الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية جاسر الجديدة الجزء الثاني

انت في الصفحة 5 من 21 صفحات

موقع أيام نيوز

بيه 
تحشرجت أنفاسها وعقلها يرفض أنه يلخص أمنيتها بكيونة الأمومة

لطفل يكن هو والده لمجرد ملكية لا ڼزاع عليها لقرار بالتحفظ والأسر لعقاپ إن أراده يوما كما فعل بسابقتها
.. ده ابننا على فكرة مش ليك لوحدك 
والرد كان فوريا حد الإقرار ولا مجال للڼزاع.. بيتهيألك صلبي وملكي 
ملكية لا ڼزاع عليها ملكية لن يفرط فيها فالنساء بحياته وضع مؤقت ومن تردن منهن الرحيل يمنحها حريتها وفورا ولكن من تسري بعروقه الډماء فلا مجال لرحيله إلا بإرادة الله عز وجل هو ليس بظالم وليس بذلك المتجبر بل هو دیکتاتور بنزعة ديموقراطية خالصة قد يظنها البعض تهاونا وتخاذلا ولكنه فقط يدرك حدود ملكيته أتظن نفسها امتلكته بطفل لتصرح بحملها علنا حتي يعرف القاصي والداني أتظن نفسها صاحبة القرار ألا تدري أنه هو الآمر والناهي!
تعويضا مناسبا هكذا كانت تفكر فأنفاسهم الهادئة المطمئنة بالقرب من صدرها كانت أكثر من تعویض مناسب لما مرت به منذ بداية اليوم مدت ذراعها لتحتضنهم أكثر وأكثر فكم اشتاقت لدفئهم لا تريد التفكير في الغد وما يليه وتبعاته الغامضة التي كانت ترهق لياليها سابقا هي الآن تشدو فقط للراحة والنوم بأحضانهم ففيها سكينتها ورغم ذلك شهد الفراش تقلب جنباتها بغير راحة حتى سمعت آذان الفجر يشق سكون الليل فقامت لتوضأ وتفرغ ما في جعبة قلبها في سجود مطول وبكاء لا تدري مصدره ولا سببه ولكنها شعرت بالراحة في طرد الدموع خارج مقلة عيناها وارتاح قلبها بالتخلص من ذلك العبأ وفي الصباح استيقظت متأخرة وبالكاد تستطيع اللحاق بموعد عملها وسمعت أصواتهم الضاحكة برفقة أمها فخرجت من غرفتها وعلى وجهها ترتسم إبتسامتها المشرقة وارتمى الصغار بأحضانها وهو يلقي عليها بتحية الصباح وسلمی تقول بإنفعال ضاحك
.. المدرسة راحت علينا 
ابتسمت لها سالي وقالت
.. وواضح أنك مبسوطة 
ألقت تحية الصباح على والدتها وقبلت رأسها ولم يغب عن ناظريها نظرة أمها المتأملة والمټألمة لحالها وقالت هاربة
.. أنا يادوب ألحق الشغل 
فعبست مجيدة
.. ما تاخدي أجازة وريحي يابنتي النهاردة واقعدي مع ولادك 
هزت رأسها بإعتراض
.. مش هينفع يا ماما أنا غبت إمبارح ممكن بكرة أو بعده بس ححاول أرجع بدري متقلقيش 
تناولت فطورها برفقة أسرتها الصغيرة سريعا وارتدت ملابس الحداد کالأمس دون تفكيير فقط لم تستطع الخروج من المنزل بملابسها المعتادة 
قطعة من الورق هذا ما تبقى له بحوزته کلمات تحمل له ذکری غالية ووصية ثمينة تعوضه بجزء يسير من فقدان ثروته ولكنها فشلت في تعويض روحه التي تشعر بالخواء دون أنفاسها لم يكن قريبا منها ولكن كان يكفيه مجرد المعرفة بأنها موجودة في إنتظاره بأي وقت واليوم ماعادت بإنتظاره عودته كما إعتاد لقد رحلت ورحل معها شعوره بالاطمئنان لقربها سمع طرقا على الباب فرفع رأسه ومسح عيناه بسرعة وطالع وجه أخيه المتجهم الذي ما أن رآه مرتديا حلته حتى قال
.. أنت رايح على فين على الصبح كده 
فرد بإقتضاب
.. راجع القاهرة 
فزجره أسامة ساخرا
.. مستعجل ليه 
وراك إيه هناك أهم من اللي هنا 
تنهد زياد بتعب وقال
.. معدتش تفرق يا أسامة صدقني عموما أنت معاك أكيد نص من الوصية ورقم حسابي في البنك أنت عارفه ولو جاسر مش عاجباه الوصية فأنا هاخد نصيبي کفایه 
قبض أسامة على ذراعه وقال غاضبا
.. أنت مش كل موقف تتحط فيه تهرب منه اتحمل مسئوليتك للآخر أنا وأخوك مش مسئولين عنك 
فرد زیاد پغضب أكبر
.. أنت بتسمي ثقتي فيكوا تنصل من المسئولية يا أسامة 
فعقد أسامة حاجبيه غاضبا
.. أقف وواجهه أطلب حقك دي شركتك 
فهم زیاد ما كان يرمي له أخيه فقال مستهزءا
.. وفكرك هيدهالي وبعدين ملعۏن الفلوس اللي هتخسرنا بعض خليهاله أنا الحمد لله ماشي في حياتي كويس ومش ناقصني حاجة 
هز أسامة رأسه وقال معنفا
.. وأنت فاكر أخوك طمعان في فلوسك هوا عاوز يحس أنك خاېف على أملاكك واتعلمت الدرس
مضى نحو الطاولة ورفع الظرف الذي خطته أمه بيدها وقال بأعين دامعة وأنفاس مخټنقة
.. صدقني أنا اتعلمت حاجات كتير أوي خصوصا بعد ده ده أعظم درس 
نكس أسامة رأسه وتمتم معتذرا
.. أنا مش قصدي 
قاطعه زیاد بصوت هادیء
.. أنا عارف أنك پتخاف عليا علينا بس اطمن أنا كويس وراجع إن شاء الله قريب 
غيابها المفاجيء بالأمس بالإضافة لهيئتها المتشحة بالسواد صباحا أثار قلقه ولم يستطع منع نفسه من إستراق السمع لهمهمات العاملين حولها حتى اقتنص فرصته بالإقتراب عندما كانت بمفردها في العيادة طرق الباب بخفه وابتسم لها على حذر وهو يقترب
.. البقاء لله 
هزت رأسها وقالت بأسف
.. أنا آسفه على غيابي المفاجيء إمبارح والنهاردة كمان جیت متأخر 
جلس وعيناه لا تحيد عنها
.. ميهمكيش أنا عرفت أنها كانت حماتك أأقصد اللي كانت 
هزت رأسها متفهمة وقالت لترفع عنه الحرج
.. آه الله يرحمها 
قال بفضول لم يستطع كبحه
.. هيا كانت مقربة منك 
إرتسمت الحيرة على وجهها ولم تدر

لوهلة ما الإجابة هل كانت يوما مقربة منها حسنا إذا كان الشجار اليومي والمشاكل التي كانت لا تحصى ولا تعد تقاربا فنعم هي مقربة وللغاية كان ينظر إليها محدقا بكل خجلاتها والانفعالات المتابينة التي تمر على وجهها مرور الكرام تباعا حتى قال
.. للدرجادي الإجابة صعبة!
ضحكت ساخرة رغما عنها وقالت وهي تشعر بالحزن لأنها وأخيرا تلقنت الدرس على نحو جيد ومؤسف في الوقت ذاته
.. یعني أحيانا بتعيش مع ناس عمرك كله ماتحسش بوجودهم أو ساعات بتتمنی تبعد وساعة الفراق تحس أن العشرة كانت حاجة مهمة أوي 
هز رأسه متفقا معها وزم شفتيه مستاءا
.. الفراق بيعيد ترتيب حساباتك بيخليكي تشوفي اللي مكونتیش عاوزه تشوفيه قبل كده 
صمتت لبرهة بالفعل لقد أعادت هي ترتيب حياتها بعد الفراق أبصرت تغيرات جذرية أطاحت بما كان في مأمن ومسكن ومستقر أطفالها في المقام الأول ولكن هل خسرتهم بالفراق لم تشعر بخسارتهم ولكنها باتت تشعر الآن وعلى نحو يومي بقيمتها بحياتهم بقيمتها هي في الحياة ولكن مع ذلك تتوق لمعرفة قيمتها بحياته هل يفتقدها سخرت من نفسها وبشدة عند تلك الخاطرة فالزوجة المصونة تحمل بأحشائها بذرة تنمو فأي إفتقاد يشعر به لقد محيت من حياته وشرع هو بإستئناف مسيرته على أكمل وجه كل ذلك وملامحها باتت مدروسه بإتقان بين ثنايا عقل کریم الذي أصبح متعلقا دون يدري بخباياها حتى قال دون مورابة
.. سالي أنت انفصلت عن زوجك إمتی 
إنتشلها من بحور حيرة أفكارها لترتسم الدهشة على ملامحها بل والصدمة إذ أنه لم يسأل فقط عن أمر شخصي يخصها بل رفع أيضا الألقاب الرسمية بينهما ونادها بإسمها ومع ذلك لم تتمالك لسانها الصريح وأفصحت عن ما يدور بخاطرها
.. مش شايف أنك بتسأل في أمر شخصي جدا!
هز رأسه وقال بإصرار وعيناه مركزة على تورد وجنتيها الخفيف
.. عارف بس على نحو ما حاسس أنه حقي متسأليش إزاي 
فضحكت رغما عنها وقالت
.. أنت صريح أوي 
هز رأسه متفقا معها
.. مش بيقولو الصراحة راحة 
وبلطف أردف
.. مجاوبتيش عن سؤالي 
فأجابته ببساطة
.. بالظبط 91 يوم 
فلمعت عيناه وهو يكرر بهمس ورائها
.. شهور العدة زائد يوم 
هزت رأسها صامتة وساد الصمت بينهما لوهلة حتى قام فجأة وقال قبل أن ينصرف
.. عشان كده النهاردة وشك باين عليه أنفاس الحرية 
عبست متعجبة ولم تفهم ماذا يقصد أو فهمت ولكنها لم تصدقه هل تحررت بالفعل من أسر جاسر سليم هل باتت تطير حرة في سماء الكون بعيدا عن فلكه! ببساطة لا يوجد تعريف آخر على ظهيرة الأرض سواه فهذا هو جاسر سليم يدفن أمه بالأمس القريب وفي اليوم التالي يظهر بكامل عنفوانه حلة أنيقة قاتمة ذقن حليق عطر يصيب المحيطين بالدوار وخطوات واثقة كأنما تخضع حدود جاذبية الأرض لقوانينه الخاصة راقبته درية وهو يتقدم منها ملقيا عليها بتحية الصباح بنبرة صوته الهادئة وأتبعها بأمر حاسم
.. کلمي مجدي المحامي خليه يجي واتصلي بأسامة بلغيه بالمعاد اللي هيوصل فيه مجدي 
هزت درية رأسها وشرعت بالفعل في أداء ماطلبه منها وماكانت سوی ساعة من الزمن حتى كان يجلس برفقه أخيه والمحامي الذي كان يقلب أوراق الوصية التي تركتها الراحلة متحيرا وإمارات العجب مرسومة بوضوح على وجهه حتى قال
.. أنتوا یعني موافقين على الوصية بالشكل ده إحنا ممكن نطعن فيها لأنها مش مستوفيه الشروط القانونية 
زجره جاسر بنظرة ڼارية ونبرة صوته إحتدت
.. الوصية هتتنفذ بحذافيرها أنا جايبك عشان تبدأ في الإجراءات 
نظر له مجدي ومن ثم لأسامة الساكن والذي كان يبدو أنه متفقا مع أخيه فقال مرة أخيرة
.. وزیاد موافق هوا كمان 
فرد أسامة مؤكدا
.. أيوا معندوش إعتراض 
حمل المحامي الأوراق وقال بعملية وهو يهم بالإنصراف
.. إذ أنا محتاج أقعد مع دادة نعمات ومدام سالي وزياد مفروغ من أمره وبالنسبة لبقية التركة فهبتدي في إجراءات إعلام الوراثة فورا
خرج مجدي مسرعا وهم أسامة بالإنصراف وراءه ولكن جاسر استوقفه قائلا
.. مکنش قادر يستنی كام يوم كمان
تنهد أسامة والټفت له مؤنبا
.. زیاد بیمر بوقت صعب يمكن أصعب مننا وأنت الوحيد اللي تقدر ترجعه هو المتهم الأول والأخير كان حريا بهم القول فتش عن جاسر سليم وليس عن المرأة كما قال نابليون 
فابتسم متهكما وهو يخرج من درج مكتبه مظروفا ألقاه ليد أخيه فتلقفه عابسا بعجب
.. إيه ده 
فرد بإقتضاب
.. افتحه 
تطلع أسامة للأوراق التي تثبت ملكية زياد لشركته وعقد البيع الذي خطته داليا بتوقيعها لجاسر مباشرة ومن ثم بتاريخ لاحق عقد بيع من جاسر لصالح زیاد فغمغم أسامة خجلا
.. کنت مفكر أنك . .
قاطعه جاسر غاضبا
.. على فكرة لولا أن الشركة كانت محتاجة شغل كتير مني وطبعا أخوك لغي التوكيل اللي كان بيني وبينه أنا كنت خليت عقد البيع من داليا ليه مباشرة أول ما أمور الشركة أتعدلت عينت مجلس إدارة وعضو منتدب مسئول عن أمور شرکته 
اقترب

منه أسامة وأعاد له المظروف
.. خليه معاك كده ولا كده أنا حاسس أنه ماشي في طريق ومش هيغير مساره دلوقتي 
رفض جاسر عرضه وقال مصرا
.. خليه معاك أنت أنت اللي هتدهوله وقت ما تحس أن مساره أتعدل 
وهمس وهو يعود للوراء متنهدا بعتب
.. أنا فيا اللي مكفيني 
جلس أسامة وأنظاره مرتكزة على وجه أخيه يحاول إستنباط مايدور في عقله من أفكار معقدة
.. سوسن الله يرحمها عقدتهالك خمسة مليون لحساب سالي مش مبلغ هين
رمقه جاسر بغيظ
.. ده الشماتة هتطق مع عينك يا أخي 
ضحك أسامة بصخب قائلا
.. قال يعني أنت هتغلب بكرة تلاقي طريقة تعيد بيها الوصال هيا يعني هتعرف تعمل حاجة بالفلوس دي كلها وأقطع دراعي إن مكنتش ترفضهم 
تألقت أنظاره وكأنما بعثت النشوة من جديد بخلاياه ودبت الحماسة بأوصاله فمهما تقطعت الخيوط بينهما ومهما صارت لعبته بعيدة عنه ومهما شعر بیدیه عاجزتين عن الإمساك بها فستتجدد الخيوط بينهما تلقائيا وللقدر تدابیره

انت في الصفحة 5 من 21 صفحات