رواية مريم من 1-5
لقد نبهت فادي البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي ملك بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت لا يمكن أن يكون قد نسي !!
قامت سمر من فراشها و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا
وجدت فادي بالصالة يقف هناك حاملا ملك التي كانت تبكي و تصرخ بشدة و يحاول أن يجعلها تهدأ ..
في إيه يا فادي .. قالتها سمر بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه ملك ..
مش عارف مالها أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل پغضب
بس أكلها خلص.
سمر بإستغراب
إنت مش بتقول أكلتها يعني شبعت !
فادي بضيق
لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير.
زمت شفتيها بتفهم ثم قالت
و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة
خد إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات.
نظر فادي إلي النقود ثم لأخته و هو يقول بدهشة
جبتي الفلوس دي منين يا سمر .. و أردف بإبتسامة واسعة
معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح
لأ طبعا.
فادي بتعجب
أومال إيه دول كلهم جبتيهم منين !
سمر بكدر
ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي.
علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا بس إنتي إللي مارضتيش تقومي قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام
تنفست سمر بعمق ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد ..
إيه ده إزاي يعني .. قال فادي بعدم فهم و تابع
يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة !!
سمر شارحة له
لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك فهمت
فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني
سمر بتأكيد
أيوه طبعا إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا هشتغل و أجيب فلوس بجهدي إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي .. ثم صاحت بإستذكار
و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني.
أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !
سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه
ماتقلقش يا فادي .. و اطمن كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله.
في قصر آل بحيري .. داخل حجرة الطعام الفاخرة
يجلس يحيى البحيري علي رأس المائدة تجاوره فريال من جهة اليمين أما في الجهة الأخري جلس جنبا إلي جنب كلا من صالح و صفية
تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا و صالح الذي يأس من مراضاة صفية ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة ..
لاحظت فريال توقف زوجها عن تناول الطعام فسألته بقلق
إيه يا يحيى مالك بطلت تاكل ليه
يحيى بضيق
ماليش نفس يا فريال.
فريال بحزن
ليه بس طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية
لأ مش عايز.
فريال بإنزعاج
في إيه بس يا يحيى كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!
يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة
هو إبنك خلاني عايز أي حاجة عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي.
فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا
مايقدرش يا يحيى إنت أبوه عثمان بيحترمك و الله هو بس آا ..
يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع
بلا بيحترمني بلا نيلة بقي أنا ماعرفتش أربيه أصلا طالع ساڤل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد
بس و الله لأفرجه يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !
علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها صالح ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه
ليلتفت له يحيى متسائلا بصوته الخشن
عرفت إزاي إنت شوفته و هو راجع
أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر.
حدجه يحيى پغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شړا مؤذيا لكنه فشل في ضبط نفسه فوثب من مجلسه و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه ..
لحقت به فريال بسرعة بينما قالت صفية و هي ترمق صالح بنظرات محتقنة
إيه إللي إنت عملته ده
صالح ببراءة مصطنعة
عملت إيه !
في الطابق الثالث من القصر و الذي تقع به غرفة عثمان حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا ..
تركض فريال وراء يحيى و تترجاه بصوت خائڤ
عشان خاطري يا يحيى بالراحة عليه إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده.
توقف يحيى بمنتصف الردهة الطويلة و إستدار لزوجته و صاح بها
إمشي يا فريال إنزلي تحت دلوقتي.
فريال برفض
لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي.
يحيى بعصبية
يعني هعمل فيه إيه هضربه پالنار ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق و قال بشيء من الهدوء
إطمني يا ستي مش هعمله حاجة .. مابقاش عيل صغير عشان أعاقبه يعني أنا هتكلم معاه بس.
نظرت إليه في تردد لكنها أذعنت لرغبته في الأخير و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة عثمان بمفرده ..
فتح يحيى باب غرفة إبنه ليجدها غارقة في الظلام
إبتسم بسخرية ثم إتجه نحو الشرفة العريضة و أزاح الستائر عنها ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق و يزعج عثمان المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم ..
تململ عثمان مطقطقا عضلات ظهره العاړي ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان
فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا
تآفف عثمان بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة ..
صباح الخير يا بابا .. قالها عثمان بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه
ليرد يحيى بغلظة
صباح الزفت علي دماغك.
عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه
ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه أنا جاهز لكلامك.
يحيى ببغض
يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين !
عثمان بسخرية
و عايزني أتكدر ليه أنا عامل حاجة لا سمح الله !
يحيى بلهجة حانقة
بعد كل إللي عملته ده و بتسأل أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك
عثمان و قد إنتابه الڠضب
كنت عايزني أبقي كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي مش أنا إللي تيجي بت زي دي و تعلم عليا أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من ډمها و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم.
و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ماتستهلش.
عثمان و هو ينتفض بعصبية
لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تت علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحړق كمان.
صمت يحيى بعد إفراغ عثمان شحنة غضبه الحبيسة و قد إلتمس له العذر الآن فقط إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه فلم يعد ليجادله مجددا ..
يحيى بهدوء
طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده.
عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية
أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت قولتلي نفوذ أبوها و بتاع و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الڤضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه.
أومأ له يحيى ثم قال
ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا أنا لسا مافطرتش.
في منزل رشاد الحداد .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر
يشمله رشاد بنظره تقييم مشمئزة ثم ينطق بصوت غليظ
إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي.
إزدرد الشاب ريقه بتوتر و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين
و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا ب بحب چيچي بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ ..
إخرس .. قاطعه رشاد پغضب و أردف بحدة
إسمع ياض .. إنت هتتجوزها.
أومأ الشاب بسرعة
أتجوزها يا باشا.
رشاد بتهكم مرير
لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك.
أقشعر بدن الأخير ببنما أكمل رشاد بلهجة أمر
تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة.
أنا تحت أمرك يا باشا.
رشاد بتوعد
عارف لو ماجتش !
الشاب و هو يقسم بإضطراب
ه هاجي و رحمة أمي هاجي.
إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما بس ساعتها بقي يا ويلك مني.
الشاب مؤكدا
ماتقلقش يا باشا أنا هاجي بكره في الميعاد.
رشاد بصرامة
أنا مش قلقان يا حبيبي ..