رواية مريم الفصول من 6-11
انت في الصفحة 1 من 6 صفحات
6
ټهديد !
وصلت سمر إلي بيتها أخيرا بعد أن أطمئنت علي ملك و تعرفت علي أسباب علتها
أمسكت ملك بيد و باليد الأخري أدارت المفتاح في القفل ثم دفعت الباب و دخلت و هي تتنفس بصورة غير منتظمة بسبب درجات السلم الكثيرة التي صعدتها
أغلقت الباب بروية و أستدارت لتنظر في عمق الصالة
بالطبع كان فادي هناك واقفا في محاذاة الحائط قبالتها في الظل وراء باب النافذة المفتوحة
لم يصعب عليها كثيرا فهم أنه شاهدها من خلال النافذة و هي تترجل من سيارة عثمان هذا بدا واضحا جدا من نظرات العڼف و الإتهام المنطلقة كالأسهم من عينيه
إنقبضت في إنتظار السيل الجارف من اللوم و الإهانات
لكنه لم يأت بحرف بقي متفرسا في وجهها توقعت أنه لا يقو علي الكلام من شدة الڠضب فباشرت هي بتبرير ما قامت به
فادي ! إنت رجعت يا حبيبي أنا إتصلت بيك كذا مرة قبل ما أنزل عشان أقولك إن ملك سخنت فجأة بس إنت ماكنتش بترد فإضطريت أخدها أنا علي المستشفي و ألقت نظرة نحو الطاولة في الوسط حيث نسيت هاتفهها و تابعت
بس نسيت الموبايل هنا أسفة أكيد إنت إتصلت بيا كتير !
سمعت صدي حشرجة في حنجرته لكن بقيت ملامحه علي حالها إلي أن تحرك أخيرا و قال بهدوء شديد يختبئ ورائه ڠضب عظيم
أخذت تتنفس بسرعة بينما إتسعت عيناه و كانتا باردتان و قاسيتان جدا
علاقة إيه و زفت أيه صاحت بصوت عال و أردفت پغضب
هو أنا لاقية آكل و لا آكلوكوا لما هروح أعمل علاقات إنت إتجننت !
فادي بعصبية و هو يقترب منها
ده يبقي صاحب الشغل يا مچنون أجابت بصړاخ ثائر
ده يبقي عثمان بيه إللي حكيت لسيادتك عنه ده يبقي الإنسان الوحيد إللي وقف جمبنا و ساعدنا بعد ما كل الناس جم علينا و ظلمونا و شوف كمان و رفعت كيس الآدوية التي أوصي بها الطبيب لشقيقتها و أكملت
فادي متسائلا بحدة
و هو إيه إللي يخليه يعمل معانا كل كده أساسا عاشقنا في الضلمة !! نطق جملته الأخيرة بتهكم لاذع ثم قطب بإستغراب مكملا
و بعدين تعالي هنا إنتوا إتقابلتوا إزاي لما هو ماكلمكيش عشان تروحي تستلمي الوظيفة إللي قالك عليها ! شوفتيه إزاي !!
أنا بردو مش مقتنع ! قالها فادي بعدم إقتناع و أردف بشك
بيعمل معاكي إنتي بالذات كده ليه إشمعنا إنتي يعني ما المحتاجين كتير !!
سمر بسخرية
و إنت إيش عرفك إنه مش بيعمل كده مع ناس كتير عمرك ما شفت حد بيعمل خير مع ناس كتير !!
لم
يرد و ظل ينظر إليها في عدم إقتناع
فأدارت عيناها بضيق و هي تطلق زفرة حانقة ثم إختفت من أمامه بسرعة متجهة إلي غرفتها و أخذت ملك معها
في مستشفي الأسكندرية العام
يعود عثمان إلي هناك و يصعد للطابق الثالث ليخبره المسؤول عن الدور بأنه تم نقل صالح إلي غرفة عادية لإستكمال العناية به
ذهب عثمان إلي غرفة رقم 407 حيث أرشده المسؤول ليجد أنها ليست غرفة بالمعني الحرفي و إنما هي مجرد عنبر كبير إكتظ بالمړضي بمختلف أنواعهم
رجال نساء و أطفال
وقف مشدوها للحظات يحدق في كمية الإهمال و المناظر المريعة الممتدة أمام ناظريه لكنه ما لبث أن راح يبحث بعيناه عن أفراد عائلته وسط هذا الكم الهائل من الناس
وجدهم بصعوبة هناك جمعيهم يقفون بركن قاصي من العنبر ملتفين حول سرير معين لابد أنه السرير الذي يرقد عليه صالح
مساء الخير يا جماعة ! قالها عثمان و هو يقترب بخطوات واسعة ثم يقف بجوار والده الذي ما أن رآه حتي صاح به
إنت كنت فين يا بني آدم من الصبح و بكلمك قافل تليفونك ليه إزاي تسيبنا في موقف زي ده
عثمان بفتوره المعتاد
كان ورايا مشوار مهم خلصته و رجعت علطول أهو ثم توجه بالنظر نحو عمه و هالة و قال
حمدلله علي السلامة يا عمي حمدلله علي السلامة يا هالة
تجاهله رفعت متعمدا و أدار وجهه للجهة الأخري لكن هالة لم تفعل
هالة بصوتها الرقيق و المغلف بالحزن
الله يسلمك يا عثمان إزيك
تمام الحمدلله قالها بإبتسامة قصيرة ثم عاد إلي والده و قال و هو يصوب نظره نحو صالح الموارى تحت طبقات من الجبس و الشاش
إنتوا إزاي لسا مستنين هنا إزاي ما طلبتوش نقله لمستشفي خاصة !
يحيى بنظرة عابثة
و إحنا كنا مستنين رأيك مثلا عملنا كده يا حبيبي حجزناله أوضة في أحسن مستشفي و خلاص عربية الإسعاف علي وصول
أومأ عثمان متجاوزا رنة الإستهزاء في نبرة والده ثم إستأذن منهم لدقيقة و خرج أمام العنبر ليجري مكالمة خاصة
في منزل رشاد الحداد داخل حجرة الطعام
يترأس المائدة كعادته بوقاره و هيبته الطاغية إبنتيه تجلسان معه الكبيرة علي يمينه و الصغيرة علي شماله
يتم الغداء في جو صامت متوتر لا يسمع خلاله سوي أصوات الملعاق و بقية آدوات الطعام و هي تحتك بالصحون و الأطباق
يرن هاتفهه فجأة فيخرجه من جيب سترته و ينظر إلي إسم المتصل عثمان البحيري !!!
تصلبت عيناه عند رؤيته للإسم و لاحظت إبنتيه جمود تعابير وجهه
لكنه أعطي أمر بالتحفز لجميع حواسه و أجاب بنبرة تحد
أهلا بالغالي !
صمت قصير علي الطرف الأخر ثم جاء صوت عثمان الناعم كجلد الأفعي
إزيك يا رشاد بيه إنشالله تكون كويس !
كويس جدااا يا عثمان
إنتفضت چيچي إثر سماع إسمه و مضغت الطعام بصورة خاطئة مما تسبب لها في نوبة سعال حادة
جاءتها أختها بكأس من الماء بينما تابع رشاد مكالمته
فيك الخير و الله يا عثمان بتتصل عشان تسأل بجد العيش و الملح مابيهونوش
عثمان بضحكة مجلجلة سمعتها چيچي جيدا منبعثة من سماعة الهاتف
هو أنا أه ممكن أتصل أسأل عليك بس المرة دي أنا إتصلت عشان حاجة تانية
خير يا عثمان تساءل رشاد ببرود ليرد عثمان و قد تحولت نبرته تماما من اللين إلي الڠضب الشديد
إسمعني كويس يا
رشاد يا حداد إبن عمي في المستشفي دلوقتي بسببك أنا عارف إنك كنت قاصدني أنا بس خليني أقولك لو صالح ماقمش بالسلامة زي ما كان أنا همحيك إنت و بناتك من علي وش الأرض ده طبعا بعد ما أنشر الڤضيحة التانية إللي لسا شايلهالك عندي
رشاد بخشونة
ڤضيحة إيه
الفيلم الساخن بتاع بنتك المصونة قالها عثمان بصوته الخبيث و إستطاع رشاد أن يري الإبتسامة الشيطانية التي إرتسمت علي شفتيه الآن دون أن يراه
تابع عثمان بإسلوبه المنحرف الماكر
أنا لسا محتفظ بيه بصراحة لو تشوفوا هتفتخر ببنتك أوي ما شاء الله يعني مخلف محترفة عارف لو كنت إتجوزتها أكيد كنت هتبسط معاها أوووي چيچي في نظري كانت أنسب بنت جميلة و بنت بنت عيلة بس نقول إيه بقي هي إللي إستعجلت و مشيت شمال و علي رأي المثل يا خسارة الجمال لما يمشي شمال ثم تنهد بخفة و قال
يلا بقي أنا مضطر أقفل دلوقتي بس يا ريت متنساش كلامي هه ! إفتكر كويس إني حذرتك يا رشاد بيه قبل ما تفكر تعمل أي حاجة تمسني أو تمس حد يخصني إفتكر الڤضيحة بتاعة المرة الجاية و قدر حجمها كده هيكون أد إيه سلام يا باشا و إبقي سلملي علي چيچي قولها عثمان باعتلك سلام خصوصي أووووي
و أغلق عثمان الخط و هو يضحك بشدة بينما جرش رشاد بأسنانه و إزدادت حمرة وجهه الغليظ
دوي فجأة صوت إڼفجار علبة الصودا المغلقة التي كانت بين أصابعه فإنتشر السائل في كل مكان و بلل كلا من چيچي و أختها
لم تجرؤ واحدة منهما علي سؤال رشاد ماذا قال له عثمان !
فآثرتا الصمت بينما غمغم رشاد و هو يشتعل ڠضبا و غيظا
بتعجزني يابن ال ماشي ماشي يا عثمان !
في منزل سمر كانت بغرفتها
تغير لملك ملابسها عندما ولج فادي في هدوء ممسكا في كلتا يداه كوبان من الشاي الأحمر
إقترب ببطء من السرير ثم مد يده إلي سمر قائلا
إتفضلي يا ستي عملتلك معايا كوباية شاي إنما إيه هتروقك عالأخر
تطلعت سمر إليه في شك و لكنه بدا طبيعيا للغاية و كأن لم يحدث شجارا بينهما اليوم
أخذت منه كوب الشاي و لم تستطع إخفاء تعجبها فضحك بخفة و هو يسألها
إيه يا بنتي مالك مذبهلة كده ليه !
سمر و هي تضع ملك في حجرها
أصل إللي يشوفك دلوقتي مايشوفكش لما كنت بتزعق و عصبي من شوية !
فادي بإبتسامة
و أنا يعني إتعصبت و زعقت ليه أكيد إنتي عارفة إني خاېف عليكي صح
سمر و هي ترد له الإبتسامة
طبعا عارفة يا حبيبي بس لازم يكون عندك ثقة شوية في أختك الكبيرة أنا دلوقتي يا فادي بقيت مكان ماما و بابا بالظبط إنت و ملك مسؤولين مني و واخدين كل وقتي يعني إطمن مافيش حاجة ممكن تشغلني عنكوا لا راجل و لا غيره أنا ماعدتش بفكر في مواضيع الإرتباط دي أساسا
طب أولا إنتي غلطانة لأن إنتي و ملك إللي مسؤولين مني أنا أنا هنا راجل البيت قالها بإسلوب مسرحي أضحكه و أضحكها معه و أكمل
ثانيا أنا واثق فيكي جدا جدا كمان لكن مش واثق في إللي حواليكي يا سمر ثالثا بقي و ده الأهم ليه يا حبيبتي مش بتفكري في الإرتباط لا
تكوني عايزة تقعدي في أرابيزي ! لأ يا ماما ده أنا هزقك بدري بدري عشان أفوق لملوكة عمري أنا دي
و راح يداعب أخته الصغيرة و يدغدغها من بطنها و أسفل إبطها فيجعلها تضحك بهستريا محببة لديه
يا سيدي قول يا باسط قالتها سمر بإبتسامة باهتة ليرد فادي بحسه الفكاهي
يا باسط ياستي عايزاني أقول حاجة تاني ده إنتي قمر يا بت و بكره العرسان هيبقوا طوابير مش هلاحق عليهم يروح واحد يجوا عشرة لحد ما ألاقيلك الزوج إللي هو إللي عليه العين و النية
ضحكت سمر من قلبها و قالت
ېخرب عقلك يا فادي ضحكتني عرسان إيه إللي هيبقوا بالطوابير دول هيجوا علي إيه