة برا بيتي
ورجعتي
رجعت
قالتها ملك بصوت مقهور وهي تغالب الدموع التي تترقرق بانهمار رغما عن محاولاتها الفاشلة في كبحهن كانت تنظر للسقفية ممدة على فراش منحني مريح شيزلونج وهي تتحدث بتلقائية للطبيب النفسي المعالج التي يباشر حالتها منك ثلاثة أشهر دون علم من أحد وبعد أن غابت عن جلساته أكثر من أسبوع بسبب مرضها ها هي تعود له بحال أسوأ أصبحت حياتها گالجحيم على الأرض ولا يستطيع ضعفها التصدي له وهي خائرة ليس فقط ألم جسدها الذي يستنزف في علاقة لا ترضيها وتضر بها ولكن الألم المعنوي والنفسي أقوى وأشد إيلاما ليست هذه فقط المشكلة المشكلة تكمن في إنسان لا تحب حتى التواجد معه والتنفس سويا في مكان واحد إنسان يقلل من قيمتها ويراها گالإطار الجميل النفيس الذي لا يجب أن يترك جداره أصبحت الحياه مستحيلة معه وهي تحس بعمرها الصغير سيسرق من أسفل قدميها دون أن تشعر
مسحت ملك دموعها وقبل أن تردف كلمة أخرى كان هادي يمسح على بشرتها بنعومة بالغة ويقول بنبرة متعمدة تهدئتها
ممكن تهدي ياملك أنا مش قادر أشوفك في الحالة دي وعاجز عن إني أعمل حاجه!
أطبقت جفونها وتركت يده التي تمسح على وجهها ورأسها المغطاه بحجاب فيروزي ناعم بحنو لا تشعر به سوى منه هو هو الإنسان الوحيد الذي وجدت ضالتها به نظرته الرقيقة التي تحب فيها بصمت صوته العذب كلماته التي تعبر من مسامعها وكأنها لحن تحبه لقد وقعت في المنطقة المحظورة وانحدرت نحو مشاعر محرمة لأول رجل عاملها گأنثى وأشعرها بقيمتها أول رجل يدللها گطفلة ويعشقها گروح وكأن للحب مفهوم جديد لم تعرفه سوى معه تختبر مشاعر لم تشعر بها مع زوجها الذي لم يراها سوى منفذ لإرضاء شهواته وبطريقة متهجمة
فتحت ملك عيناها لتنظر إليه بعينان يلمعان ب احمرار أثر البكاء الطويل ثم همست
ياريتك كنت هو ياريت كنت انت جوزي ياهادي
الفصل الثالث
كان الأمر قويا عليها وكأن الشيطان يسلسلها بوساوسه الخبيثة كي تترك نفسها خلف رغبة جامحة تحاول التغلب عليها عناقه همسه وصوت أنفاسه اللاهثة التي تستمع إليها لمسته الرقيقة لها والتي حبذتها ولكنها گالنيران على جسمها هي تدري أن عواقب الأمر النفسية عليها ستكون وخيمة ف هي مدربة على جلد الذات وتأنيب نفسها بشكل دائم جعلها لا تقبل بوجود الخطأ في حياتها
ابتعدت ملك عن حصار عناقه المحبب لها واعتدلت في جلستها وهي تنظر للساعة
أنا اتأخرت النهاردة
شعر بها وبرفضها لتلك العلاقة التي تطورت عن كونها طبيب ومريضة رغم تلميحه الصريح لها بإعجابه الشديد إلا إنها لم ولن تقبل
تكبد هادي العناء وهو يضبط نفسه وإنفعالاته التي انجرفت نحوها وطرد زفيرا مطولا أتبعه بنهوض عن مجلسه و
تحبي أوصلك
لأ
سحبت حقيبتها ونظرت حياله كان يدنو منها حينها و
هتعملي إيه مع جوزك
تركت غفوتها الصغيرة الآن وتأففت وهي تردف
معرفش بس أكيد هيكون في حل
تعجبت وتنغض جبينها وهي تسأل
هي الممرضة بتاعتك مدخلتش علينا النهاردة گالعادة ليه
أجازة
تناول يدها الصغيرة بين يديه ونظر لها متعمقا
خلي بالك من نفسك ياملك أنا مش هستحمل أشوفك بالحالة دي كل مرة
أطرقت جفونها پقهر فتابع هو
سيبيه أخلعيه لو عايزة القانون في صفك لكن مينفعش تعيشي معاه كده
أومأت رأسها ب إيماءه صغيرة مجيبة عليه
بحاول أوصل لده بس دلوقتي لازم امشي
سحبت يدها رغم إنه كان يتمسك بها جيدا وقبل أن تتفوه كلمة كان هو يردف
لازم تيجي في يوم بدري شوية أنا ملحقتش أشبع منك
ابتسمت بخجل في لحظة نست من تكون وما هو وضعها ف سماع كلمات گتلك غير معتادة عليها تؤثر في نفسها أكثر وتشعرها كم هي مظلومة بتلك الزيجة! وتجعلها تمقت حتى مجرد تواجدها مع إنسان لا يستطيع تقديرها والتعامل معها بود ورحمة وتآلف كما حث الدين الإسلامي وعاشروهن بالمعروف
وفي اللحظة التي آمنت فيها إنها تكن له شيئا هي اللحظة التي قررت فيها تطليق زوجها ومهاجرة تلك العيشة التي أجبرت عليها لم تتحمل كونها آثمة يأتي الليل ومعه تأنيب الضمير الذي يعذبها تعذيبا لا نهاية له ومع كل مرة تراه مجددا يتلاشى هذا الشعور ليكون محله الشوق والحنين اللذان لا ينتهيان متى ينتهي عڈابها المزدوج من ناحية زوج لا ترغبه وأخرى حبيب ترفضه تعاليم الدين والمجتمع حقا أصبحت بين المطرقة والسندان وبقى القرار لها في النهاية
ركضت رغدة من أمامه بعدما وصل لذروة اهتياجه وعنفه وعصبيته منذ أن علم معتصم بتفاصيل تلك الحاډثة بعد مرور أسبوع عليها اهتاج أكثر كونها جعلت الأمر سرا والأسوأ هو مفاجئته بالخبر من مصدر خارجي أبلغه بخروج ماكينات تخص يزيد من أيدي الجمارك بسهولة ويسر بعد أن عثر معتصم ذلك
أوصدت رغدة الباب عليها ومازال صوت التكسير والتهشيم بالخارج مع صراخه وصياحه تنفست الصعداء وهي عاجزة عن التفكير في حل يهدئه ويرضيه حتى كلمات المواساة لن تفلح معه الآن التزمت الصمت بعدما بدأ السكون يعم ولم تعد تسمع له صوتا ف فتحت الباب بهدوء وراحت تختلس النظر إلى موقعه كان قد جلس على الأريكة ونصف جسده ممتد للأمام يستند بذراعيه على ركبتيه كأنه كان يعارك أحدهم توا انفرط عرقه وبرزت عروق جبهته وعنقه بوضوح اضطربت رغدة أكثر