قصة محامي
فارس وهو يعرفه بنفسه ويقدم الكارت الشخصى الخاص به مبتسما ... نظر مفتش الاثار إلى الكارت ثم إلى فارس متفحصا له وهو يضيق عينيه ثم قال متسائلا
هو مش حضرتك كنت بتشتغل فى مكتب الدكتور حمدى مهران
أنتبهت حواس فارس وهو يومىء ببطء قائلا
ايوا هو حضرتك تعرفنى قبل كده
ابتسم الرجل ويهز رأسه قائلا
سبحان الله الدنيا صغيرة أوى .. هو حضرتك مش فاكرنى ولا ايه يا استاذ فارس
تأمله فارس قليلا محاولا تذكره ثم قال
الحقيقة هو شكل حضرتك مش غريب عليا بس مش فاكر بصراحه
استند الرجل إلى مكتبه وشبك اصابع كفيه فى بعضهما وقال بتاثر
مش فاكر الراجل اللى مراته رفعت عليه قضية طلاق وعلشان مكنش عاوز يديها حقوقها جالكوا المكتب بتاعكوا وكان عاوز يتهمها فى شرفها ظلم ويفترى عليها وانت قعدت تنصحه وتقوله حتى لو هانت عليك مراتك أزاى عيالك يهونوا عليك تلطخ سمعتهم بالشكل ده وميقدروش يرفعوا رأسهم قدام الناس بعد كده وفضلت تذكره بالله لحد ما قام مشى من قدامك وهو بيقول أنا مش عارف هو ده مكتب محاماه ولا جامع ..
أنتبه فارس متذكرا وهو ينظر إلى الرجل وقد عرفه وقال بدهشة
مش معقول
أومأ الرجل برأسه وهو يقول
شفت بقى الدنيا صغيرة ازاى
أطرق فارس مفكرا وقد شعر برفض طلبه قبل أن يطلبه وحاول أن يبحث عن مخرج آخر لعمرو الذى كان ينظر إليهما بحيرة ودهشة لا يعرف ماذا يقول .. قطع مفتش الاثار شروده وهو يقول موجها حديثه لفارس
أؤمرنى يا أستاذ فارس حضرتك كنت جايلى ليه
رفع فارس رأسه ببط ونظر فى عينيه وهو يقول بأحباط
الحقيقة أنا كنت جاى متحمس بس دلوقتى مبقتش عارف هتساعدنى ولا لاء
نظر له الرجل بابتسامة ونهض من خلف مكتبه وجلس على المقعد أمامه ووضع يده على قدم فارس وهو يقول ممتنا
أنت ليك جميل فى رقبتى عمرى ما هنسهولك أبدا
علت الدهشة وجه فارس وهو ينظر إليه بصمت فاردف الرجل قائلا
أنا بعد ما مشيت من عندك فكرت فى كلامك كويس وضميرى فضل ينقح عليا وانا بسمع كلامك عمال يدور جوا عقلى .. وفضلت طول الليل صاحى مش عارف اسمع اى حاجة غير الحوار اللى دار بينا فى المكتب عندك ... حسيت انى ندل وأنى كنت هلوث سمعت ست شريفة عاشرتها سنين طويلة مشفتش منها غير كل شرف وامانه .. كنت هضيع مستقبل ولادى وسمعتهم علشان العند .. علشان بس أثبتلها أنها مش هتاخد منى حاجة ڠصب عنى بالمحاكم .. وأكتشفت انى مقدرش استغنى عنها وان الموضوع كله كان عند فى عند .. روحتلها وأعتذرتلها واتصالحنا ومن يومها وانا شايلك جميلك ده فى رقبتى وبدعيلك ليل نهار ...
رغما عنه لمعت الدموع فى عينيه وهتف فى قلبه
يااااه يا ما أنت كريم يارب .. صحيح اللى عند ربنا مبيضعش ابدا
ربت الرجل على قدمه مرة اخرى وقال مطمئنا
قولى بقى أنت عاوزنى اساعدك فى ايه وانا رقبتى ليك
خرج فارس وعمرو من هيئة الآثار وقد بدت السعادة فى عينيى كل منهما وقال له فارس بحماس
شفت بقى مش قلتلك أن ربنا مش هيسيبنا أبدا
رفع عمرو يده للسماء وهو يقول
الحمد لله يارب ..
ثم نظر إلى فارس متسائلا وهو يقول
ودلوقتى المفروض هنعمل ايه الخطوه اللى جايه
ابتسم فارس بمكر وهو يقول
الخطوة الجايه هما اللى هيعملوها مش أحنا وساعتها هيبقوا كتبوا نهايتهم بأديهم
بمجرد أن انتهى مفتش الآثار من وضع الملفات التى بيده فى درج مكتبه حتى سمع طرقات خفيفة على باب حجرته ورأى رجلين يراهما لأول مرة ... مد نادر يده يصافحه وهو يقول
أقدملك نفسى مهندس نادر
وأشار إلى صاحبه وقال
وده الأستاذ باسم المحامى .
أيه أنت مش هتروح بيتك ولا ايه ...
قال فارس تلك العبارة وهو يمشى بجوار عمرو الذى كان يسير بجواره فى طريقه إلى بيت والدته .. فقال عمرو
لا أنا هبات عند ابويا النهاردة أصل حماتى تعبانة شوية ومراتى وأختها بايتين عندها
ثم ألتفت إلى فارس وقال متسائلا
وأنت مش رايح المكتب
هز فارس راسه نفيا وقد علت قسمات وجهه سحابة حزن وقال
ماليش نفس اعمل حاجة خالص يا عمرو ..أنا هروح البيت يمكن اعرف اشوفها ولا أكلمها
ربت عمرو على كتفه وحاول أن يكون مرحا وقال
أنا مكنتش أعرف أنك هيمان اوى كده يا عم فارس
ألتفت إليه فارس بصمت حزين ثم سار فى طريقه .. ودعه عمرو دخل بيت والدته بينما دلف فارس إلى بنايته المقابلة له صعد الدرج ولكنه لم يطرق باب شقته وإنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل .. أفتقدها بشدة يريد أن يملا عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله .. وأخيرا وضع رايته مستسلما وهبط درجات السلم مرة اخرى متوجها إلى شقته .. وضعت والدته طعام العشاء امامه على المائدة وهو شاردا فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه