الجمعة 03 يناير 2025

رواية سليم من 5-8

انت في الصفحة 9 من 9 صفحات

موقع أيام نيوز

تعلم ما تريده فقد انقسم داخلها لنصفين..نصف يريد مصارحة رجل لا يستحق الكذب عليه..رجل وهب حياته لأجلها..رجل رغم أنه قليل الكلام..إلا أن عيناه تنطق بأشعار الحب والغرام ونصف أخر يريد التمسك بما خططت له وما وصلت إليه من تقدم ونجاح وتحقيق لذاتها المدفونة مع رجل يعتبر تلك الأحلام من التافهات..وتحقيقها من سابع المستحيلات فطبعه كرجل شرقي متعصب لا يحبذ ظهور زوجته على منصات التواصل حتى وإن كانت بمعلومات وهمية ويدها فقط من تعبر عنها.
تذكرت قمعه لأبسط أحلامها ..استرجعت أهم الاسباب التي دفعتها لاخفاء الأمر عنه.

استعدت شمس بملابسها المحتشمة ذات الالوان الهادئة لمقابلة سليم اليوم في منزل والديها.. طلب من والدها الاستعداد لمقابلته وفقا لترتيبات الزواج لن تنسى قط هيئة الفتيات وهي تدعوهن لحفل زواجها على سليم فتى أحلامهن.
قبضت فوق شفتاها بسعادة وهي تستمع لصوته الذي يأسرها في حقبة زمنية يلاعبان بها دور روميو وجوليت..معتقده بأنه سيغرقها بحبه الذي صرح عنه بعد الزواج..كي يكون حبا من منطلق الحلال..هكذا أوهمت نفسها ولم تستطيع قراءة شخصيته الجامدة والغامضة وان كلمات الحب أبعد ما يكون عنه.
تنهدت بحالمية وسعادة وهي تراقب قدومه نحوها حاملا صندوق صغير من الشوكلا..التقطته منه بنعومة وشكرته بهمس..
تركهما والدهما واتجه صوب الشرفة يجلس أمامها كي يترك لهما مساحة في الحديث بناءا على طلب سليم.
جلست أمامه تداعب لولي صغير بكم السترة التي ترتديها وعيناها لا تستطيع رفعها خجلا منه.
شمس.
نعم.
ردت دون أن ترفع بصرها فأمرها بصوت جامد
بصيلي وأنا بكلمك.
توردت وجنتاها ورفعت نظرها تطالعه باستيحاء
حاضر.
رفع سليم يده وعدل من ياقه قميصه مفكرا للحظات فيما يقدم عليه
عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم قبل ما عم جمال يجي ويقعد معانا..
طريقته تلك تهيج معدتها قلقا لم سيتفوه به فقالت بتلجلج
اتفضل قول!.
حمحم سليم قبل أن يسألها بحذر
انتي ناوية تكملي في كليتك
رمشت ببلاهة وهي تجيب
اه.
حك أنفه بتوتر طفيف قائلا
مش هينفع تكملي فيها!.
عقدت حاجبيها بعدم فهم وطالعته باستفسار
قصدك إيه انت خاطبني وأنا في كلية فنون جميلة... ازاي يعني اسيبها!.
كنت بحسبها كلية عادية بس طلعت صعبة وواخده كل اهتمامك..واللي زاد اكتر تأخيرك كل يوم.
برر لها وجهة نظره ولكنها لم تقتنع ناقشته بهدوء
انت بتوصلني او بابا..او السواق يعني مبرجعش لوحدي.
ظهر الضيق على وجهه ورنت نبرة صوته التي تحمل غيرته عليها
بصراحة أنا مش هستحمل اشوفك بتكلمي ولاد واسكت واعديها.
ردت بجدية
دول زمايلي في المشاريع المطلوبه مني وانا مبعملش حاجة غلط.
عاند بقوله
وانا بقولك مش هستحمل.
اهتزت مشاعرها واضطرب كيانها لم آل إليه تفكيرها
يعني إيه..عايزني مكملش تعليمي.
حرك رأسه نافيا حديثها ووضح كلامه أكثر
لا أنا مقولتش كده..كملي وخدي شهادتك..بس اختاري كلية تانية تتوافق مع نظام حياتك الجديد.
تساءلت بصوت جاهدت اخراجه..بعد تلك الربكة التي حدثت داخلها
فين نظام حياتي الجديد ده.
أشار على نفسه مجيبا بوضوح
أنا حياتك الجديدة يا شمس..احنا هنتجوز خلاص.
تشبثت بحلمها أكثر مع تمسكها به
هقدر اوفق بين بيتي ودراستي اللي بحبها أنت مش هتحس ..
قاطعها بحدة طفيفة
لا هحس ومن دلوقتي حاسس ببعدك واهتمامك بدراستك..وكمان مناقشتك مع زمايلك في مشاريع تخص كليتك أنا مش قادر اتقبلها.
وضعت يدها فوق رأسها تأخذ نفسها قصيرا تستجمع به أفكارها كي تحاول اقناعه
لازم نوصل لحل يرضينا.
وانا توصلت له بالفعل..كملي في كلية تانية تروحي فيها على قد الامتحانات.
امتلئت عيونها بالدموع هو حلما صعب المنال..وبعد الحصول عليه ظنت أن حياتها الوردية ستبدأ معه محققه جميع أمنيتها لم تدرك أن الحياة تخفي أمورا تجعلها تطيح بها إلى واقع لا تحسن الاختيار به.
انت كده بتخليني اتخلى عن حلمي.
وجعه حديثها وجعله غير قادرا على مواصلة النقاش بينهما عادت ذكرياته البشعة تسيطر عليه رغم نفسه على الخروج من بقعة ذكرياته القاسېة مبررا لنفسه بأنه لم يكن قاصدا بالمرة أن تتخلى عن حلمها..ولكن حبه لها لا يستطيع تمرير تلك الامور البسيطة من وجهة نظرها مرور الكرام...لقد غلى الډم بعروقه حينما رآها تقف مع أحد زملائها ذات مرة.. هو يثق بها ولكنه لا يثق بنفوس الآخرين..أمر عودتها المتأخر دوما لن يحدث ابدا بعد زواجهما سيكون واضحا وسيخيرها قبل أن تبدأ معه حياة جديدة تسير وفق لرؤيته هو وبالنهاية لها حرية الاختيار.
بالعكس يا شمس أنا لو عايز اخليكي تتخلى عن حلمك كنت قولتلك متكمليش دراستك.
شعر بترددها وضياعها في تلك اللحظة الحاسمة مدركا مدى حبها له..وبنفس الوقت شغفها بدراستها فأظهر مدى تمسكه بها كي يكون سببا في موافقتها.
أنتي عارفة كويس ان اخترتك دون عن أي بنت تانية لاني حسيت باتجاهك بمشاعر حب واختارتك وانا سعيد باختياري..مكنتش اتمنى ان تكون شريكة حياتي احسن منك..انا عايز حياتنا تكون هادية مفيهاش أي مشاكل.
تساءلت بشرود
ايه اللي يخليني اقبل بكل ده.
أجاب ببساطة
حبنا...
إجابة قصيرة تحمل معاني كثيرة جعلتها تتخلى عن حلمها بارادتها تتذكر جيدا كيف ترك لها والدها حرية القرار رغم أنها قرأت تحيزه لسليم..مشاعرها القلقة سيطرت عليها في حرب حسمت لصالح سليم..وبمعنى أوضح لصالح حب ترعرع في قلبها الغض.

عادت من شرودها وهي تبكي قهرا على ضياع اولى احلامها ومن بعده يتوالى الفقد لقد تخلت بارادتها وكان اول طريق التخلي لم تدرك أشواكه الا بعد أن ركضت به نصف المسافة.
ومن هنا انطلقت فكرة الفيديو الجديد..بدأت في رسم طريق مليئ بالأشواك الصغيرة وفتاة جميلة تركض به غير عابئه بچروح قدميها...

دخلت ليال شقتها بعد أن اطمئنت على چرح سيف بالمشفى.. تذكرت صمته وسكونه أثناء تنظيف الطبيب لجرحه.. سمحت لنفسها بمراقبة أدق تفاصيله بوضوح...هو رجل يربك داخلها بتصرفاته المناقضة يظهر لها كرهه في لحظة..وفي اللحظة التالية يغير مجرى تفكيرها بتصرف يجعلها كالمعتوهه أمام تصرفاته.
ارتمت فوق اريكتها وراحت تشرد بما حدث صباحا..كيف ظهر فجأة..لم القدر يريد جمعهما رغم عدم توافقهما لن تنكر أن موقفه الشهم..وحمايته لها جعلتها تشعر بأحاسيس قد دفنتها قديما عندما كبرت ووجدت نفسها بلا أب بلا أم..تعيش وحدها في شقة والديها وجيران والديها يهتموا بها أحيانا..وأحيانا أخرى يبتعدون عنها بسبب ظروف حياتهم..اضطرت في مراهقتها للعمل في أماكن عديدة وبوظايف مختلفة لا تناسبها كفتاة ولكن أمانيها دفعتها تسير وفق لقوانين وضعتها لنفسها كي تستكمل دراستها..والعمل بشهادتها عاشت الكثير والكثير فجعلت مشاعرها الرقيقة ټدفن داخلها... كي تتأقلم في حياة قاسېة فقدت بها معاني الحنان والدفئ ناهيك عن مامرت به وحدها لم تطلب الاهتمام من أحد لم تنتظر الاحتواء حتى وإن كان من عمها الوحيد الذي تركها وحدها مكتفيا بمبلغ بسيط يكفي حاجتها في الطعام فقط وبعض الامور الحياتية.
ضغطت فوق رأسها تمنع نفسها من الانسياق خلف ماضيها المؤلم...لقد عاهدت نفسها على عدم الالتفات للخلف مهما حدث..مستقبلها هو الأهم..ما تخطط له لعيش حياة كريمة بمجتمع أفضل مما هي فيه ستحققه رغما عن أنف من يعارضها.

دخل سليم من باب المنزل.. ونادى بصوت مرتفع قليلا على شمس
شمس..
ظهرت أمامه والدته وعلى وجهها علامات الخۏف
حمد لله
على سلامتك يابني انت جاي بدري ليه..
رد سليم ببرود
جيت في حاجة..فين شمس.
أجابت بتوتر
م..م مش عارفة..
تدخل أنس في الحديث من خلف جدته يشير إلى غرفة الاثاث القديمة
مامي جوا في الاوضه هنا..
اقترب سليم من الغرفة متجاهلا والدته التي حاولت ايقافه بخلق مواضيع تافهه ومد يده يفتح المقبض ...
دمتم سالمين

انت في الصفحة 9 من 9 صفحات