الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية تقي الفصل الثالث

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

شاشته ليرى أن التوقيت قد تجاوز الرابعة صباحا    
ألقى هو بالهاتف على الفراش دون اكتراث ثم أنزل ساقيه عن الفراش أولا وانحنى بجذعه للأمام قليلا ووضع كلتا يديه على فروة رأسه وظل يمرر أصابعه في شعره وأخذ يحك رأسه بشدة حتى ينفض تلك الذكريات الآليمة والمفزعة عن عقله    
زفر هو مجددا ثم نهض كليا عن الفراش وسار في اتجاه باب الغرفة ودلف إلى الخارج وهو عاري الصدر ليطل على رفيقه عدي    
كان عدي شبه فاقد للوعي على الأريكة الموجودة بصالة المنزل من أثر الخمر وإلى جواره عدد من الزجاجات الفارغة وكذلك بقايا الطعام الجاهز   
تأمل أوس هيئة عدي المزرية وحدجه بنظرات متأففة ثم تركه وسار في اتجاه المرحاض لكي يغتسل لعله يتمكن من نسيان ذلك الماضي المشين والمخيف الذي مازال إلى الآن يطارده في أحلامه
أدار أوس صنبور المياه البارد وأنزل رأسه أسفله وأغمض عينيه مجددا ليستمتع بتلك البرودة التي أطفأت إلى حد كبير النيران المستعرة في عقله    لم يدر هو كم من الوقت ظل باقيا على تلك الحالة ولكنه كان يبحث عن السلام الداخلي عمن يخمد ذلك البركان الهائج في صدره
لم يهنأ أوس يوما بعد الذي حدث في تلك الليلة المشؤومة أي منذ ما يزيد عن ثمان عشر عاما    
فقد تملكه الړعب الشديد حينما أوشك ممدوح رفيق والده على الإعتداء بدنيا عليه ولكن منعه من الإقتراب منه قرع جرس الباب حيث نهض ممدوح عن الفراش وركض خارج الغرفة بعد أن أوصد الباب عليه من الخارج في حين اختبىء هو بداخل خزانة الملابس حتى لا تطاله يد ذلك الدنيء    
ورغم أنه كان محاصرا بالداخل والظلام الدامس يغلف الخزانة المختبيء بها إلا أن صوتها الذي اخترق أذنيه كان يطمئنه بأنها ستحميه من شره    
ولكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور حينما سمع أصوات شجارها مع ذاك البغيض و   
-تهاني پغضب عارم انت إزاي تعمل كده أنا مش هاسكت
-ممدوح بصړاخ حاد تهاني كله كان بموافقتك وأنا مضربتكيش على ايدك   !
-تهاني بنبرة عازمة وقوية ونظرات ضيقة ومتوعدة وأنا مش هاسيبك تفلت باللي عملته حقي هاجيبه منك وهاخلي ناريمان تعرف وأنا آآ   آآآآآآه    ابعد عني آآآآآآآآآه
استمع أوس إلى صړاخ السيدة تهاني الهادر وهي تحاول الاستغاثة بمن يساعدها ولكن تحول هذا الصړاخ بعد ثوان قليلة إلى ضحكات رقيعة ن وشبه مائعة وأصوات أقرب للدلال الممزوج بتأوهات من الآلم فاكفهرت ملامح وجهه أكثر وشعر بالتخبط في أفكاره و   
-تهاني بنبرة ناعمة آآآه يوووه يا ممدوح أنا مش بحب كده انت بتوجعني
-ممدوح بنبرة رخيمة باموت فيكي 
-تهاني بنبرة مليئة بالدلال الله    مايصحش اللي بتعمله احنا عند مهاب مش في بيتنا 
-ممدوح بخبث عندك حق ده حتى مهاب نايم فوق مع حبيبته وأنا نفسي أخد راحتي معاكي أوي    تعالي يا قلبي تعالي
ثم تعالت ضحكاتهما سويا وبعدها بلحظات انخفضت تدريجيا حتى ساد السكون التام في أرجاء الغرفة    وهنا أدرك أوس مفهوما جديدا في الحياة وأوهم نفسه بأن هناك لذة ما في تعذيب الغير    نعم هو ذلك الشعور الذي يمنحك القوة حينما تعتدي بالقسۏة على من هو أضعف منك شعور يجعلك المسيطر والمهيمن على كل شيء   
أفاق أوس من شروده هذا وأبعد رأسه عن الماء المنهمر ثم نظر إلى نفسه في المرآة بنظرات شرسة ومتوحشة و   
-أوس وهو يصر على أسنانه في غل كلهم زي بعض كلهم نسوان   !
ثم ضړب بقبضة يده

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات