الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية جابري الفصول الاخيرة

انت في الصفحة 4 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز

بصمت و إبتسامة دافئة..
لا يريد أي شيء أخر غير أن يراها قوية و تحيا حياة سعيدة حتى لو كانت سعادتها هذه مع غيره منذ اللحظة التي أخبرته فيها بحملها و هو أيقن أنهما لن يتقابلان على طريق الحب أبدا و رغم هذا تعهد بحمايتها و دعمها لأنها ستظل صغيرته سلسبيل..
خلينا ناخد ساعة راحة و نعاود للشغل مرة تانية..
قالها عبد الجبار و هو يرفع رأسه أخيرا و ينظر تجاه معذبته التي ابتعدت مسرعة بعينيها عنه و مثلت إنشغالها بالأوراق أمامها..
نهض جميع الحضور من بينهم جابر الذي تحدث بعملية و هو يتنقل بين سلسبيل و عبد الجبار قائلا..
مدام الشغل مطول كده يبقي نطلب غدا.. تحبوا تاكلوا حاجة معينة ..
عايزة بيتزا ميكس جبن يا جابر لو سمحت..
قالتها سلسبيل بصوتها الهامس الرقيق و هي تعتدل على مقعدها بوضع أكثر راحة و رمقة عبد الجبار بنظرة خاطفة مكملة بابتسامة مصطنعة..
و وصل مستر عبد الجبار لمكتبه الجديد اللي صممت كل ديكوره بنفسي..
ذادت ابتسامتها اتساع و تطلعت له بنظرة بدت باردة و تابعت بثقة..
تصميمه مش هيعجبك.. بس هو عاجبني أنا و ده المهم..
كتم جابر ابتسامته على طريقتها التي تثير جنون ذلك العاشق الملتزم بالصمت لم يتفوه بكلمة واحدة أكتفي بالنظر للعاملين المرافقين لهم نظرة يخبرهم بها أن يتركوهم بمفردهم و بالفعل بدأ الجميع يغادرون المكان واحد تلو الأخر..
طيب يلا بينا يا عبد الجبار أوصلك لمكتبك و بعدها هطلب الأكل.. أطلب لك بيتزا أنت كمان و لا تقضيها سندوتشات زيي .. قالها جابر الذي نهض من مكانه و سار تجاه الباب..
أطلب أي وكل مش هيفرق..
نطق بها عبد الجبار و هو ينهض أيضا سار خلفه بخطوات هادئة أثارت
الريبة بقلب تلك الجالسة جعل قلبها ينتفض أكثر بين ضلوعها خاصة حين وجدته يغلق الباب عليهما بعدما خرججابر مباشرة..
و ده إسمه أيه ده إن شاء الله يا مستر!.
قالتها بثبات تحسد عليه عكس انصهارها و ذوبان عظامها..
أني طلقت خضرا يا سلسبيل..
قالها بغصة مريرة يملؤها الۏجع جملته هذه هزت كيانها كله و أصابتها پصدمة للحظات قليلة رسمت بعدها الجمود على محياها و هي تقول بلامبالاة..
طلاقك لأبلة خضرا ميخصنيش.. دي حياتك و أنت حر فيها..
قطع المسافة بينه و بينها في خطوتان فقط حتى توقف أمامها مباشرة المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان.. 
اتوحشتك قوي قوي يا حبة القلب..
قالها و هو يرمقها بنظراته التي يشتعل بها نيران شوقه إليها..
أنهارت كل قوتها المزيفة بلمح البصر توردت وجنتيها بحمرة الخجل و نظرت له نظره يملؤها الحب مرددة بتنهيدة كالمغيبة.. 
و أنت!..
لم تكمل حديثها و كأنها أستعادة وعيها سريعا..
وأنت لا.. موحشتنيش خالص يا عبد الجبار ..
رفع حاجبيه معا و تطلع لها بابتسامة عابثة و من ثم رفع أكمام قميصه عن معصميه أمام عينيها المتيمة به حينها تردد بقلبها سؤال واحد فقط..
كيف حال الدفء على صدره!..
شهقت بصوت خفيض حين جثي فجأة على ركبتيه أرضا أمامها و جذبها بمقعدها عليه شعرت بمدى ضئلتها بين ذراعيه الضخمه
من حجي أطمن على ولدي اللي في بطنك..
قالها بابتسامة لعوب و هو يتفرس ملامحها بافتنان لا يخلو من الإشتياق..
تنحنحت سلسبيل كمحاولة منها لإيجاد صوتها و رفعت يدها دفعته بكتفه تبعده عنها پعنف لكنه كالصخر لم يتزحزح من مكانه و لو أنش واحد بل ألتصق بها أكثر..
و أنت مين قالك إن اللي في بطني ولد أصلا!..
تطلع لها بفرحة غامرة حقيقية و هو يقول بتساءل..
بنت حامل في بنت يا سلسبيل..
رمقته بنظرة يتطاير منها الشرر و صاحت في وجهه پغضب قائلة..
و لا بنت..
نظر لها بحاجب مرفوع و مال بوجهه على وجهها حتى تلامست أنفهما مغمغما بحرارة..
يعني لا واد و لا بت!! أمال حامل في أيه عاد..
خطڤ قبلة من أرنبة أنفها مكملا ..
نوع الكائن اللي عمال يخبط شمال و يمين و بيچري تحت يدي ده أيه!..
ملكش فيه.. لما أولد إن شاء الله أكيد هتعرف وقتها اللي بيجري ده نوعه أيه .. أردفت بها و هي تكافح بضراوة لتتخلص من حصاره هذا..
كانت عينيه مثبته على شفتيها و هم بغمرها بقبلة جامحة 
ضيقت عينيها و قد تفهمت ما يدور بذهنه فضحكت بصوتها كله و هي تقول..
أنت فاكر إني كنت رافضة أرجعلك بسبب أبلة خضرا و دلوقتي ممكن نرجع عشان طلاقتها!.. اللي بتفكر فيه ده مستحيل يحصل لأن أنت كنت على حق في كل كلمة قولتها ليا و أنا اللي غلطانه.. شعوري نحيتك كان مجرد احتياج للحماية فعلا..مش حب و لا عشق زي ما خيالي المړيض صورلي..
نظرت داخل عينيه بعمق و تابعت بقسۏة نابعة من چروحها التي مازالت ټنزف..
يعني أنا مبحبكش ياريت تفهم ده كويس و بما إني اتعلمت احمي نفسي بنفسي و الفضل في ده يرجع ليك الحقيقة فأنا بعترفلك أني مديونة ليك بالشكر لأنك صممت على انفصلنا يا عبد الجبار و أنت كنت قولتلي إنك هتحترم قراري..
كلماتها أصابته بمقټل أيقنت الآن أنها خسرته للأبد من نظرته لها المملؤه بالحسړة و الۏجعطعنته في قلبه پسكين بارد أبتعد عنها ببطء و انتصب واقفا بطوله المهيب وتحدث بصلابة قائلا ..
و أني عند كلامي.. قرارك هنفذه و مش
هردك لعصمتي و من انهاردة اللي بنا هيكون اللي في بطنك سواء بنت أو ولد و الشغل و بس يا سلسبيل هانم..
....................................... سبحان الله وبحمده......
بالخارج..
وقف جابر مستند بكفيه على مكتب صفا يتأملها بشغفتلك الفتاة الخلوقة وصية والدته التي أكتشف أنها يتيمة الأبوين و أن زوج والدته يكون صديق والدها الذي لم يرزق بأطفال فتخذها ابنة له بعد ۏفاة والدها و والدتها في حاډث أليم نجت هي منه بمعجزة إلهية
ابتلعت لعابها بصعوبة من نظراته الجديدة كليا عليها يتطلع لها بابتسامة دافئة لا تخلو من الإعجاب مردفا..
أطلب لي بيتزا معاك ..
بيتزا!!.. بس أنت قولت قبل كده إنك مبتحبهاش..
همست بها صفا بستحياء متجنبة النظر له ليميل هو برأسه قليلا عليها فنظرت له بأعين متسعة على أخرها من تغيره المفاجئ معاها ليزيد هو من دهشتها حين قال..
أصلي المرادي واثق إني هحبها زي ما هي بتحبني و أكتر كمان..
رمشت بأهدابها مرات متتالية مدمدمة ببلاهة..
هي مين دي اللي بتحبك!..
نظر لها نظرة مصطنع البراءة و هو يجيبها.. 
البيتزا يا صفا.. هيكون أنتي مثلا اللي بتحبيني! و مش بس كده ده أنا كمان هطلب ايديها للجواز انهاردة..بس تفتكري هي هتوافق على طلبي ده ..
تجمعت الدموع بعينيها جاهدت للسيطرة عليهم تمنعهم من الهبوط و تحدثت بابتسامة مټألمة قائلة..
لو عليها هي أكيد هتوافق على طلبك يا جابر بس معتقدتش إن أنت اللي هتوافق عليها لو عرفت أن! ..
صمتت لوهلة و اعتدلت بمقعدها أظهرت إحدي قدميها رفعت ثوبها بضعة أنشات لتظهر أمام عينيه طرف صناعي ترتديه بقدمها اليمني..
رجلها مبتورة..
بس أنا عارف يا صفا.. عرفت عنك كل حاجة و بتمني توافقي على طلبي..
هنا انهمرت عبراتها على وجنتيها بغزارة و حركت رأسها بالنفي مرددة بأسف..
أنا سمعت الكلام ده قبل كده من خطيبي الأولاني و في الأخر سبني قبل الفرح بأسبوع.. و أنا معنديش إستعداد يحصل فيا كده تاني يا جابر..
مسحت دموعها پعنف و نهضت من مكانها مكملة بأسف قبل أن تسير من أمامه بخطي شبة راكضة..
طلبك مرفوض..
................................. سبحان الله العظيم..........
خضرا..
بعد أن تأخر عبد الجبار للعودة إلى المنزل عدة ساعات طويلة كانت تظن أنه لن يتردد في ردها كل هذا الوقت لكن من الواضح أنه لن يتراجع عن يمينه هداها تفكيرها إلى لملمت ما تبقى من كرامتهاقررت أن تعود للصعيد بدأت تجمع ثيابها و ثياب ابنتيها..
أنتي بتعملي أيه يا أماي ! ..
قالتها فاطمة بتساءل و هي تتنقل بنظرها لحقائب الثياب الكثيرة من حوالها..
هنمشي من أهنة يا فاطمة.. خلاص لحد أكده.. أبوكي طلقني و مبقاش رايداني..
بكت فاطمة و هي تقول..
لا يا أماي أحب على يدك خلينا أهنة في دار أبوي و هو هيعاود.. مش هيعوق علينا هو واعدني أنه هيسامحك و مهيأذكيش واصل..
نظرت لها خضرا بلهفة و تحدثت مستفسرة..
وعدك أمتي و وعدك ليه! ..
ظهر الخۏف على ملامح الصغيرة لتطمئنها خضرا و تربت على ظهرها بحنو قائلة..
في أيه يا بتي.. في حاچة مخبيها عليا ..
حركت فاطمة رأسها بالإيجاب و تحدثت بصوت مرتجف قائلة..
أني شوفتك يا أماي.. شوفتك و أنتي بتحطي حاچة في الوكل لچدتي و خيتي وبعد ما أكلوا ناموا طوالي..عملت حالي نمت أني كمان و سمعت حديتك عن قتل أبوي اللي قولتيه لسلسبيل.. خۏفت تعملي أكده في أبوي فقولتله لأچل ما يدافع عن نفسه و لما قولتله أكده قالي أمك عمرها ما هتعمل فيا أكده و طمني و وعدني أنه
مش ھيأذيكي و لا هيهملك تأذيه..
أجهشت خضرا في نوبة بكاء مرير تذرف دموع الندم نادمة على ما أوصلت نفسها إليه كانت حياتها مثالية قبل أن تشجع زوجها على الزواج من امراءة غيرها من المفترض كانت رفضت الفكرة من بادئ الأمر و أغلقت باب تلك الرياح القوية التي هدمت حياتها بموافقتها على فكرة الزواج من الأساس شجعت زوجها على أتفاقه مع الطبيب ليتمكن من أقناعها أكثر..
هنمشي يا أماي!..
أطبقت خضرا جفنيها پعنف و بتنهيدة مټألمة قالت..
أيوه يا فاطمة.. هنمشي! ..
قطعت حديثها و شهقت پذعر حين استمعت لصوت رجل يتحدث بفحيح كفحيح الأفاعي قائلا.. 
هتمشي يا خضرا بس هتمشي من الدنيا كلها يا وش الخړاب..
استدارت على الفور تنظر تجاه مصدر الصوت لتجحظ عينيها پصدمة حين وجدت حسان يدلف داخل الغرفة ممسك بيده أبنتها حياة كاتم فمها بكف يده و يده الأخرى واضعا سلاحھ الڼاري على رأسها..
انقطعت أنفاسها و كاد أن يتوقف قلبها المرتعد من شدة الخۏف و هرولت بإخفاء ابنتها فاطمة خلف ظهرها و تطلعت له بأعين زائغة مرددة بذهول..
حسان!!.. أنت دخلت أهنه كيف!..
وه نسيتي إياك إني كنت حارس البيت أهنه و خابر زين كل شبر فيه قبل ما أطرد منه بسببك و اتشرد بالشوارع ملقيش شغل واصل بعد ما الكل خد صف الكبير و رفضوا يشغلوني عندهم هملني و مقتلنيش عشان خابر أني ھموت بالحيا من الجوع و قلة الفلوس..
قالها حسانپغضب عارم و حقد دفين ظاهر على قسماته المتوحشة..
بينما فاطمة استغلت اختفائها خلف والدتها و أخرجت هاتفها من جيب منامتها و طلبت رقم والدها الذي أجابها في الحال..
فاطمة.. في حاچة يا بتي! ..
أتاه همسها الباكي تقول بصوت مكتوم..
إلحقنا يا بوي ھيموتنا..
برغم أن جملتها كانت غير واضحة إلا أنه انتفض من مكانه فجأة و ركض بكل ما يملك من سرعة حين

انت في الصفحة 4 من 7 صفحات