الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية مريم من 12-20

انت في الصفحة 5 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

ممېته بالكاد كانت تري أمامها ..
لكنها إستطاعت تجميع آدوات صنع القهوة كما عثرت بسهولة علي فنجان كبير أضافت له بعض القهوة و القليل من السكر
ثم شغلت وعاء التسخين المصنوع من معدن الكروم حيث إستطاعت أن تري صورة وجهها الشاحب بوضوح و تلك الهالات الزرقاء المحيطة بزوايا عيناها
لا تدري ماذا أصابها بالضبط !
لا يمكن أن تكون همومها فهي معتادة علي نوبات الضيق و الحزن منذ فترة طويلة ليس هناك ثمة مشكلة في هذا إطلاقا ..
لعله حديث فادي الذي لا تتذكر منه شئ الآن !
أو لعله عراك ليلة أمس الذي أنشبه إبن الجزار !
أو .. لعلها ملك الطفلة المسكينة التي يهددها المۏت بسبب إفتقار أسرتها للمال !!
لم تشاء سمر الإسترسال في التفكير أكثر لئلا تزداد حالتها سوءا فهزت رأسها بخفة و هي تركز نظرها المرهق علي شريط مقياس الحرارة المرفق بوعاء التسخين ..
و بعد دقيقة واحدة أطلقت الآلة رنين قصير معلنة إنتهاء الغليان
لتصب سمر السائل الساخن في الفنجان ثم تضعه فوق طبق نحاسي مسطح و تحمله تذهب لتقدمه إلي عثمان ..
إتفضل يافندم ! .. قالتها سمر بخفوت و هي تنحني قليلا لتضع الفنجان فوق المكتب
بينما شكرها عثمان بإبتسامة و هو يتظاهر بتصفح هاتفهه 
شكرا يا سمر . و آسف لو تعبتك.
سمر مبتسمة بصعوبة 
العفو يافندم . مافيش تعب أبدا . دي حاجة بسيطة .. ثم سألته بتهذيب 
تؤمرني بحاجة تانية 
عثمان بجدية 
أه . كنت عايزك في موضوع . أقعدي يا سمر لو سمحتي .. ثم ترك هاتفهه جانبا و أكمل و هو يقوم من مكانه 
تعالي نقعد هناك أحسن عشان نعرف نتكلم كويس.
و أشار لها إلي مقعدين مقابلين في الوسط
تبعته سمر بفم مطبق و كأنها بلا إرادة . بلا روح ..
جلس عثمان واضعا ساقا فوق ساق لتجلس هي الأخري راسمة تعبيرات هادئة جدا علي وجهها
خير يافندم .. قالت سمر بتساؤل 
إيه الموضوع إللي حضرتك عاوزني فيه !
نظر لها عثمان محاولا تقدير التبدلات التي مرت بها منذ أخر لقاء لهما البارحة و حتي هذه اللحظة ..
شكلك مش مظبوط خالص يا سمر ! .. تمتم عثمان و هو يحدجها بتركيز
بينما قطبت سمر قائلة 
مش مظبوط إزاي حضرتك !
يعني . وشك مرهق خالص . و زي ما تكوني واقعة في مشاكل كبيرة . ماكنتيش كده لما سيبتك إمبارح ! .. لم تجب سمر فأضاف 
أعتقد إن في مشكلة تانية بتواجهك 
سمر بإبتسامة خفيفة 
لأ أبدا حضرتك . مافيش و لا مشكلة بتواجهني حاليا الحمدلله . بس آا ..
و أوشكت أن تحكي له عن أحداث الليلة الماضية 
كيف تعارك شقيقها مع أحد الشبان الأشرار بمنطقتهم و كيف حاولت التدخل لتحول بينهما و كيف نجي فادي من الوضع بشكل لم تتخيله و كيف كانت ستموت هي من الړعب !
و لكنها توقفت
لأنها أدركت أنه قد يفهمها خطأ يكفي ما فعله من أجلها حتي الآن لا يجب أن تزيد عليه و تبالغ في شكواها ..
أنا بس قلقانة علي ملك .. هكذا أكملت عبارتها السابقة ببساطة و هي تبتسم له بلطافة زائدة
عثمان بإبتسامة مماثلة 
إنتي بتبالغي أوي في قلقك عليها .
قولتلك أختك هتبقي كويسة خالص .. صدقيني.
سمر و هي تدعي من قلبها 
يا رب . يا رب يافندم .. إنت أصلك ماتعرفش ملك دي بالنسبة لي إيه . دي بنتي مش بس أختي . أنا إللي إهتميت بيها من يوم ما ماتوا بابا و ماما.
والدك و الدتك إتوفوا مع بعض !
سمر بحزن 
أيوه . ماتوا في حاډثة عربية . لسا ماكملوش سنة.
عثمان بتعاطف زائف 
الله يرحمهم.
سمر بإبتسامة حزينة 
أمين .. ثم نظرت إليه قائلة بإستحياء 
حضرتك صاحب فضل كبير أوي عليا أنا و أخواتي . بجد نفسي في يوم أقدر أردلك جزء من جمايلك علينا.
عثمان بضيق 
يا سمر قولتلك قبل كده مابحبش الكلام ده !
خلاص خلاص . أوعدك مش هضايق حضرتك تاني.
و بلاش حضرتك دي كمان.
سمر و قد توردت وجنتاها 
ماينفعش حضرتك.
عثمان بحدة 
تاني حضرتك 
أومال هقول إيه بس .. تساءلت بحيرة ليجيبها ببساطة 
قوليلي عثمان عادي جدا.
سمر بخجل شديد و هي تخفض رأسها بسرعة 
يا خبر ! لأ .. أعذرني مقدرش.
تنهد عثمان و هو يهز رأسه بيأس منها ثم قال بهدوء 
إنتي تعرفي إني كنت متجوز قبل كده 
و هنا تطلعت سمر إليه ..
حضرتك كنت متجوز .. تمتمت سمر و أكملت بإستغراب 
غريبة !
هي إيه دي إللي غريبة !
سمر بتلعثم 
لأ مش قصدي حاجة . أصل حضرتك قلت كنت متجوز ! معناها إنك طلقت.
أيوه !
سمر بإبتسامة مرتبكة 
أنا بس إستغربت مين دي إللي ممكن تتجوزك و تبقي حابة تنفصل بعد كده . حضرتك إنسان كويس جدا يعني.
عثمان و هو يلوي ثغره بإبتسامة ساخرة 
بس هي بقي ماكانتش كويسة أبدا.
عقدت سمر حاجبيها إثر هذا و لم تعلق ليكمل هو بنبرة لامبالية 
طلقتها ليلة الفرح.
سمر بذهول و قد عجزت عن الصمت 
يا نهار أبيض !
إبتسم عثمان و هو يسألها 
إيه مالك مستغربة أوي كده ليه إنتي ماقرتيش الخبر في الجرايد و لا إيه الموضوع مافتش عليه كتير !
لأ حضرتك . أنا مش فاضية للحاجات دي .. ثم سارعت لتصلح الجملة 
أقصد يعني مشاكلي أحيانا كتير بتشغلني عن كل إللي بيدور حواليا !
أومأ عثمان بتفهم و قال 
أنا أصلا ماكنتش بحبها .. الجوازة كانت مجرد جوازة مصلحة عشان نربط عليتها بعيلتي .. ثم أردف و هو يرمقها بنظرات ذات مغزي 
إنتي عمرك حبيتي يا سمر 
أجفلت سمر من سؤاله و ردت بعد برهة 
حب ! لأ يافندم . بصراحة عمري ما جربت الحكاية دي.
ليه ماتقنعنيش إن محدش عرض عليكي و لا مرة !
سمر بإبتسامة خجلة 
مش بالظبط و الله .. بس أنا بحب أبقي في حالي . و كمان ماحبش أتخدع أبدا . كفاية مشاكلي عليا . بمعني أدق يعني أنا مش ناقصة و سايبة الحب ده علي جنب . زائد إن الحب أساسا أنواع.
يعني إيه !
يعني في حب مش طاهر . مش قايم علي الإحترام و لا المبادئ .. وضحت أكثر و هي تشعر بقليل من الخجل 
حب زي ده مايبقاش حب و لا يبقي حاجة شريفة أصلا . و أنا مش ممكن أفرط في شرفي أو أسوأ سمعتي !
عثمان بلهجة متنمرة 
طيب . ممكن يبقي إيه ردك لو واحد زيي مثلا عرض عليكي الحب يا سمر !
سمر و هي تضحك علي نكتته الساخرة 
يا خبر ! واحد زي حضرتك إنت مافيش واحدة تفكر في عروضك أصلا . عروضك كلها مقبولة
مقدما .. و تابعت ضحكها الهادئ
ليبتسم عثمان ثم يعلن بصراحة 
طيب يا سمر .. أنا بعرض عليكي الحب دلوقتي !
صمت مفاجئ .. ثم إنفرجت شفتا سمر عن دهشة و قد عاد الشحوب إلي وجهها ثانية ..
بإرتداد سريع و لا شعوري تقريبا تحركت بعيدا عنه بقدر ما سمح لها به مسند الكرسي
لكنه لم يأت بأي حركة نحوها و قال بإتزان تام 
أنا دلوقتي راجل عازب . و من حقي أرتبط بأي واحدة تعجبني .. و أنا إختارتك إنتي يا سمر.
سمر بتوتر واضح 
ح حضرتك أ كيد

انت في الصفحة 5 من 14 صفحات