رواية خالد من 1-5
حد جديد معيشك الحالة دى.
أدركت لين أن مؤيد يقصد هذا المليونير محمود عزمى ..والذى دارت الشائعات مؤخرا عن قصة إرتباط قريب بينهما..إذا هو يتابع أخبارها ..فليكن ..وليظن ما يريد فهي لن تهتم..
أفاقت من أفكارها على صوته يقول وقد عادت إليه سخريته
مقلتليش..أخبار محمود عزمى إيهياترى مبسوطة معاه
إبتسمت ببرود قائلة
جدا ..الصراحة مش عارفة أقولك إيه..إنسان أخلاق وذوق..ورقيق وحنين ..حقيقى جنتل مان.
وهو فين دلوقتى مش معقول يسيبك فى حفلة زي دى بالمظهر ده وميكونش موجود.
قالت بغيظ
محمود مسافر..وبعدين ماله مظهرى ها
مظهرك..وهو فين المظهر دهانا تقريبا شايفك أدامى ..ده حتى . كان أرحم من اللى إنتى لابساه ده.
إتسعت عيناها پصدمة قائلة
إنت بتقول إيه ..هاإنت أكيد إتجننت
مال عليها يقول ببرود
إتجننت عشان بقولك الحقيقة..على فكرة انا جوايا كلام أسوأ من كدة..بس مش عايز أجرحك أكتر.
ليستطرد مستعيرا كلماتها وهو يقول
لإنى بجد جنتل مان.
عموما إنت ملكش دخل فى لبسى ولا حياتى..إحنا إتطلقنا ..يعنى كل واحد دلوقتى راح لحاله وكل واحد حر فى تصرفاته.
نظر إليها نظرة غامضة وهو يقول
صحيح إتطلقنا بس صدقينى ..من النهاردة خلاص مش هتكونى على حريتك ولا هتقدرى تقولى أنا حرة ..واللى مش عاجبه برة..من النهاردة إنتى خلاص هتدخلى عرين الأسد ..ومش هتخرجى منه..وهتبقى الحكاية ياقاتل يامقتول..ودلوقتى أدامك بالظبط عشر دقايق تكونى سايبة الحفلة وماشية مع صاحبتك اللى مشيت دى وإلا قسما عظما هعملك ڤضيحة هنا فى المكان ويحصل اللى يحصل.
إيه الكلام الفارغ ده.
إبتسم مؤيد قائلا
ده مش كلام فارغ..ده كلام مؤيد الحسينى..ياريت متنسيش بس إنى حذرتك..سلام يا...ياقطة.
وإبتعد مغادرا تتبعه عيناها بحنق..كادت ان تتحداه وتنتظر فى الحفل ولكنها تعرف مؤيد جيدا لتدرك أنه لا يلقى تهديداته جزافا..لا يفعل ذلك مطلقا..لتقرر الإستسلام مؤقتا لتهديده مع وعد منها برد أفعاله عليه..والإنتقام منه..ولكن بالتأكيد ليس هنا وليس الآن..لټضرب بقدمها الأرض بغيظ قبل ان تغادر بخطوات حانقة تتبعها عينا مؤيد الذى إبتسم لأول مرة منذ زمن....بإرتياح.
ممكن أعرف المدام متعصبة كدة ليه وإزاي تكلمينى أصلا بالأسلوب ده أدام أختى..إنتى أكيد إتجننتى.
إلتفتت إليه شاهيناز قائلة بحنق
إتجننتأيوة أنا إتجننت..لما جوزى يزعقلى أدام ناس غريبة لازم أتجنن..لما يتساهل مع واحدة إستغلت شهرته عشان مصلحتها الشخصية ..يبقى لازم أتجنن..لما لغاية دلوقتى بسمع لومه وعتابه مش إعتذاره يبقى لازم اټجنن.
تأملها خالد ببرود قائلا
خلصتى
نظرت إليه پغضب قائلة
لأ مخلصتش..أنا عايزة أفهم إنت بتعاملنى كدة ليه هاعملت فيك إيهمن يوم ما رجعت من السفر وإنت مش على طبيعتك معايا..مشاعرك بعيدة عنى..وكأن بينا جبال وسدود..مبقتش خالد اللى حبيته وعرضت عليه الجواز وحطيت تحت إيده فلوسى وكل ما أملك..مش إنت خالد أبو بنتى ريم..انا عايزة أعرف خالد ده راح فين
نظر إليها فى برود لا يعكس مشاعره المضطربة وهو يسأل نفسه كل تلك الأسئلة..ماالذى حدث له..منذ عاد إلى منزله من جديد وهو يشعر بأنه ليس خالد نصار الذى يعرفه..أصبح داخله فارغا..وكأنه ليس هو..هناك شخصا آخر بعقله وقلبه يرغب بالصړاخ عاليا..يطالب بالخروج والتعبير عن نفسه..شخص لا يهوى التجارة ولا الأعمال..بل شخص يهوى التأمل والغوص فى الطبيعة..ربما يظهر قاسى القلب بارد النبضات ولكن بداخله طفل صغير يحتاج فقط إلى الأمان والإهتمام والحب..شخص لم يجد ما يحتاجه بين جوانب شركته الكبيرة..ولا بين جنبات منزله الواسع متعدد الحجرات ولا بداخل حضڼ زوجته..بل وجد راحته داخل أحلامه مع تلك الفتاة التى تثير كيانه وشغفه..تشعره بقوة الحياة..ليعقد حاجبيه وهو يتذكر تلك الكاتبة التى تدعى جورية..إن بها بعض ملامح بطلة أحلامه الغامضة..نفس الشعر ولكن لونه يختلف قليلا..نفس البشرة ..الطول ..القوام..ربما هذا ماجذبه إليها اليوم وأرسل تلك القشعريرة فى جسده..وسارع نبضاته وهو بجوارها..أو ربما هو جسدها الرقيق الذى حمله بسرعة حين أغشي عليها.. وما أثاره عطرها الرقيق المميز فى حواسه أو ربما هي رقة جسدها الصغير بين يديه..أو هو صوتها الملائكي النبرات والذى جذبه بقوة ليصبح أسيرا له..لا يدرى حقا ماالذى جذبه إليها ولكنه يدرك بالتأكيد أنها تبدو مألوفة لديه بشكل يثير الإضطراب..أفاق من أفكاره على صوت شاهيناز وهي تقول بحدة
ماترد علية..خالد جوزى راح فين
نظر إليها قائلا ببرود
أنا موجود..لسة زي ماأنا..وقبل ما تبتدى الإسطوانة المشروخة بتاعة كل مرة على إنى بطلت أحبك وإنى أهملتك والكلام الفارغ ده عن إنى مشغول بواحدة تانية فأحب أوفر عليكى كل ده وأقولك إن دى كلها اوهام فى دماغك ملهاش أي أساس من الصحة..حابة تصدقى براحتك.. مش حابة إنتى حرة..بس ياريت تبطلى تفكرى فى الكلام الفارغ ده وبدل ما تحطينى تحت عنيكى وتاخدى بالك من تصرفاتى..خدى بالك من تصرفاتك إنتى ..وحطى بنتك تحت عنيكى وإهتمى بيها..لإن إهمالك ليها بدأ يعصبنى..وإهتمامك بشغلك وحفلاتك مبقاش مخليكى فاضية لحد غير نفسك.
كادت ان تعترض وقد ظهر الحنق على ملامحها..ليشير إليها بالصمت وهو يقول بصرامة
كلمة زيادة وانتى اللى هتندمى بجد.. لإنى بجد مريت بيوم صعب ومش هكون مسئول دلوقتى عن رد فعلى .
صمتت وقد ظهرت عروق جبهتها ڠضبا وإزدادت قتامة عيونها الدخانيتين..ليقول بهدوء
انا داخل الحمام وياريت لما أخرج تكونى فكرتى كويس فى الكلام اللى أنا قلته ..ده لو حابة بجد نكمل مع بعض عشان خاطر ريم.
ليتجه إلى الحمام ويدلف إليه مغلقا بابه بهدوء..لتزفر شاهيناز بقوة وهي تقول پغضب
ريم ..ريم..ريم..عارفة إن الحاجة الوحيدة اللى مخلياك مكمل معايا هي ريم..ولولا كدة أنا كنت.....
لتصمت وقد جزعت من تلك الكلمات التى كادت ان تفلت من بين شفتيها لتواريها داخل صدرها بقوة..وهي تقول بحسرة
لو كانت حياتى مشت زي ما انا عايزة ..مكنتش هبقى واقفة دلوقتى مذلولة ليك ياخالد يانصار..بس مش شاهيناز حسان اللى تخسر حربها أدام حد..ومش شاهيناز حسان اللى تنذل ومتاخدش بتارها..أصبر علية ياخالد..بس ألاقيه من تانى.. وهتشوف أنا ممكن أعمل فيك إيه..صدقنى ساعتها هتتمنى أكمل معاك وانا اللى هرفض..والمفاجاة اللى محضرهالك هتضربك فى مقټل..أصبر بس وهتشوف.
لتبتسم بشړ وقد إلتمعت عيناها وهي ترى هذا اليوم ..تتخيله كما لو كان حقيقيا أمامها..من يدرى..ربما كان هذا اليوم قريبا.....قريبا جدا.
إقترب مؤيد من سيارته ليجد نبيل جالسا بها ينتظره..ليدخل إليها ثم ينطلق بها بهدوء..ليقول نبيل
ها عملت إيه طمنى
قال مؤيد بوجه خال من التعبير
قابلتها..
قال نبيل يستحثه قائلا
ها وبعدين
إستدار مؤيد حول هذا الملف الدائرى متجها بسيارته إلى شقته ببرود..ولكن نبيل إستشعر به الألم الذى ينبض بقلبه..ليستحثه قائلا
ها..إيه اللى حصل..ما تحكى يامؤيد.
قال مؤيد فى جمود
زي ما توقعت..إتغيرت اوى عن زمان..مبقتش تشبه لين اللى حبيتها غير فى الملامح وبس..لبسها ..كلامها..نظرتها..كل ده إتغير يانبيل.
قال نبيل بهدوء
وهتعمل إيه طيب..هنرجع فرنسا من تانى
قال مؤيد بحنق
أرجع إزاي بس وأنا لسة مشفيتش غليلى منها..أرجع إزاي وأسيبها تحقق كل أحلامها وتبقى سعيدة كمان
لتقطر المرارة من فمه وهو يقول
طب وأنا..وأحلامى معاها ..أحلامى اللى دمرتها كلها..حياتى اللى لخبطتها وسعادتى اللى حرمتنى منها..كل ده يبقى من غير تمن تدفعه وتكفر فيه عن ذنبهامستحيل طبعا..لازم أدفعها تمن كل ذنب أذنبته فى حقى..لازم اخليها ټندم على كل حاجة عملتها معايا..لازم.
قال نبيل بقلق
يعنى هتعمل إيه يامؤيد..فهمنى.
قال مؤيد بغموض
هعمل اللى كان لازم أعمله من ٣ سنين وللأسف معملتوش..بس ملحوقة..أصبرى علية يالين..هانت وهتكونى بين إيدية وساعتها مش هرحمك.
ليقع قلب نبيل بين قدميه مع سماعه لكلمات مؤيد ونبرات صوته المتوعدة والتى لا توحى بالخير....أبدا.
جلست لين على مقعد بشرفتها تتأمل سواد الليل أمامها..نظرت إلى السماء قليلا..إلى تلك النجوم التى تلألأت على صفحتها..لټقتحم ذاكرتها فجأة أحداث الماضى و كيف كانت تتشارك تلك الليالى مع مؤيد يعدون النجوم ويطلقون عليها الأسماء أيضا ..غشيت عيناها الدموع وهي تتذكر كم كانت سعيدة بذلك الوقت..كان مؤيد عطوفا محبا يمنحها الحب والحنان وتبادله مشاعره بسخاء..فحبهما كان من اول نظرة..رأته لأول مرة حين ذهبت مع أخيها وأختها لخطبة شاهيناز..فكان هو هناك..مؤيد إبن الزوج الاخير لوالدة شاهيناز..حاصرها بنظراته يوم الخطبة ثم بعدها طاردها بعشقه حتى إستسلمت كلية له ووافقت على الزواج..ليعيشا أجمل أيام العمر..يظلل العشق جنبات حياتهم..ويملأها بنفحات السعادة..حتى بدأ القلق يكتنف تلك الحياة مع تأخرهم بالإنجاب..طرقا جميع أبواب الأطباء..لا فائدة..ليس بهما أي مانع يحرمهما من الإنجاب ولكنه فقط النصيب..القدر..قدرهما أن يحرما من تلك النعمة..أربعة سنوات حاولا فيها المستحيل للإنجاب فلم يستطيعا..حتى.....
نفضت رأسها بقوة والدموع تتلألأ بعينيها ترفض الإستطراد فى ذكرياتها المريرة..ترفض كلية أن تستعيد ذلك الألم الذى يصيب قلبها كلما غاصت فى تلك الذكريات..زفرت بقوة..تتساءل لماذا ظهر أمامها ليثير فيها تلك الذكريات مجددا..لماذا عاد وعاد معه الشوق والحنين والألم..لماذا يتابع أخبارهاوماذا يريد منها الآنألا يكفيها مانالها منه فى الماضى..ألا يكفيه ما آلت إليه بسببهحسنا..فليعد مجددا إلى حياتها ولن تهتم..ستتجنبه فقط..وإن حاول مضايقتها ستكون له بالمرصاد ..وستكيل له الصاع صاعين..وأبدا لن تضعف ولن ترحم..فلم تعد أبدا كما كانت بالماضى ولن تعود مجددا......أبدا.
نفضت جورية غطائها ونهضت من سريرها فالنوم خاصم عينيها وجافاها مع تلك الصدمة التى أصابتها اليوم..كانت تدرك أنها يوما ما ستجده من جديد..ستسأله لماذا تخلى عنها وما الذى فعلته ليكون جزاؤها الهجران دون سبب..كان لديها أمل أن يكون لديه سبب مقنع لإبتعاده عنها..وأنها ستسامحه ويكملان قصة عشقهما الأبدي كما أخبرها بالماضى....
وبالفعل كان اللقاء ولكنه لقاء مرير..صاډم..فلم تكن تتوقع أبدا أن يظهر لها كرجل متزوج ولديه طفلة..لم تكن تتوقع أن يغير إسمه..أم أن هذا هو إسمه الحقيقىهل أراد أن يعيش تجربة مختلفة فإدعى ما إدعاه وقتهاأم أن هناك خبايا تظلل حياتهزفرت بقوة..أيا كان ماحدث بالماضى فقد كان وهما ..سرابا لا بد أن تنساه وتكمل حياتها وهي على يقين بأنه إنتهى من حياتها للأبد..وأن الحياة يجب أن تستمر..ربما قلبها مجروحا بقوة وچروحه ټنزف ولكنها ستضمد جراحه بنفسها وستستعيد روحها الضائعة..وستنسى بالتأكيد هذا الرجل..خالد نصار....
..كم يختلف كلية عن هذا الرجل