رواية مريم الفصول من 41-50
مدام إنتي لسا خارجة من العمليات . هتقدري تتكلمي !
أومأت سمر بإصرار و رجتها
أ ر ج..وك..ي !
تنفست الممرضة بعمق ثم قالت بإبتسامة
حاضر . هروح أجبلك موبايلي.
في شقة الجارة شهيرة ... لم تنم زينب طيلة الليل و ما برحت الأفكار القاتمة تتضارب برأسها حتي الآن
لم تشعر بالتعب و هي تقف أمام النافذة قرابة إثنا عشر ساعة بدون مغالاة حتي أن توسلات شهيرة المتواصلة ذهبت سدى ..
حرام عليكي نفسك . من إمبارح و إنتي واقفة الواقفة دي . لحد إمتي بس !
زينب بحسرة
البت بضيع يا شهيرة . بضيع و أنا متكتفة مش عارفة أعملها حاجة . يا تري فيكي إيه يا سمر ماتصلتيش تطمنيني عليكي ليه يابنتي لحد دلوقتي
شهيرة بحزن
لا حول و لا قوة إلا بالله . طيب إيه إللي مسكتنا بس أنا مش فاهمة ليه مانبلغش النقطة
لأ قسم لأ . كده البت تتفضح.
شهيرة بإستغراب
تتفضح ليه يا أبلة مش قولتي إنها خرجت و مارجعتش من إمبارح و قافلة تليفونها تبقي مختفية و البوليس في الحالات إللي زي دي بيدور و بيشوف شغله و إن شاء الله ترجع بالسلامة.
زينب بمرارة
إسكتي يا شهيرة . إسكتي إنتي مش عارفة حاجة !
شهيرة بفضول
طيب قوليلي . إحكيلي يا أبلة ماتسبنيش كده علي عمايا.
لأ .. أحسن لسانك يزلف قدام حد . تبقي مصېبة.
شهيرة بعتاب
كده يا أبلة بعد العشرة دي مش واثقة فيا أنا عمري طلعت سرك برا
زينب بإستسلام
خلاص . خلاص يابت ماتزعليش . هقولك و أمري لله .. و حكت لها كل شئ
تشهق شهيرة پصدمة قائلة
يا حزني ! لأ لأ . مش مصدقة . ونبي تقولي كلام غير ده يا أبلة زينب . سمر .. سمر تعمل كده لأ مش مصدقة !!
أهو إللي حصل يابنتي . ضاعت يا عين أمها . طول عمرها البت دي حظها قليل . عمرها ما فرحت . و كمان فرحتها ضاعت .. فينك بس يا سمر يا رب جيب العوائب سليمة !
يدق هاتف زينب في هذه اللحظة فتهرع إليه و ترد بتلهف
ألو ! ألوو . أيوه مين مين إللي بيتكلم ... سمر .. إنتي فين إنتي فين يا حبيبتي مستشفي جرالك إيه يا سمر قوليلي مستشفي إيه أنا جيالك يا سمر . جيالك دلوقتي يا حبيبتي !
شهيرة بتساؤل
في إيه يا أبلة دي سمر دي إللي كانت بتكلمك
زينب و هي تلف حچابها بسرعة و عدم إتقان
أيوه هي . طلعت في المستشفي من إمبارح.
كفاالله الشړ . مالها
زينب بضيق
لسا مش عارفة يا شهيرة . المهم خلي بالك من ملك لحد ما أجي ! .. و أكملت بثقة
إن شاء الله تكون حاجة بسيطة و مش هرجع إلا بيها.
رشاد بصوت أجش
طلع عاقل يا إلهام . مانشرش حاجة !
45
إنفصال !
كان وقع الصدمة عڼيفا جدا عليه ... ڠضب إجتاحه بشدة و أخذ منه كل مأخذ
خميس صارخا بوجه أمه
إنتي جيبتي الكلام ده منين مين إللي قالك كده
نعيمة بسخرية
مش مهم مين إللي قالي . المهم إن الكلام صح و الأهم إن أنا كنت صح . كل كلمة قولتهالك كان
عندي حق فيها.
ضړب خميس الحائط بقبضته و هو يصيح بعصبية
إتكلمي ياما و قوليلي مين إللي قالك كده قوليلي مين و أنا أروح أقطع رقبته . محدش يمس سمر بكلمة طول ما أنا موجود . قوليلي مين ده خليني أروح أجيب أجله.
نعيمة پغضب
يا خبتك القوية يابن المعلم رجب . لسا يا واد بتحاميلها بعد كل إللي قولتهولك
خميس بإنفعال شديد
إللي قالولك الكلام ده ناس متكادة منها ياما . سمر إستحالة تعمل حاجة زي دي . دول رجالة الحتة كلهم طمعانين فيها و هي و لا عبرت واحد فيهم أكيد نطع منهم هو إللي طلع عليها السمعة دي . وديني . وديني هعرفه و ساعتها محدش هيقدر يحوشه من تحت إيدي.
نعيمة بدهشة حقيقية
لأ ده إنت حالتك مش طبيعية . مش مصدق عليها الهوا ..و أكملت بحنق
البت دي أكيد عملالك عمل !
خميس صائحا پغضب
إسكتي ياما . إسكتي إنتي كمان ماسمعكيش تجيبي سيرتها بالكلام البطال ده . سمر هتبقي مراتي بمزاجك أو ڠصب عنك محدش هيتجوزها غيري سآاااامعة
نعيمة و هي تضع يديها فرق رأسها و تتمايل بنواح
يا لهوي عليا و علي سنيني السودة . يا خيبتك يا نعيمة . يا مرارك . ماتنصفتيش في إبنك يا نعيمة . يا شماتة العدوين فيا . يا فرحتهم فيآااااااااا.
خميس بعناد
خليكي أقعدي إندبي كده من هنا للصبح . بردو هتجوزها يعني هتجوزها و لو حد قال عليها نص كلمة هقطعله لسانه !
و هنا إجتذب سمعه صوت هدير سيارة تمر من أمام المحل ما كان ليلتفت إن لم يكن قد سمع صوتها آت من داخل هذه السيارة ..
إلتفت خميس بسرعة و دقق النظر ... لمح سمر تجلس بجوار السيدة زينب في المقعد الخلفي من سيارة الآجرة
كانت في حالة يرثي لها و لاحظ الضمادات تحيط برسغيها الإثنين .. إنقبض قلبه في هذه اللحظة و لم يشعر بنفسه إلا و هو ينطلق كالسهم صوبها متجاهلا نداءات أمه المعترضة ..
تشكر ياسطي ! .. قالتها زيتب عندما نزلت من السيارة
ثم شرعت في إخراج الأجرة من چزدانها ليسبقها خميس و يسأل السائق من الجهة الأخري
حسابك كام ياسطي
تنظر زينب له و تقول بإرتباك
خ خميس ! بتعمل إيه يابني شيل فلوسك في جيبك مايصحش كده.
خميس و هو يخفض رأسه و يلقي نظرة قلق سريعة علي سمر
بالعكس يا حجة زينب مايصحش إنتي إللي تدفعي و أنا موجود .. و حاسب السائق ثم إستدار حول السيارة حتي وصل عند سمر
فتح لها الباب و هو يتساءل بلطف
مالك ياست البنات إيه إللي جرالك إيه إللي عمل فيكي كده
توترت سمر و عضت علي شفتها بقوة عاجزة عن الرد لتتدخل زينب و تنقذها من هذه المباغتة ..
خير يابني مافيهاش حاجة ! .. قالتها زينب بصوت متوتر و تابعت
قدر و لطف عملت حاډثة بس و هي راجعة من الشغل.
خميس بجزع
سلامتك ياست البنات . ألف سلامة عليكي.
الله يسلمك يا خميس ! .. تمتمت سمر بخفوت ليفاجئها خميس في اللحظة التالية و يدس ذراعيه تحتها و يرفعها من دون جهد .. و كأنه يرفع صندوقا فارغا
تشهق سمر من المفاجأة و تقول بإضطراب شديد
إيه ده يا خميس نزلني لو سمحت . ماينفعش تشيلني كد آا ..
إهدي يا أنسة سمر .. قاطعها خميس بصوت دافئ و أكمل
مش هتعرفي تطلعي السلم علي رجلك و الحجة زينب يدوب تقدر تطلع لوحدها . أنا هساعدك بس ماتقلقيش !
تنهدت سمر بإستسلام و أطرقت برأسها حتي لا تلتقي بعيناه بينما برز صوت زينب و هي تمشي خلفهما ..
روح يابني إلهي يسترك . جدع يا خميس و الله إنت ما في منك في الحتة كلها.
وصلوا إلي شقة زينب ليمددها خميس علي أقرب آريكة ثم يبتعد خطوتين و يقول دون أن يحيد بنظره عنها
تؤمروني بحاجة تانية !
زينب بإمتنان
ألف شكر يابني ربنا يخليك . مع السلامة إنت بقي و آسفين لو كنا عطلناك.
خميس بعتاب
ماتقوليش كده يا حجة زينب إحنا أهل.
تسلم يا حبيبي . طبعا أهل.
خميس بجدية
عموما لو إحتاجتوا أي حاجة أقفي في الشباك و نادي عليا صوت بس هكون قدامك في ثانية .. ثم حمحم بشئ من التوتر و قال و هو يشيح عنها بصعوبة
يلا بقي . إستأذن أنا !
زينب بإبتسامة
مع ألف سلامة يابني.
بعد أن فاض به قرر أن يذهب إليها هو و يفهم بنفسه ماذا يحدث بالضبط لعله فعل شيئا إساء لها بدون قصد
يخرج صالح من غرفته و يمشي صوب غرفة صفية مستعينا بعكازيه المصنوعين من المعدن
يطرق بابها ثلاث مرات متتالية ثم يدخل بعد سماع صوتها يدعوه للدخول ..
صالح ! .. صاحت صفية و هي تنظر له بتوتر
صالح بصلابة
أيوه صالح . إيه مالك يا بنت عمي مش مبسوطة إنك شوفتيني !
أشاحت صفية بعيناها عنه و لم تجب ..
صالح بذهول
كمان مابترديش يا صفية .. معقول بالسرعة دي . ترجعي تحني لإسلوبك القديم معايا !!
و هنا نظرت له صفية من جديد و قالت بإسراع
إيه إللي إنت بتقوله ده يا صالح أنا لا رجعت لإسلوبي القديم و لا حاجة إنت فاهم غلط.
صالح بسخرية
أنا كنت فاهم غلط فعلا . إنتي زي ما إنتي . إللي عملتيه معايا الفترة إللي فاتت ماكنش أكتر من عطف . عطف بتكفري بيه عن ذنبك لإنك حاسة أن إللي حصلي إنتي السبب الأكبر فيه . بس إنتي ماكنتيش مضطرة تعملي كل ده يا صفية أنا كنت مسامحك أصلا بس دلوقتي مستحيل أقدر أسامحك.
هبت صفية من مكانها و هي تقول پغضب
صالح إيه إللي إنت بتقوله ده إنت مأڤور الموضوع أوي علي فكرة . كل ده عشان ماجتش أشوفك من إمبارح يعني !!
صالح بصوت آجش
صح إنتي عندك حق . أنا دايما بأڤور المواضيع .. عشان كده لازم نوضع حد للقرف بتاعي قبل أضايقك أكتر من كده.
صفية بشك
قصدك إيه
رفع صالح يده اليسري قليلا دون أن يفلت العكاز و إنتزع خاتم الخطبة من إصبعه للمرة الثانية ..
المرة دي مش هيرجع تاني ! .. قالها صالح و هو يقذفه بوجهها
صفية پصدمة
إيه إللي عملته ده يا صالح
صالح بإزدراء
إللي لازم يتعمل يا صافي . عمي الله يرحمه فعلا كان عنده حق . أنا و إنتي ماننفعش لبعض . إحنا ولاد عم و بس.
كانت صفية مشدوهة لدرجة أنها لم تنفعل من كلماته بل هزت رأسها سلبا و حاولت أن تتكلم و لكنها تحس بإنسداد في حلقها ..
رغم ذلك همست
إنت ماتقدرش تعمل كده !
صالح بصوت قاس
أنا مش لسا هعمل يا صفية . أنا خلاص عملت .. إنتي من هنا و رايح مش أكتر من بنت عمي.
و قبل أن تجيب و قبل أن تفهم معاني كلماته .. كان قد رحل ..
بقت صفية تحدق في إثره الفارغ مصډومة و الآن فقط شعرت بوخز كلماته .. كانت أكثر إيلاما من كلمات الهجر الأول
شعرت بالآسي ېخنقها و بركبتيها ترتجفان و تلتويان تحتها
إنهارت أطلقت لنفسها العنان أخيرا بعد
كل هذه المقاومة الهائلة منذ ۏفاة أبيها .. إرتعش