رواية مريم الفصول من 41-50
... تحديدا بغرفة رفعت البحيري
مازال يتحدث في الهاتف منذ الصباح منذ ضبطته إبنة أخيه في غرفة والدتها .. مازال يجري ترتيبات السفر ليرحل من هنا بأقصي سرعة ..
لو سمحتي كنت عايز أحجز تذكرة ! قالها رفعت بصوت ثابت النبرات
العاملة
علي فين يافندم
رفعت بإسراع
و يا ريت تبلغيني بمواعيد الرحلات من فضلك ما بين بكرة و بعده.
حالا يافندم !
و هنا إنتبه رفعت لمداخلة هاتفية أخري فأعتذر من عاملة الإستعلامات
آا معلش يا أنسة معايا مكالمة تانية . ينفع أرد عليها و أرجعلك تاني !
العاملة
مافيش مشكلة يافندم في إنتظار حضرتك .. يرد رفعت علي المكالمة الثانية
ألو !
المتصل بصوت خشن
رفعت البحيري معاك رشاد الحداد !
أجفل رفعت مجيبا
رشاد بيه . أهلا ! .. كان الإستغراب يملأ صوته
لا أهلا و لا سهلا . إسمعني كويس يا رفعت . أنا بتصل أحذرك و أحطك في الصورة بما إنك بقيت كبير عيلتك بعد أخوك الله يرحمه.
رفعت بدهشة
في إيه بس يا رشاد بيه إيه إللي حصل !!
رشاد پغضب
في إن إبن أخوك مش جايبها لبر معايا و أنا لوحطيته في دماغي أقسم بالله مش هخلي الدبان الأزرق يعرف طريقه . همحيه من الوجود.
لأ لحد هنا و عندك بقي يا رشاد بيه . راقب كلامك كويس و أعرف إللي بتقوله . مبدئيا إنت ماتقدرش تمس شعرة من إبن أخويا إنت عارف كويس عيلتنا حجمها و نفوذها أد إيه و لو جربت تقرب منه هيبقي أخر يوم في عمرك.
رشاد پغضب أشد
إنت كمان بتهددني يا رفعت عاملين عليا عصابة ماڤيا إنت و إبن أخوك
أنا مش پهددك يا رشاد بيه . أنا برد علي كلامك . و بعدين إنت إللي كلامك من الأول كله ټهديد و داخل عليا حامي أوي . كان أحسن تقولي بهدوء عثمان عملك إيه و أنا بقي أشوف هتصرف معاه إزاي !
رشاد بسخرية
يعني لو قولتلك هتعرف تتصرف يا رفعت هتقدر علي إبن أخوك !
رفعت بجدية
أنا ماليش سلطة عليه . بس أسمع منك المشكلة و لو عثمان غلطان تأكد إني مش هقبل و لا هسمحله يستمر في الغلط.
صالح بتلهف
ها يا وردة لاقتيها !
وردة بإبتسامة
لاقيتها يا صالح بيه . صافي هانم موجودة في أوضتها.
قولتلها إني عاوزها
أيوه قولتلها.
و قالتلك إيه
وردة برقة
قالتلي أشوف أنا طلبات حضرتك و هي هتبقي تجيلك الصبح عشان هي تعبانة و عايزة تنام دلوقتي.
عقد صالح حاجبيه بإستغراب ..
ده أنا ماشوفتهاش من الصبح !!
تؤمرني بحاجة يا بيه ! .. يفيق صالح علي صوت الخادمة
شكرا يا وردة .. قالها بإقتضاب
روحي إنتي نامي.
وردة بإبتسامة
طيب لو حضرتك عوزت أي حاجة إطلبني و أنا هكون قدامك في ثواني.
صالح بصوت جاف
أوك . إتفضلي إنتي بقي.
ذهبت وردة ... ليبقي صالح بمفرده يفكر في عذر صفية غير المقنع لا يعتقد أن تشعر بتوعك حقا كما تزعم لابد أن ثمة شئ حدث تسبب في عدم مجئيها إليه ..
و لكن ما هو
في شقة الجارة زينب ... تدق عقارب الساعة معلنة تمام الواحدة بعد منتصف الليل
بينما تجلس السيدة المڼهارة في الصالة و قد أجلست الصغيرة ملك علي الآريكة بجانبها و نثرت حولها بعض الألعاب لتلتهي عنها بهم
كان القلق يعصف بها و بأفكارها علي نحو مرعب طوال اليوم و هي تتخيل مئات الأفكار السوداء
لو أنها لم تخشي الڤضيحة لكانت أخبرت زوچها أين يمكن أن يجد سمر الآن و لكنها صمتت ..
صمتت حفاظا علي سمعة تلك الأسرة المسكينة و أملت أن تكون سمر بخير و أنها ستدق الباب في أي لحظة و تخمد نيران الترقب و القلق المستعرة في قلبها منذ مدة طويلة
يدق الباب في هذه اللحظة بالفعل فتقوم زينب و تهرع صوبه بسرعة لتفتح ..
صابر ! .. قالتها بخيبة أمل عندما فتحت و وجدت زوجها
صابر بإمتعاض
أه صابر ياست الكل . صابر إللي إتمرمط في الشوارع و دخل أقسام و مستشفيات عشان خاطر الصنيورة بتاعتك.
زينب بصوت كالأنين
مالقتهاش !
صابر و هو يبعدها عن طريقه ليدخل
مالقتهاش ياختي . عموما إطمني . طالما مالهاش أثر في الأقسام و المستشفيات تبقي كويسة . تلاقيها بس صايعة في حتة هنا و لا هنا . ما هي سايبة بقي و مالهاش كاسر يكسرها بعد ما أخوها سافر خدت راحتها.
تخرج زينب عن شعورها عند هذا الحد فتصرخ فيه بضراوة
كفآااية بقي . إخرس و حط لسانك في بؤك . ماتجيبش سيرتها علي لسانك دي أنضف من عشرة زيك . إنت إللي لسا محروق عشان ماطوعتكش عشان ماديتلكش ريق حلو و لا عبرتك . إوعي أسمعك تقول عليها نص كلمة تانية يا صابر أنا إستحملت قرفك بما فيه الكفاية بقآالي سنين و لو فاض بيا هقولك في ستين داهية ماتورنيش وشك تاني . أنا خلاص جبت أخري من العيشة معاك طول عمري مستحملاك و مستحملة بلاويك أقول بكره يتهد و يتعدل لكن مافيش فايدة . كرهتني فيك و في الدنيا أنا بندم ندم عمري إني إتجوزتك إمتي ربنا يرحيني منك بقي !
ظل صابر ينظر لزوجته پصدمة .. لم يتخيل أبدا أنها تكن له كل هذه المشاعر ... لم يتخيل أنها تحملته و تحملت أفعاله المشينة بصمت و ضغطت علي أعصابها لئلا ټنفجر مثلما فعلت الآن
لقد آذاها أكثر مما توقع آذاها لدرجة أنها كرهته و کرهت حياتها معه هذه السيدة العطوفة التي إنتشلته من حفرة فقره عندما كان مجرد شاب لا قيمة له يعمل لدي والدها في ورشته الصناعية
جاءت الجارة شهيرة علي صوت صياح زينب ..
شهيرة بقلق
44
تشهير !
عندما وصل عثمان إلي بيته ... كان لا يزال تحت تأثير الحالة العصبية التي سببتها له سمر
أراد أن يصعد إلي غرفته فورا و لكن إستوقفه صوت عمه قبل أن حتي يضع قدمه علي الدرج ..
عمي ! .. قالها عثمان حين إلتفت و شاهد رفعت جالسا هناك في ركن معتم بالكاد كان مرئيا تحت إضاءة البهو الخاڤتة
رفعت بصوت هادئ
تعالي يا عثمان . تعالي أقعد معايا شوية أنا مستنيك من بدري.
يمضي عثمان نحوه و هو يقول
حضرتك سهران ليه لحد دلوقتي كنت إطلبني أول ما تصحي الصبح و كنت هاجيلك بنفسي .. و جلس قبالته
أشعل رفعت مصباح بجانبه ليستطيع كلاهما النظر إلي بعضهما بوضوح ..
أولا لو كنت إستنيت للصبح كلامي ماكنش هيبقاله فايدة يا عثمان ! .. قالها رفعت بنبرة ذات مغزي و تابع
ثانيا موبايلك مقفول و ماكنتش عارف أوصلك !
عثمان بلهجة بسيطة عادية
معلش فصل شحن . من الصبح و أنا برا و اليوم كان مشغول من أوله .. المهم حضرتك كنت عاوزني في إيه !
صمت قصير ... ثم قال رفعت
رشاد الحداد كلمني إنهاردة.
تجهم وجه عثمان فجأة و وصل صوت صرير أسنانه إلي أذن عمه ..
ماينفعش إللي إنت
عايز تعمله ده د آا ..
من فضلك يا عمي خليك إنت برا الموضوع ده .. قاطعه عثمان بصوت خشن
رفعت بحدة
يعني إيه أخليني برا الموضوع أنا عمك و من حقي لما أشوفك بتغلط أوقفك عند حدك.
عثمان بصرامة
أنا مش غلطان و كل حاجة حصلت قدامك و قدام الناس كلها . الكل عارف مين إللي غلطان محدش يقدر يلومني و أنا سكت عليدي مرة بسبب ضغط أبويا عليا لكن المرة دي مش هرحمها . هقضي عليها خالص طالما ماحرمتش و إفتكرت إن عثمان البحيري بيهوش.
رفعت بصبر
طيب . إنت عندك حق في كل إللي قولته . هي واحدة ژبالة فعلا و تستاهل الحړق كمان . بس ماينفعش تفضحها يا عثمان . فكر في ستات البيت ده . أمك و أختك و بنت عمك !
عثمان پغضب
محدش يقدر يمسهم بكلمة طول ما أنا عايش . و بعدين مافيش مقارنة هنا أصلا دي و بنت ستين
أوك مافيش مقارنة زي ما قلت و أنا عارف إننا كبار أكبر من لعبة رخيصة زي دي مش هنكسب من وراها غير التشهير بسمعتنا و بس.
عثمان مصححا
التشهير بسمعتها هي.
رفعت بلطف
طيب معلش . عشان خاطري أنا . إرجع عن إللي في دماغك المرة دي إديها فرصة أخيرة.
عثمان بدهشة
إنت مالك يا عمي مهتم أووي كده بالموضوع ده بتحامي لواحدة زي دي ليه
رفعت بنفاذ صبر
مش بحامي لحد . أنا عايز أحميك إنت و أحمي العيلة دي كلها.
عثمان بحدة
محدش يقدر يهوب ناحيتنا.
رفعت بإنفعال
يابني سيب غرورك ده علي جنب شوية و إسمعني . مافيش في الدنيا حاجة مضمونة الموازين كلها ممكن تتقلب في لحظة . رشاد الحداد دلوقتي عامل زي النمر الجريح لو حد قرب منه أو حاول يآذيه تاني هيستوحش أكتر هيتجنن و محدش هيقدر يوقفه.
عثمان ببرود
يتجنن علي نفسه . أنا عايز أجيب أخره معايا بقي و أشوف هو ممكن يعمل إيه !
رفعت بحنق
و أنا مش هستناه لما يعمل . مش ممكن أسمحله يآذيك و لو فكر بس أو حاول الحړب بينا هتقوم و كلنا هنتبهدل من أكبرنا لأصغرنا لو إنت بقي عايز كده خلاص أعمل إللي إنت عايزه.
يعني هو هددك .. زمجر عثمان متسائلا و هو يغلي من الڠضب
رفعت بضيق
يابني محدش هددني . أنا بقولك الكلام المنطقي إللي ممكن أي حد يقولهولك . بالعقل كده واحد سيادتك ڤضحت بنته و طلقتها ليلة دخلتك عليها و جاي دلوقتي كمان عايز تثبت الڤضيحة و تأكدها رسمي و أبوها شخصية سياسية مهمة زي ما إنت عارف . و كده مش هتكون بتآذيها هي لااا . ده إنت بالشكل ده بتقضي عليه هو و بتنهي مستقبله للأبد يعني كأنك بتموته بالظبط.
تنهد عثمان بسأم و قال
يعني حضرتك عايز إيه دلوقتي
رفعت و قد عاد إلي الهدوء من جديد
عايزك ترجع عن إللي في دماغك . هي إتعلمت الدرس كويس . صدقني مش هتجرؤ تعمل معاك حاجة تاني . و يا سيدي لو ضايقتك مرة تانية أنا مش همنعك عن أي حاجة عايز تعملها .. إتفقنا
زفر عثمان بضيق و أدار عيناه غير راضيا ...
يأتي صباح يوم جديد ... و تخرج سمر من غرفة العمليات بعد أن قضت بداخلها ساعة و نصف تقريبا
كانت مستيقظة الآن و لكنها أيضا كانت تحت تأثير المخدر و جاهدت ليخرج صوتها قبل أن تتركها هذه الممرضة و تذهب إلي عملها ..
سمر بصوت بطيئ و ثقيل
ل..و س..م..ح..ت..ي . م..م..ك..ن . م..وب..اي..ل..لك مح..تاج..ة . أع..م..ل . مك..ال..م..ة !
الممرضة بلطف
يا