رواية الحسناء
أن تتعامل معه إلي أن تصل لوجهتها....كان بخاطري أن أقول لكي بأنك لن تظلي هكذا....ولكن الطريق لا يزال طويل....إضافة إلي أن هذا المنعطف من الطريق ليس آمنا كثيرا....فلتذهبي وتكلمي طريقك....وأنا سأظل أدعو لكي بالقوة والثبات إلي أن أطمئن بأنك قد وصلتي....لا تخافي....فالله يعلم بضعفك وقلة حيلتك ولن يتركك....فقط كل ما عليكي أن تحسني الظن به....وبالتأكيد ستكوني كذلك فأنتي فتاه قوية الإيمان....وأنا علي يقين من
ذلك....ولكن تمهلي ي هذه....لقد تعبت كثيرا....وأصبحت غير قادره علي مواصلة السير....فكلما تقدمت أكثر كلما شعرت وكأن قدماي غير قادرتان علي حملي....إضافة إلي شعوري بعدم الإتزان....ماذا إن حدث ما أخاف منه....وما يخيفك ي قارورتي....ألا تعرفي!....أخاف أن أفقد الوعي كعادتي....ولكي أن تتخيلي ما سيحدث بعد ذلك....لا تقلقي....كل شئ سيكون علي ما يرام....فقط عافري .
أتت هنا تحديدا....ولمن لا يعرف أو بالأحري قد اختلط عليه الامر ونسي الاحداث....فهي اتت هنا لانه سبق وأن عرضت عليها المسئولة الإداريه العمل ولكنها ماطلتها خيفة أن تحتاجه يوما وألا تجدها....وبالتطلع كانت موفقه في هذا القرار....وأضف إلي ذلك أنها تحب الأطفال وهم أيضا شديدي التعلق بها....فبالطبع هذا سيكون المكان المناسب....فهو مكان بعيد عن الانظار ولن يخطر ببال احدهم أنها به.....ولكن لكم أن تتخيلوا كم كانت تعاني في هذه الرحله....فالطريق مبتل ومن الصعب السير عليه....وملابسها مبتله....والجو شديد البروده....أتمني ألا تصاب بالحمي....ولكن كيف!....فهي محاطه بكل مسبباتها....كما أنها فتاه ضعيفة المناعه ومن السهل عليها إلتقاط العدوي .
ولم يمض أكثر من دقيقه إلا وكان الطبيب حاضرا....وبمجرد أن رأي حالتها تلك حتي عرف أنها تعاني من إنهيار عصبي فأسرع بإعطائها إبره مديئه نامت علي إثرها ونقلت إلي غرفه مجاوره لهذه الحجره....وبالطبع رافقتها تلك السيده الحنون....عايده حتي أنها هي من أبدل لها ملابسها....وجلس بجانبها منتظرا إستيقاظها .
في شقة حمزة
نجده لايزال بملابسه المبتله تلك ويجلس علي فراشه والهاتف بيده....يبدو أنه قد أنهي مكالمه لتوه....تري مع من كان يتحدث!....مهلا مهلا....اصمتي....أنه يحدث نفسه....هل جن هذا أما ماذا!....ولكن دعونا نسمع مايقول....حمزة بتوعد والله ي ما هسيبك وهوصلك حتي لو كنتي فين....وهخلي أيامك سوده....فاكره يعني لما تهربي ماحدش هيوصلك....بس وديني لأجيبك....هي ديتها يومين ولا تلاته وهتبقي ف إيدي....أنا عارفك غبيه ومش هتبعدي....وأكيد هوصلك بسهوله....وساعتها والله ماهرحمك....ثم انتفض من مقعده بعصبيه وسار بإتجاه غرفة ملابسه وأخذ منامه شتويه ودلف الحمام .
أتمني لكم قراءة ممتعة
في دار الأيتام
نجدها تتململ بكسل في نومتها ومن ثم تفتح عينيها بتثاقل لتنظر إلي أرجاء الغرفه وتقول بصوت متحشرج أنا فين .
عايده انتي ف الملجأ ي حسناء....نسيتي ولا ايه .
وهنا تتذكر كل ماحدث وكيف عانت كثيرا ليلة أمس فيعبث وجهها وتمتلئ عينيها بالدموع ومن ثم تبدأ بالبكاء ولكن ليس كأمس....عايده وهي تربت علي كتفها خلاص ي حبيبتي ماعدتيش ټعيطي....واهدي كده عشان تعرفي تتكلمي وتقوليلي أيه اللي حصلك امبارح وخلاكي مڼهاره بالشكل دا....ولكن الآخري لاتزال مستمره في البكاء فتكمل خلاص لو سبب شخصي ومش عايزه تتكلمي فيه أنا مش هضغط عليكي وهسيبك براحتك....بس عشان خاطري اهدي وماتعمليش ف نفسك كده....شوفي عنيكي بقيت حمره وورمت إزاي....وهنا حسناء بدأت تهدأ تماما وتحدثت من بين شهقاتها بصوت مبحوح خلاص سكت اهو وماعدتش هعيط....أنا عايزه أقولك إني.....ولكن قاطعها دخول إحدي العاملات لتعلم السيده عايده بأن الطبيب الخاص بالدار يريد لقائها وهو بإنتظارها في مكتبها....فتتحدث عايده طيب روحي إنتي وأنا جايه وراكي....وبعدما إنصرفت العامله وجهت كلامها لحسناء قائله أنا همشي دلوقتي وهنكمل كلامنا بعدين....اهو حتي تكوني هديتي أكتر .
كالخادمه في بيتي....أأقول بأني جاهله لم أكمل تعليمي....أأقول بأني دائما ضعيفه ومهانه....لقد بعثرت كرامتي كثيرا ولم يتبقي منها سوي القليل....ومن حقي أن أحفظ ماتبقي وأصون ماء وجهي .
وحان الآن دوري كي أسالك وإن كنتي تملكي إجابه فلتريحيني بها....هل سيقدر الجميع ظروفي أو بالأحري هل سيصدقون كل ما مررت به....من سيعوضني عن الأيام التي مضت من حياتي ولم أعش بها ككل من هو بعمري....هل كل زميلاتي يخدمن في البيوت مثلي....هل يعاملن پقسوه كما أعامل أنا....لا أعرف ماذا فعلت أنا ليحدث لي كل هذا....أقسم لك بأني دائما أفكر بالإنتحار لكي أستريح ولكن ماذا أنا بفعاله لو مت كافره....فبهذا أكون قد خسړت دنيتي وآخرتي....دائما مايتردد في مسامعي كلام أبي عمن ماټ منتحرا....كنت لا أزال صغيره آن ذاك ولم أكن أفهم مايقول....والآن فقط أدركت....فكان يقول لا أعرف لما الجميع يريد أن يتخلص من مشاكله بالإنتحار وينهي حياته بإعلان كفره....أهذا هو الحل....أكل من يقدم عليه مستعد للقاء ربه....ألا يعرف بأن خالقه أرحم عليه من نفسه....الله لن يتركك هكذا....حتي وإن أطال عليك فهو يختبر صبرك وحتما سيجبر بخاطرك جبرا يعجب له أهل السماء....فهو لن يغلق كل الأبواب بوجهك ويجعل لك باب الاڼتحار هو السبيل الوحيد لتخطي ما أنت فيه....نحن فقط من نختار الطريق الأسهل....نحن من أصبحنا ضعفاء نخشي فقط هموم الدنيا ولا نخشي عڈاب الاخره....فلتصبر وإن فرجه لقريب .
كم هو مريح أن أتذكر ماكان يقوله أبي....وأين هو الآن ليري حالي....ويري كيف أصبحت كالمشرده....بلا مأوي....رحمك الله يا أبي وجعل مثواك الجنه....ولكن دعونا من هذا فبما يفيد الكلام في حالتي هذه....من الأفضل أن أصمت وألا أفكر فيما مضي وأتطلع لما هو آت....وهنا تلتقط حقيبتها ومن ثم تفتحها وتخرج هاتفها....ماذا ستفعل به تلك....هل تنوي بيعه أم ماذا....ظلت شارده به لفتره ليست بالكبيره إلي أن قطع شرودها إضاءة الشاشه معلنه عن مكالمه وارده من جواد....ماذا أهو جواد أم أنني فقط أتخيل....كانت غير مصدقه لدرجه جعلتها تفرك عينيها للتأكد مما تراه....وسريعا ما همت بالضغط علي زر الفتح ولكن تراجعت عندما تذكرت تجاهله لها طيلة تلك الفتره الماضيه....انتهي الاتصال ولكن الآخر عاود الإتصال ثانية....أما الاخري فكانت في حيره بين عقلها وقلبها....فالقلب يريد والعقل يمتنع....ظلت هكذا تتجاهل مهاتفاته إلي أن إنهارت حصونها وضغطت علي زر الفتح ووضعت الهاتف علي أذنها....وبمجرد أن سمعت صوته حتي دخلت بنوبة بكاء ولم تستطع الحديث فكلما حاولت التكلم داهمتها تلك الشهقات اللعينه التي تصحب
البكاء....ظلت هكذا لفتره غير قادره علي الحديث أو حتي إيقاف البكاء....وفي النهايه قامت بإنهاء المكالمه وإنطوت علي نفسها تكمل بكائها إلي أن نامت مره أخري....فهو الشخص الوحيد الأقرب لقلبها....ولمجرد سماع صوته أرجع لها الشريط الأسود لما حدث معها .
عند جواد
نجده يكاد ېموت خوفا عليها وأخذ التفكير يلعب برأسه....تري ماذا بها....لقد آلمني قلبي لسماع بكائها....ماذا أصابكي ي صغيرتي....ألم تكتفي الدنيا من إيذائك....ماذا فعلتي انت لكل هذا....ولكن إطمئني فأنا لن أتركك هكذا....وسأعوضك عن كل ماحدث لك....وهنا يتنبه لحازم وهو يقول إنت سرحان ف أيه كده ي ابني....ايه حكايتك انهارده....وبعدين بمناسبة اي يعني بتكلم حسناء....انت ف أيه ولا ف أيه .
جواد بحزن أنا لما فتحت تليفوني لقيتها متصله كتير قبل كده فخۏفت يكون حصلها حاجه وإتصلت عليها لكن ماكنتش بترد ولما ردت قعدت ټعيط جامد وبعد كده قفلت....أنا قلقان عليها اوي....ثم أمسك هاتفه ثانية واكمل حديثه قائلا انا هتصل عليها تاني....وكاد ان يفعل ذلك ولكن حازم اوقفه وقال استني....انت هتعمل اي....انت دخلك اي بمشاكلها وحالها....وبعدين مش واخد بالك ي جواد انك مهتم بيها زياده عن اللزوم....انا كنت فاكر انك كنت بتعمل كده بحكم انها ف بيتكم وبنت ضعيفه مالهاش ف المشاكل وصعبانه عليك لكن شكل الموضوع غير كده لأن انت المفروض كنت تقطع علاقتك بيها من بعد ما سابت البيت بس انت ماعملتش كده....احكيلي بصراحه....وقولي اي حكايتك مع حسناء ي جواد .
جواد بضيق حكاية اي ي حازم ماتكبرش الموضوع .
حازم پحده لأ هكبره....عارف ليه!....عشان انت باين عليك اوي انك بتحبها....انت مش شايف وشك اصفر ازاي من الخۏف عليها....بس للأسف انت حبيت واحده مستحيل تربط بيها....نصيحه مني ي جواد عشان لا تجيب المشاكل لا ليك ولا ليها ابعد عنها وطلعها من حياتك....لأن صدقني إنت لو خطيت خطوه واحده ف موضوع حسناء دا او فكرت انك تتجوزها حمزة مش هيعديها علي خير وهيقلب الدنيا وهتحصل مشاكل احنا ف غني عنها....فعشان خاطري ي جواد ابعد عن حسناء واقصر الشړ لأن والله حمزة ماهيسيبها ف حالها .
جواد بعصبيه وهوا داخله اي....اتجوزها ماتجوزهاش مالوش دعوه....وبعدين تقصد اي بمش هيسيبها ف حالها....هيعمل فيها اي يعني .
حازم انت عارف كويس اوي ان حمزة مابيحبهاش وإنه فاكر إنها بتمثل دور البنت الغلبانه عشان تتجوز حد منكم ولو انت اتجوزتها او حتي فتحت الموضوع كده هتأكدله إن
ظنه فعلا كان صح....واكيد عمره ماهيقبل بكده وهيعمل المستحيل عشان يبعدها عن طريقك....فلو فعلا بتحبها ماتجيبش سيرتها تاني ولا تقول انك بتكلمها لأن حمزة قاسې ومابيتفاهمش ولو الموضوع طلب انه يإزيها....هيإزيها....من غير مايتردد....لانه بيكرهها لدرجه ماتتخيلهاش .
جواد بعصبيه يإزيها!....ازاي يعني مش فاهم!....ولما هوا بيكرهها