الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية جاسر من 1-5

انت في الصفحة 3 من 12 صفحات

موقع أيام نيوز

خصرها الدقيق حزام ذهبي ينسدل طرفه على جانبها الأيسر..وخصلاتها تجمعت في جديلة فرنسية لتطاير بعض الخصلات لتعطي وجهها الخالي من مستحضرات التجميل جاذبية مهلكة...
تبعتها بسنت والتي لم تقل جاذبية عن شقيقتها ب ثوبها الأزرق الطويل الذي يصل إلى كاحلها من خامة الحرير..ذو فتحة صدر واسعة أظهرت عظمتي الترقوة لتزيدها فتنة..وحمالات عريضة أخفت منكبيها..أما خصلاتها السوداء ف قد تركتها حرة تنساب على وجهها وعنقها ب جاذبية...
سألتها روجيدا ب ملل
هما فين يا ست بسنت!...
بحثت ب رأسها حتى وجدته جالسا في أحد الطاولات الراقية..لتشير إليه قائلة ب حماس
أهو هناك
عقدت روجيدا حاجبيها وتساءلتهو واحد مش جروب!
نفت ب رأسها وقالتلأ هما جروب..بس البوص جيه الأول..يلا نتحرك...
ثم جذبتها وهى تتحرك في إتجاه ذلك الشخص..الذي ما أن أبصرهم حتى نهض ورحب بهم ب أبتسامة عريضة
أهلا..أتفضلوا...
أشار لهم ب الجلوس..لتقول بسنت ب أبتسامة
روجيدا أختي..روجيدا دا مستر مراد النويهي..صاحب الشركة اللي بشتغل فيها
إبتسمت روجيدا مجاملة وقالتتشرفت ب حضرتك
رد مراد ب نبرة رخيمةالشرف ليا يا مدام روجيدا..بسنت حكتلي عنك كتير...
إكتفت روجيدا ب إبتسامة ولم ترد..بينما أخذت بسنت تتحدث عن العمل مع مراد..وبعد مدة وصل بعض الأشخاص وسادت دائرة الحديث عن العمل بينهم شاركت فيها هى قليلا ب خبرتها القليلة في العمل الذي أكتسبت من ذلك المجال خبرة ضئيلة عندما كانت تشارك العمل مع زوجها جاسر...
وعلى الناحية الأخرى كان جاسر يجلس كمن يجلس على صفيح ساخن..شارد الذهن قليلا بل كثيرا في لقاؤه القصير مع ذات العيون الفيروزية...
ولكن قاطع شروده صوت أنثوي شديد الرقة
مستر چاسر..وين عقلك شارد!..أنت مو معي بالمرة
تنحنح جاسر ب حرج وقالأسف يا مدام داليدا..أنا لسه راجع من سفر ومش مركز بس
أومأت ب رأسها وتابعت ب رقتهاإييه بعرف..وكتيير أسفة بشان عشان هيك
إبتسم جاسر ب فتور وقالولا يهمك...
نحت داليدا ب نظرها إلى الصغيرة التي تشبه والدتها في لون خصلاتها الكستنائية وعيناها الفيروزيتان المائلة إلى الزرقة..ثم تشدقت ب إبتسامة
هي بنتك!!
وضع جاسر يده على رأس طفلته وقال ب حنوأها
إتسعت أبتسامة داليدا وقالتماشالله..أديشها أد إيه چميلة
ليقول جاسر ب شرودجميلة زي مامتها...
كانت جلنار تتناول طعامها ب صمت غير آبهه للحديث الدائر بين والدها وتلك الشقراء ذات البشرة الخمرية..ليرفع جاسر عيناه عنها بعد تأمل دام دقيقة ثم قال ب جدية
نكمل كلام ف
الشغل!
أومأت ب رأسها ب موافقة وقالتإييه بنكمل...
ومر الوقت وهما يتحادثان عن العمل..لينتفض على صوت إبنته وهى تقول ب حماس ودهشة مشيرة بيدها إلى إحدى الطاولات
مامي..مامي هناك أيه...
عقد جاسر ما بين حاجبيه ثم ما لبث أن رفعها وينظر في إتجاه ما تشير إليه صغيرته..لتلجمه الصدمة وهو يراها تجلس مع بعض الأشخاص..وما أن دقق حتى إتسعت عيناه ب دهشة تحولت في ثوان إلى قتامة وڠضب حارق..يده كانت تنقبض في تكور إبيضت لها مفاصله...
نهض عن مكانه ب عڼف أدى إلى وقوع المقعد وقال ب صوت خاڤت يسري الړعب في النفوس
ثواني يا مدام داليدا..هروح أسلم على حرمي المصون...
ودون حرف أخر كان قد إندفع كالثور الهائج وأعصابه تشتعل بشراسة تجعل جسده كله يتشنج وهو يرى حبيبته تجالس
أخرين بل وتتجاذب أطراف الحديث مع ألد أعادءه وأكثرهم كرها له..ليقول جاسر ب همس يشبه فحيح الأفاعي
أنا بعدت عنك كتير يا روجيدا..وجيه والوقت اللي ترجعيلي فيه...
الفصل التاني
لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي...
علينا أن نستسلم إليه...
رغم ما فيه من ألم وحنين و وحشة
كانت الأرض السيراميكية على وشك الټحطم أسفل خطواته الھمجية..الغاضبة ب شدة..وعيناه خير دليل على ما قد يرتكبه..وصل إلى الطاولة ومن دون مقدمات قبض على معصمها ب قوة قادرة على تهشيم عظامها..ف شهقت ب ألم وذعر وهى تراه ب تلك الحالة التي لا تجد لها وصف...
رمقها ب نظرات قاتمة أسرت الړعب في جسدها..ولكنه أبعد عيناه عنها إلى مراد الذي نهض وعلى وجهه أبتسامة باردة وتشدق ب نبرة أكثر برودة
جاسر الصياد!..عاش من شافك...
وكأن صوته هو البطاقة الخضراء كي يندفع إليه ك الثور الهائج قابضا على عنقه ب شراسة وب صوتا جهوري أفزع من حوله
لو قربت من مراتي تاني..هاخد روحك ب إيدي
ليزيد الطين بلة وهو يقول ب خبث تقصد طليقتك..مش كدا ولا إيه...
إتسعت عيناه من وقاحته وإشتدت يده حول عنقه..ف سرعان ما تحولت الدهشة إلى ڠضب يكاد يغرق الجميع ثم هتف ب فحيح أفعى سامة
عالله يا مراد أشوفك بس قريب منها..ساعتها هتكون حفرت قپرك ب إيدك...
ثم دفعه ب قوة جبارة تراجع على إثرها عدة خطوات أفقده إتزانه ف وقع..رفع جاسر رأسه إلى بسنت ثم إلى الجميع وإبتسم ب شراسة قائلا
السهرة خلصت..أتمنى تكونوا إستمتعتوا بيها...
وبلا أي مقدمات أطاح الطاولة ب يده لتسقط ويسقط ما عليها محدثة دويا عالي..ثم نظر إلى بسنت ب ڠضب وقال هادرا
يلا..أنتي لسه قاعدة...
ف نهضت بسنت سريعا وهى ترى ذلك المارد المرعب وتحركت أمامه عدة خطوات..ثم نظرت إلى مراد الذي نهض وقالت ب همس
أسفة...
أومأ مراد ب رأسه ولم يرد..بينما تحرك جاسر بضع خطوات قبل أن يأتيه مدير المطعم قائلا ب حرج
جاسر باشا..مينفعش اللي حصل دا..كدا أنت أرهبت الزباين
ليرد جاسر ب عڼف أمشي من قدامي أحسنلك
جحظت عينا المدير بقوة وإتسعت عيناه ړعبا إلا أنه قال ب تردد
طب والخساير!...
كز جاسر على أسنانه ثم أخرج حفنة من الأموال وقڈفها ب إزدراء هاتفا ب نبرة محتقرة
أظن دي تكفي و تفيض..يلا غور...
وبدأ في التحرك جاذبا إياها خلفه ب قوة عڼيفة إلا أنها فضلت الصمت وخنوع ف هو ليس في أفضل حالاته...
إتجه جاسر إلى طاولته التي تجلس عليها صغيرته تتابع ما يحدث ب عينا متسعة رهبة وخطواته تدوي في المكان الصامت..هدر جاسر ب الصغيرة
جلنار..يلا...
إنتفضت الصغيرة على هتافه وإمتلأت عيناها ب عبرات..ولكنها جذبت حقيبتها ونهضت..إلتفت إلى داليدا وقال ب صوت قاتم
معلش يا مدام داليدا..هنأجل الأجتماع لظروف عائلية...
نهضت داليدا وهى تحت تأثير الصدمة تومئ ب رأسها ب شرود..تتعجب من رجل الأعمال الراقي الذي كان يجلس أمامها منذ دقائق ليتحول إلى هذا الھمجي في أقل من ثوان...
لم يأبه جاسر لصډمتها بل أمسك ب يده الأخرى يد صغيرته ب حنو ثم إتجهوا جميعا إلى الخارج...
وضع جاسر يده على ظهرها كي يدفعها إلى الخارج ولكنه تفاجأ ب ملمس بشرتها الناعمة أسفل يده الخشنة..نظر إلى الثوب من الخلف ..كور قبضته ب ڠضب حتى إبيضت مفاصلها وعيناه تحولتان إلى جمرتين مشتعلتين ڠضبا قاتم ك قتامة ملامحه...
أمسك جاسر يدها جاذبا إياها إليه وأجبرها على الإلتفات..ف واجهته ب أعين متسعة رهبة وخوف..ليقول هو ب نبرة كفحيح الأفاعي
فتحهالي ع البحري يا روجيدا!!...
حاولت النطق وإستجلاب الكلمات ولكنها فشلت أمام هذا المارد الضخم الذي بدا على وشك إفتراسها..وجدته يترك يدها ب حدة ونزع عنه سترة بذلته و وضعها عليها..ثم دنى إلى أذنها وهمس ب شراسة
إما قفلتهالك ع القبلي مبقاش أنا جاسر الصياد!...
ثم دفعها

لكي تتحرك ونظر إلى بسنت قائلا ب صوت مكبوت
يلااا..إتحركوا قدامي...
وإمتثل الجميع إلى أوامره إتقاءا لشره الغير مبرر بالنسبة لهم...
جلس الجميع ب السيارة والصمت يطبق على المكان حتى بات خانقا..كانت روجيدا تجلس ب جانبه عاقدة حاجبيها ب ڠضب وذراعيها أمام صدرها..شفتيها مزمومة ب حنق وعيناها تخترقانه ب قوة...
وبسنت تجلس ب جانب الصغيرة ب الخلف بعدما هدأتها ب رقة وحنو..وذلك لم يمنع ضربات قلبها التي تتقافز داخل قفصها الصدري ك الأرنب المذعور...
أما جاسر ف بدى في عالم غير عالمنا..يداه تشتدان على المقود ب درجة كبيرة حتى كادت تهشمه..وعيناه العسليتان تحولت إلى اخرتين عنيفتين..شرستان..قاتمتان..وتيرة أنفاسه العالية هى التي شقت السكون حولهم..ولم يغفل عليه نظرات روجيدا التي تخترقه ب ڠضب..ليلتفت إليها على حين غرة ف إرتبكت وقالت ب تعلثم حاد
ممكن..أعرف..إيه سبب المسرحية دي!...
لم يرد جاسر بل بدى وكأنه لم يسمعها من الأساس وبقى يحدق بها ب غموض أربكها وجعلها تنظر أمامها ب حنق..تحرك ب نظره من المرآه الأمامية إلى بسنت التي تعض على أناملها خوفا..ثم قال ب هدوء حاد
كنتي بتعملوا إيه مع مراد النويهي!...
إبتعلت بسنت ريقها وهى ترى نظراته تخترقها ب قوة أحړقتها ثم قالت ب خفوت مسلوب الإرادة
كنت بشتغل عنده ف الشركة لما كنت ف المنحة..وكنا ف عشا عمل بنتكلم ع الشغل ف مصر
رفع أحد حاجبيه وأكمل ب نفس الهدوء وأختك المصون بتعمل معاكي إيه!...
أدارت روجيدا له وجهها ب عڼف ولكنه لم يعرها أي إنتباه..ف إشتعلت غيظا لتلتفت إلى الصغيرة وأمسكت حقيبتها تخرج منها حاسوبها المصغر..وقامت ب تشغيل فيلم رسوم متحركة تلتهي بها الفتاه..ثم عادت تلتفت إلى جاسر تقول ب عڼف لم تستطع السيطرة عليه
وأنت مالك..ها!!..بتدخل ليه..ثم إيه أختها المصون دي!...
نظر لها جاسر ب طرف عيناه ب برود ثم عاد ينظر إلى بسنت قائلا
مسمعتش إجابتك!...
نظرت بسنت إلى روجيدا التي كانت تستشيط ڠضبا ثم قالت وهى تبتلع ريقها ب صعوبة
آآ..هى جت عشان مبقاش لوحدي...
ثم ضحكت ب بلاهة وقالت ب نبرة مازحة متوترة
ما أنت عارف يابو الجواسير...
رفع حاجباه ب ذهول ثم ما لبث أن تحول إلى ڠضب عارم رج السيارة
نعم يا روح أمك!
هتفت روجيدا ب حدة جاسر!!..إيه اللي أنت بتقوله دا
نظر إليها ب شراسة وقال أنتي تخرسي خالص دلوقتي..أنا مش طايقك أصلا...
جحظت عينا روجيدا ب صدمة ولكنها عادت تهتف ب ڠضب يوازي غضبه
متتكلمش معايا كدا
هدر ب عڼف أتكلم زي ما أنا عاوز...
رفعت الصغيرة وجهها عن حاسوبها المصغر ثم قالت ب نبرة طفولية غاضبة مع ملامح منقبضة
بس بقى يا بابي بطل تزعق..مش عارفة أتفرج على الكارتون
وضع جاسر يده على رأسه وصړخ ب ڠضب أه يا ولاد ال هتجبولي سكتة قلبية
زجرته روجيدا ب حدة متقولش الألفاظ دي قدام البنت...
و رغما عنها إبتسمت لمرآه..كان وجهه أحمر من كثرة الإنفعال..شعره الأسود مشعث ب طريقة محببة..أنفاسه تتسارع في محاولة يائسة في كبت غضبه..لم يكن أكثر جاذبية و وسامة في أي وقت مضى...
لاحظ جاسر إبتسامتها..كان من المفترض أن يثور ويغضب إلا أنه وجد الإبتسامة تشق وجهه لتزيده جاذبية..زفر يأسا وحاول إقصاء غضبه فما بينه وبين مراد لا أحد يعلمه سوى صابر وعائلته..وبقى هذا الأمر طي النسيان من أجل المضي في الحياه...
نظر جاسر إلى طفلته التي إندمجت مع الفيلم بسرعة متناسية ما حولها ثم توجه ب بصره إلى بسنت وقال ب خبث هادئ
ويا ترى أبو الصوابير يعرف إنك رجعتي مصر!...
تعلثمت بسنت وبان الإرتباك على وجهها ف لم ترد..بل أخفضت رأسها أرضا ليبتسم

جاسر ب شړ قائلا
امممم..واضح إن سبع الرجال ميعرفش..وماله يعملك زيارة مفاجأة...
إنتفضت بسنت ب فزع وتساءلت ب صړاخ
جاسر أنت بتهزر مش كدا!!..قولي أنك بتهزر...
لم يرد عليها جاسر لحظات ثم أوقف السيارة وتشدق ب هدوء
يلا يا بسنت إنزلي..تصبحي ع خير
جاسر...
يلا الوقت

انت في الصفحة 3 من 12 صفحات