قصة محامي
هو اللى شكنا بلاغ ووصى علينا.. بس مين هو.. ده منعرفوش لحد دلوقتى ..بس متقلقوش.. أنا هفضل ورا الموضوع ده مش هسيبوا غير لما
اعرف
قال كلمته والټفت إلى زوجته الجالسة بجواره ومستندة برأسها على ذراعه وقال
أتصلى باختك وطمنيها على جوزها
خرجت أم فارس ومهرة من بيت والد عزة مطرقتان برأسيهما بحزن وأسى لا يعلمان ماذا ينتظرهما فى المستقبل .
أستندت عبير إلى ظهر سريرها وعينيها تلمع بالدموع ألتفتت إلى الوسادة الخالية بجانبها وإلى الفراغ الذى طالما كان يحتله جسده بجوارها وارتسمت على جانبى شفتاها ابتسامة حزينة وهى تتذكر الرسالة الشفوية التى أرسلها مع عمرو .. وحشتينى أوى وبضمير ... تناولت وسادته وهى تستلقى على جانبها الأيمن واحتضنتها بقوة وهى ترويها بدموعها هامسة
وانت كمان وحشتنى أوى يا بلال
طرقت والدته باب غرفتها فوضعت الوسادة مكانها ومسحت دموعها واتجهت للباب وفتحته وعيونها المعذبة تفضح حزنها ..أخذتها والدته من ذراعها وخرجت بها خارج غرفتها إلى الأريكة التى يعتادون الجلوس عليها أجلستها كالاطفال والتفتت إليها قائلة
عارفة يا عبير أول مرة خدوا بلال فيها .. كنت ھموت من الړعب والخۏف عليه وكانت دماغى كل ثانية تودى وتجيب مش عارفة عايش ولا لاء .. لما قعد هناك كام شهر وطلع بعدها .. حسيت أن بلال اتغير أوى ..أتغير للأحسن .. وساعتها قالى كلمة عاجبتنى أوى قالى الدهب لازم يتعرض للڼار علشان يبقى نقى .. علشان كده مش عاوزاكى تخافى من المحڼ دى ... المحڼ دى اللى بتنقينا وتنضف قلوبنا وتشيل منها أى حاجة غير ربنا ...
أومأت عبير برأسها وهى تنظر لها قائلة
معاكى حق يا ماما
ثم قبلت كفها وقالت
ربنا يخاليكى لينا
ربتت أم بلال على رأسها بابتسامة حنونة فقالت عبير
المركز مش هينفع يفضل مقفول كل ده ..أنا هتصل بالممرض اللى كان مسؤل عن المركز واخاليه يرجع تانى وكل الناس اللى جلساتها اتلغت من غير سبب يتصل بيهم يقولهم ان المواعيد كلها اتأجلت علشان بلال مايفقدش المرضى اللى كانوا بيتابعوا معاه واهو يفضل فى المركز يعمل اللى يقدر عليه.. أكيد بلال كان بيعلمه شغله يعنى ممكن يمشى المركز شوية لحد ما بلال يرجع بإذن الله ..المهم المركز مايتقفلش أبدا
وقف عمرو أمام حجرة مكتب إلهام وتنفس بقوة ثم طرق الباب .. أتسعت ابتسامتها وهى تنهض من خلف مكتبها مسرعة نحوه بلهفة وقالت وهى تمسك بذراعيه
حمدلله على سلامتك يا حبيبى
أنزل عمرو يدها بهدوء ثم مد يده أمامها بورقة قائلا
ياريت حضرتك تقبلى استقالتى
نظرت إلى الورقة ثم رفعت رأسها إليه ثانية وهى تقول باستنكار
أستقالتك !! .. ليه يا عمرو ليه كل ما اقرب منك تبعد عنى
أتجه نحو مكتبها ووضع الأستقالة عليه بهدوء والټفت لها عاقدا ذراعيه أمام صدره قائلا
هكلمك بصراحة .. أنا الأول كنت متردد فعلا ..وكنت بقول مفيهاش حاجة طالما مش بعمل حاجة غلط وبينى وبينك كنت معجب بكلامك ليا
أبتسم ساخرا وهو يقول
راجل بقى وفرحان بشبابى وان فى واحدة بتحبنى وعايزانى وبتعمل المستحيل علشان تقربلى
تجهم وجهه وهو يردف بصوت خرج من بين جدران السجون قائلا
لكن اللى شوفته يخلينى أبيع الدنيا دى كلها.. واعرف ان الدنيا دى متسواش حاجة
ألتفت إلى مكتبها وهو يستند عليه قائلا
فى عز الوقت اللى كنت فرحان بيه بنفسى وبوسامتى شوفت شباب صغير قد اخويا محمود بيتعذب ويتجلد ويتكهرب وفى الآخر ېموت لمجرد أنه بيحافظ على صلاة الفجر.. لمجرد انه قال لظابط أتقى الله .
ألتفت إليها مرة أخرى وهو يقول
كل ده وانا كنت عايش مع نفسى ولا اعرف أى حاجة.. عايش علشان اكل واشرب والبس واشتغل وبس .. معرفش الظلم وصل لحد كده ازاى.. معرفش حاجة عن الناس اللى بټموت كل يوم من غير حس ولا خبر ولا كأنهم حيوانات ..
هتفت الهام مقاطعة
عمرو.. أنت شكلك أعصابك تعبانة.. خد أجازة ارتاح شوية
هز رأسه نفيا وقال بتصميم
آسف يا مدام.. أنا مصمم على الأستقالة
لمعت عينيها بالدموع وهى تحاول الوصول لنقطة اتفاق قائلة
طب اسمع بس يا عمرو .. خاليك فى الشركة وانا اوعدك انى مش هتكلم معاك تانى كلام يضايقك.. أو يحسسك أنك بتعمل حاجة غلط
نظر لها بترقب وهو يقول
مقدرش .. مينفعش أحط نفسى فى الفتنة واقول انا جدع وقدها وقدود
أبتلعت ريقها وقالت بتماسك
طب يا عمرو لو فى شغل بعيد عنى تقبله
قال بشك
شغل ايه
ابتسمت بتوتر وهى تقول
شركتنا داخله شراكة مع شركة سياحة ..هنبنى فندق سياحى فى مكان جديد اسمه وادى الريان.. هنبقى أول فندق فى المكان ده ..المشروع ده ضخم ياعمرو وهيطلعلك منه مكافأة حلوة أوى ..ممكن تبدء بيها حياتك العملية وتفتح شركة هندسة صغيرة كده على قدك ... ها قلت أيه
صمت قليلا يفكر فى الأمر فقالت
متقلقش مش هتبعد عن بيتك كتير.. هتنزل أجازة يومين فى الأسبوع ..تلات شهور والمشروع يخلص مش كتير.. يعنى بالنسبة لطبيعة شغلك
نظر إليها بتسائل وقال
واشمعنى أنا اللى عاوزانى اشتغل المشروع ده .. ليه