رواية ادم الفصول من 12-15
ستفتقد هذا المكان بشدة .. شعرت براحة وسکينة لم تألفهما من قبل .. شعرت وكأن كل همومها وأحزانها قد زالت وكأنها ولدت فى ذلك اليوم بقلب جديد .. روح جديدة .. شعرت بسعادة بداخلها لا تدرى سببها .. شعرت بأنها ستعود الى هذا المكان مرة أخرى .. بل مرات .. فحنينها لهذا المكان بدأ ولن ينطفئ أبدا
نظرت من شباك الطائرة الى المدينة قبل أن تغادرها .. نظرت لها من السماء بملء عينيها وكأنها تحفر صورتها فى قلبها وعقلها .. أسندت رأسها الى المقعد وهى تتنهد فى راحة .. وتتذكر ما فعلته فى العمرة .. ربت والدها على يدها وابتسم لها قائلا بحنان
نظرت اليه وابتسمت .. اغرورقت عيناه وهو يراها لأول مرة منذ فترة تبتسم بسعادة .. وتلمع عيناها بهجة .. شعر بأنه يرى آيات التى افتقدها والتى اشتاق الى رؤيا ابتسامتها العذبه .. اتسعت ابتسامته وهو ينظر اليها بحنان .. كان ينتظر منها ايماءة برأسها لتجيب بها عن سؤاله كما هى عادتها .. لكن دموعه أخذت فى التساقط على وجنتيه عندما ردت قائله
الحلقة 14
هبت نسمات الصيف الحارة لتلفح وجه آيات الواقفة فى شرفة غرفتها .. توجهت الى الداخل لتهرب من تلك الموجات الساخنه .. نزلت الى الأسفل حيث قابلت فى طريقها دادة حلمية التى خرجت للتو من غرفة الطعام لتبتسم فى وجهها قائله
كويس هتفطروا مع بعض النهاردة
نظرت اليها آيات وعلى شفتيها إبتسامه عذبه .. سعدت بها حليمة التى حمدت الله على عودة آيات الى وضعها الطبيعي .. دخلت غرفة الطعام وهى تقول بمرح
قبلت رأس والدها الذى ضحك قائلا
ومن امتى بأه واحنا بنفطر سوا .. أنا راجل بصحى بدرى عشان شغلى وحضرتك بتنامى للضهر
جلست آيات بجوار والدها على الطاولة وقالت
و أصحى بدرى أعمل ايه .. أنا لا شغله ولا مشغله
تناولت قطعة خبر ثم نظرت الى والدها قائله
لسه برده يا بابا رافض شغلى عندك فى الشركة
مش مسأله رافض يا آيات .. أنا بس مش عايز أتعبك يا حبيبتى وكمان لما نبقى نطلع الرحلة اللى اتفقنا عليها
قالت آيات ضاحكة
آه الرحلة اللى بسمع عنها من قبل امتحاناتى ولسه مطلعنهاش لحد دلوقتى
ابتسم عبد العزيز قائلا بأسف
أديكي شايفه من ساعة ما رجعنا من العمرة وأنا مطحون فى الشركة .. بس زى ما وعدتك هفضى نفسى فى أقرب وقت ونطلع الرحلة اللى وعدتك بيها
أحلى رحلة ممكن أفكر انى أطلعها فى يوم من الأيام هى العمرة ..بجد كان شعور مختلف عمرى ما حسيت بيه قبل كده
ثم نظرت الى والدها قائله
ياريت يا بابا نطلعها مع بعض كل سنة
قال عبد العزيز وهو يربت على يدها
ان شاء الله يا آيات .. وكمان هنطلع نحج مع بعض السنة دى ان شاء الله
قالت آيات بلهفه
قال عبد العزيز وهو ينهض
ان شاء الله نروح تانى وتالت وعاشر كمان .. بس سبينى دلوقتى بأه عشان الشغل بيناديني
شيعته آيات بنظراتها قائله
ربنا معاك يا بابا
أنهت آيات فطارها وتوجهت الى غرفة المعيشة تشاهد التلفاز .. رن هاتفها فردت مبتسمه
ألو .. أيوة يا سمر
قالت سمر
اسمها السلام عليكم يا بنتى
ضحكت آيات قائله
السلام عليكم يا سمر
وعليكم السلام .. ها هتيجي النهاردة
قالت آيات
أيوة طبعا بس له مرجعتش
يلا قومى راجعى وبطلى كسل
ثم قالت
أصلا اللى بتكلمك دى لسه مرجعتش
ضحكت آيات قائله
طيب قولى لنفسك الأول
قالت سمر
أسماء مش عايزه تيجي معانا برده
قالت آيات بحزن
أسماء مش عايزه تعمل أى حاجة .. من ساعة ما مامتها وباباها انفصلوا وراحت عاشت مع مامتها وهى اتغيرت أوى وبعدت عنى أوى حتى لما بكلمها كتير اوى مبتردش عليا ولما بترد ببقى حسه انها عايزه تنهى المكالمة
قالت سمر
بس اللى أعرفه انكوا صحاب أوى
قالت آيات بحسره
أيوة صحاب جدا .. بس هى أسماء كده لما حاجة تضايقها تلاقيها بعدت عن الكل وخدت جمب لوحدها حتى مبترضاش تحكى عن مشاكلها .. أنا فوجئت لما عرفت ان مامتها وباباها انفصلوا مع انها ماقالتليش انهم مكانوش متفقين مع بعض وده مزعلنى منها أوى
قالت سمر
ربنا يفرج كربها
آمين
ثم قالت آيات بعزم
بس أنا برده هفضل ألح عليها انها تيجي معايا المسجد حسه ان جو المسجد هيخليها تنسى مشاكلها وتندمج مع المجموعة اللى هناك .. وكمان لما تبتدى تحفظ قرآن أكيد هتحس براحه أكبر وربنا هيزيل همها
ثم قالت
أنا نفسى حسيت بكده وحسيت الصحبة الحلوة دى هونت عليا حاجات كتير
قالت سمر
خلاص حاولى تقنعيها وانتى وشطارتك بأه .. هستناكى متتأخريش
ماشى يا سمر
هاتفت آيات .. أسماء التى ردت بهدوء قائله
ألو
قالت آيات بمرح
سمسم ازيك .. وحشانى رغم انك مش معبرانى خالص
قالت اسماء بحزن
معلش يا آيات أنا مش فى المود اليومين دول
قالت آيات بعتاب
طيب ليه مبتتكلميش معايا يا أسماء مش احنا صحاب
تنهدت أسماء قائله
مفيش حاجة أصلا عشان أتكلم عنها .. سيبك منى .. انتى أخبارك ايه .. عاملة ايه دلوقتى
قالت آيات
أسماء سيبك منى وقوليلى انتى اللى عامله ايه .. مرتاحه مع مامتك فى بيت جدك
قالت أسماء بضيق
آيات بجد مش حابه أتكلم عن أى حاجه تخصنى أصلا أنا بحاول أهرب من التفكير فى مشاكلى فمش عايزه اتكلم فيها أصلا كلميني عن أى حاجة الا عنى .. بجد يا آيات مش حبه أتكلم فى حاجه ملهاش حل .. ما هينوبنى الا انى أتحسر على حالى وخلاص فبلاش منه
قالت آيات مشجعة
حبيبتى ان شاء الله كل حاجة هتتصلح بس انتى متبقيش محبطه كده
قالت اسماء لتغير الموضوع
أخبار الأجازة معاكى ايه
ضحكت آيات قائله
أجازة ايه يا بنتى احنا خلصنا خلاص
ابتسمت أسماء بوهن قائله
معلش تعود بأه .. تعرفى له مش مصدقة اننا خلصنا دراسة .. كانت أيام تيييييييييييت
ضحكت آيات قائله
واضح انك بتعزيها أوى
قالت أسماء بمتسمه
أوى أوى .. أهى غارت
قالت آيات
بقولك ايه يا سمسم ما تيجي معايا المسجد النهاردة .. والله الناس اللى هناك لذاذ أوى وهترتاحى معاهم
قالت أسماء بضيق
لأ مش حبه أروح فى حته
قالت آيات
بس يا أسماء ........
قاطعتها أسماء قائله
آيات بجد متضغطيش عليا .. سبينى وأنا شوية كدة وهتلقيني فوقت ورجعت زى الأول .. معلش يا آيات بس فعلا أنا مش فى المود خالص
قالت آيات بحزن
ربنا يريح قلبك يا أسماء
تنهدت أسماء قائله
آمين
دخل زياد مكتب آدم بالقرية السياحية وهو يصيح قائلا
ايه يا آدم الطباخ التعبان اللى عينته ده
رفع آدم رأسه ونظر اليه قائلا
ماله .. عمل ايه
قال زياد وهو يجلس
ده كبيره يا آدم يفتح كشك على ناصية شارع
قال آدم بضيق
أنا مليش فى موضوع الطبيخ ده .. قدملى شهاداته والأماكن اللى اشتغل فيها وكلها أماكن كويسة
قال زياد
وأكيد اطرد منها
قال آدم وقد بدا عليه اتعب
أنا كان مطلوب منى أعمل انترفيو لكل عامل ولكل مسؤل فى القرية .. فأكيد هتلاقى فى حاجات ممكن تفلت من تحت ايدي وعشان كده وجودك معايا هيفرق كتير
قال زياد
متقلقش سيب موضوع الطباخ ده عليا
قبل أن ينصرف وقع بصره على البار الصغير فى زاوية المكتب فالټفت الى آدم الذى عاد للإنهماك فى عمله وقال
انت بتشرب ولا ايه
تابع آدم عيناه الواقعه على البار ثم نظر اليه قائلا
لا ده عشان الأجانب والناس اللى بتشرب .. أكيد مش هقدملهم قهوة وشاى
قال ذلك ثم التقط علبة السچائر وأخرج منها سېجارا وبدأ فى اشعاله .. قال زياد بعتاب
انت رجعت للسجاير تانى ولا ايه مش كنت بطلت يا ابنى
قال آدم بلا مبالاة وهو يعاود النظر الى حاسوبه
كبر
هز زياد رأسه وغادر المكتب .. رفع آدم رأسه لينظر الى البار الذى أمر بوضعه داخل مكتبه .. شعر ببعض الإمتعاض لكنه تجاهل الأمر وقال فى نفسه .. ضروريات عمل .. ثم عاد الى عمله مرة أخرى
ما كادت سمر تتوجه الى باب المستشفى لتغادرها حتى التقت ب على .. نظرت اليه بدهشة ثم انتبهت الى نظراتها فأخفضت بصرها وأكملت طريقها الذى اعترضه على قائلا
لو سمحتى يا دكتورة
اضطربت سمر بشدة ووقفت وهى تشعر بالتوتر الشديد .. بدا على على التوتر مثلها .. قال بحرج
أنا بس كنت عايز أقول لحضرتك انى لقيت شغل تانى .. حاليا أنا بشتغل محاسب فى شركة استيراد .. لسه متثبتش فيها بس على أمل انى اتثبت ان شاء الله أنا متفائل
بلغ اضطراب سمر درجاته القصوى .. كانت تنظر الى الأرض دون أن يكون لديها الجرأة لتنظر اليه .. فأكمل بإرتباك
أنا بس كنت عايز أعرفك انى عندى طموح كبير ونفسى أحققه .. ونفسى أكون أحسن .. يعني أقصد
تلعثم بشدة ثم قال
أنا حابب آجى البيت انا ووالدى ووالدتى ويبقى الكلام براحتنا أكتر وأدام والدتك
شعرت سمر بالكلمات تهرب منها لا تدرى ما تقول .. وقفت صامته تنظر أرضا وهى مرتبكة وعاقدة ما بين حاجبيها .. توتر على بشدة ثم قال فجأة بعصبية وقد ظن بأنها ترفضه للمرة الثانية
أنا آسف .. انسى اللى قلته .. آسف انى ضايقتك
ثم الټفت وغادر المكان وهو يشعر بالحنق والضيق .. وقفت سمر مكانها تحاول تنظيم ضربات قلبها التى أخذت تتسارع بقوة .. ثم ما لبثت أن نزلت الدرج واستقلت التاكسى الى منزلها وهى تفكر فيما حدث منذ قليل
كان عبد العزيز جالسا فى حديقة الفيلا مع آيات يحتسيان الشاى .. قالت آيات بحماس
عارف يا بابا .. المحفظة بتاعتى قالتلى ان مستوايا اتحسن كتير فى القراءة وقالتلى انى لو ركزت فى التجويد ممكن آخد