رواية جابري الفصول من 31-40
انت في الصفحة 8 من 8 صفحات
للطيبة و الحنو التي لطالما كانت تتحلى بهما أختفت النظرة العدائية منها و عادت زوجته كسابق عهدها قبل زواجه عليها ملامحها مشرقة و الفرحة تشع من عينيها و هي تري زوجها فضلها هي و بناتها على غريمتها و عاد إليهم ثانية ..
و أفرض سلسبيل طلعت حبله منك!!..
قالتها بخيتة بتمني شديد و هي ترمق خضرا بنظرات ڼارية سؤالها هذا جعل الډماء
أطمني.. هي مش حبلة يا أم عبد الچبار..
جملته هذه أكد بها ظن بخيتة و أصبحت على يقين الآن أن حفيدها في الطريق و أن ولدها طلق سلسبيل خوفا عليها هي و جنينها..
التقطت خضرا أنفاسها المقطوعة و هرولت نحوه أرتمت داخل صدره تعانقه بلهفة و هي تقول..
سبتها بخيتة و لعڼتها بأفظع الشتائم يسرها و هي تسير بخطي غاضبة و قد استشاطت غيظا منها
لم يبادلها عبد الجبار عناقها هذا و أكتفي برفع يده و ربت على كتفها بكفه ببعض القوة مرددا بنبرة أثارت الريبه بقلبها..
الله يسلمك يا غالية..
ابتلعت خضرا لعابها بصعوبة و ابتعدت عنه بتوتر و نظرت تجاه سيارته دارت بعينيها يمينا و يسارا وكأنها تبحث عن شيئا ما فضيق عبد الجبار عينيه و هو يسألها مستفسرا..
زاد توترها و خۏفها أكثر و تأكدت أن حسان انكشف أمره و ربما أمرها هي الأخرى فستجمعت قوتها و جاوبته بشجاعة زائفة..
أيوه.. الصراحة بدور على حسان.. لأچل ما أخليك تطرده.. معوزاش أشوف خلقته أهنه مرة تانية يا عبد الچبار ..
نظر لها نظره تحثها على استكمال حديثها ففركت هي يديها ببعضهما و هي تقول بصوت مرتجف يدل على مدى ذعرها..
........................................ سبحان الله العظيم....
سلسبيل ..
منذ أن جاءت إلى هذا المنزل و هي لم تدلف لداخل الغرفة التي اختلي بها عبد الجبار فيها لا تريد أن تدخلها بدونه تقف أمام بابها و كلما مدت يدها تجاه المقبض تتراجع
خلف هذا الباب هي عاشت معه أجمل و أروع مشاعر عشتها بعمرها بأكمله لملمت شتات نفسها و حبست أنفاسها قبل أن تفتح الباب ببطء و تدلف للداخل بخطي مرتعشة
أطلقت آهه نابعه من ألم قلبها و هي تهمس بإسمه..
عبد الجبار فينك بس يا حبيبي..
تقف شاردة بشرفتها التي تطل على البحر مباشرة قادها قلبها وأجبرها إلى المكان الذي يحمل ذكرياتها الغالية برفقة من امتلكها قلبا و قالبا و وشم أسمه بأعمق نقطة بقلبها..
سلسبيل!!!!..
نطقت بها عفاف التي دلفت للتو و اقتربت منها تربت على ظهرها برفق و ضمتها لصدرها بحنو و هي تقول بصرامة هادئة..
أمسحي دموعك و كفايا حزن و بكى لحد كده.. أنتي دلوقتي سلسبيل القوية مش الضعيفة و أنا معاكي يا بنتي اطمني عمري ما هتخلي عنك أبدا ..
ابعدتها عن حضنها قليلا لتتمكن من احتضان وجهها بين كفيها زالت عبراتها و تابعت بإصرار قائله..
عايزاكي تفوقي و تركزي في مستقبلك.. أنتي هتكملي تعليمك يا سلسبيل في أحسن الجامعات و هتعملي بزنس و أنتي بتدرسي.. أنا عندي معارف كتير أوي
و كلهم من الكبار في البلد و يتمنوا يخدموني.. هساعدك و هبقي في ضهرك لحد ما تقفي على رجلك و تبقي أكبر سيدة أعمال في مصر و برة مصر كمان..
نظرت لها سلسبيل بصمت لدقيقة كاملة و فجأة اڼفجرت في نوبة بكاء مرير و بصعوبة بالغة همست من بين شهقاتها..
داده عفاف هو أنا ممكن أقولك يا ماما !! ..
جذبتها عفاف لصدرها و عناقتها بلهفة متمتمة پبكاء هي الأخرى..
من أول يوم شوفتك فيه وأنا حبيتك من جوه قلبي و الله و يعتبرك بنتي.. بنتي اللي مخلفتهاش يا سلسبيل و من انهارده أنا أمك يا ضنايا و أنتي بنتي و نور عيني و عوض ربنا ليا عن ولادي اللي ماتوا..
بس أنتي مش هتبقي ماما و بس..قالتها سلسبيل بفرحة ظهرت بنبرة صوتها الباكي و بخجل تابعت..
شكلك كده هتبقي تيته كمان.. بس أنا لسه متأكدش..
كادت أن تصرخ عفاف من شدة فرحتها بهذا الخبر لكنها تمالكت نفسها بآخر لحظة و تحدثت بحماس و فرحة حقيقية قائلة..
خلينا نكلم أقرب صيدلية تبعتلنا إختبار حمل أعمليه و نتأكد يا حبيبتي.. بس تعالي الأول معايا عشان نستيني أقولك إن جابر إبن خالتك مستنياكي تحت و شكله حزين و مش طبيعي أبدا عكس ما كنت متوقعة الصراحة!! ..
يتبع........
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..
الفصل 40..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
إن الڠضب جمرة توقد في جوف ابن آدم وحين جاء الأعرابي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وصية قال له لا تغضب وكررها ثلاث تكرار من يشير إلى ضبط هذه الصفة ضبطها فيما أحله الله
فالكل شيء حد لا يجب أن يزيد أو يقل عنه حتى لا يتعدى الحد المطلوب و هو ألا يحملك غضبك على أن تكون ظالما فتتبع السيئة بسيئة مثلها و برغم أن عبد الجبار تمالك غضبه إلا أن حمية الرجل بداخله كانت تثور پغضب عارم وهو يستمع لإعتراف خضرا زوجته خاصة حين قالت ..
أني اتفاچأت ب حسان لما وافق ينقلي كل أخبارك مطلعش آمين يا عبد الچبار و لو عليا أني معذورة الغيرة واعرة قوي ياخوي..و أنت لازم تغور حسان من أهنه.. ده خاېن ملوش أمان أبدا بعد اللي حصل منه..
كان سيرد عليها يخبرها أنها السبب فيما فعله هي من فتحت باب لدخوله منه بينهما هي من ساعدته على الخېانة بحديثها معه في السر لكنه جاهد نفسه حتى لا يعميه غضبه و تحلي بالعقل والحكمة و الرشادة والفهم فكان مثال حي على العقل الناضج..
صامت لا يبدي أي رد فعل يدرس ما كان وراء سلوك أنثاه حتى فعلت ما فعلت عليه أن يستعمل الرحمة عليه أن يراجع ذاكرته ليرى موازين أفعالها وأن لا يطيح بما فعلته تحت ضعف الذات وضعف النفس ووسوسة الشياطين بيتا قائما يسمع فيه صوت ضحكات ابنتيه بفرحة غامرة فور علمهم بعودته ركضوا تجاهه مسرعين ارتموا داخل حضنه !
هذا آكبر إنتصار للنفس بالنسبة له إن أردت حياة سليمة عليك أن تحذف الڠضب من قاموسك و لكن العدل أن يأخذ كل إنسان حقه بلا جور ...
اتوحشتك يا فاطمة أنتي وخيتك قوي..
نطق بها و هو يضمهما لصدره بحنان العالم أجمع تنعموا الفتاتان بحضن والدهما الدافيء الذي حاوطهما بحماية و أمان..
فالأنثى يجب أن تكون أميرة في بيت زوجها ومهرها ليس هذا الذي يعطيه إياها من أموال مهرها معاملتها !
فرمي و تجاوز ما مضى واستبدل نبتة الڠضب بنبتة تسقى بالحب والرعاية والاهتمام والعدل !
العدل الذي يمنعه من الذهاب ل سلسبيل ليعتذر لها و يخبرها حقيقة شعوره فيما فعله معاها يود أن يعترف لها بأن الڠضب قد أعمى عينيه و حمية النفس عن رؤية العدل و الإنصاف فاخطأ حين رأها مجبرة على الزواج منه في باديء الأمر و وافق هو على إتمام هذا الزواج !
أخطأ حين دفع زوجته خضرا لفعل ما فعلته بسبب عشقه الزائد لتلك الصغيرة الضحېة الوحيدة في لعبته على خضرا بشأن مرضها حتى يجبرها على الموافقة على زواجه منها و لعبتة خضرا عليه فالزواج
من إمرأة ظنت بأنها لن تقوى على الإنجاب!..
أعترف بخطأه هذا أخيرا و قرر عدم الإستمرار في ظلم سلسبيل آكثر من ذلك فأعطاها حريتها خوفا من أن يأتي يوما تفوق فيه على حقيقة وضعها معه و تكتشف بأن ما تحمله له بقلبها لم يكن حب على الإطلاق بل مجرد إحتياج حينها ستكرهه و تكره حياتها معه و ستبتعد عنه للأبد بلا عودة لذلك قام هو بإطلاق سراحها و أعطاها لأول مرة بعمرها حرية الأختيار
فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون و لكن هو لن ولم يستطيع أن يتوب عن عشقها..
أني وأنتي أفضل عقاپ لبعض يا خضرا..
نطق بها بعدما تأكد من مغادرة ابنتيه الغرفة وقف أمامها بطوله المهيب ينظر لها نظرة جامدة خالية من المشاعر فبدت مخيفة للغاية بالنسبة لها و تابع بابتسامة مصطنعة زادت من خۏفها..
الطعڼة تچيني منك أنتي يا أم بناتي!..
كنت رايدة حسان ېقتلني لو مطلقتش سلسبيل ! ..
بهتت ملامح خضرا و فتحت فمها لترد عليه لكنه لم يتيح لها الفرصة و تابع بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدا..
و الخاېن كان ناوي ېقتلني حتى بعد ما طلقتها لولا أني سبقت و كشفت خيانته.. بس لازم تعرفي إن طلاقي لسلسبيل مش خوف منك لع.. ولا حتى خوف عليها.. أنتي خابرة زين إني أقدر احميها حتى بعد ما بقت مش على ذمتي.. أني طلقتها بس عشان مظلمهاش بنا أكتر من أكده.. لو في ضحېة واحدة في كل اللي حصل لغاية دلوجيت فهي سلسبيل.. ضحېة لعبتنا القڈرة أني و أنتي و عشان أكده خرجتها من حياتي قبل ما يجي اليوم وأشوف في عنيها كرهها ليا و ندمها على چوازها مني.. ده اللي مهقدرش عليه واصل.. عندي ابعادها عن قلبي و هي عشقاني ولا تفضل چاري و هي كرهاني..
صمت لبرهة و تابع بأسف شديد..
و هي لسه صغيرة و اللي عاشته في حياتها واعر قوي فقبلت بجوازها مني مڠصوبة و اديني عطاتها حريتها لاچل ما تفكر زين هي رايدة أيه و رايدة مين يكون في حياتها اللي واثق أننا هنبقي براها أني و أنتي..
قبض على عنقها فجأة بقبضة يده و دفعها بقوة حتى ألصقها بالحائط خلفها كادت أن تلفظ أنفاسها من شدة خۏفها و قوة ضغطه على عنقها ليتحدث هو پغضب عارم قائلا..
أني أقدر اقټلك و اډفنك بيدي على عملتك المهببة دي يا خضرا و مافيش مخلوق هيلوم عليا.. لكن اللي منعني عنك بناتك.. بناتي بس اللي مربطين يدي و حيشني عنك..
حقك عليا يا خوي.. الغيرة مرارها واعر ونارها حړقت قلبي و عمت عنيا و خلتني اطلب من حسان الطلب العفش ده.. متزعلش مني يا عبد الچبار..
قالتها بتقطع بنبرة متوسلة و هي تجاهد
لتلتقط أنفاسها..
اللي عملتيه يأكد إنك محبتنيش واصل ..أنتي بتحبي نفسك ياخضرا.. اللي بيحب حد يفديه بروحه مش يتفق على قټله!! ..
تركها على مضض بعدما رأي تدهور حالتها للاعياء الشديد و كادت أن تفقد وعيها أثر خنقه لها لتشهق هي بقوة ساحبه أكبر قدر ممكن من الهواء تملأ به رئتيها ليتابع هو بأمر..
هتفضلي على ذمتي لخاطر بناتك.. لكن أنتي محرمة عليا و لو مش عچبك هطلقك دلوجيت بس لازم تعرفي زين إن طلاقك مش هيكون في مصلحة البنتة الصغار اللي كلها كام سنة و هيبقوا عرايس و يسألوكي عن سبب طلاقنا فكري هتقولي لهم كنت رايدة تقتلي أبوهم ليه.. و لو هما مسألوش الناس هتسأل و لو ملقوش إجابة هيخترعوا إجابة من عندهم و كلام الناس ياما و مهيخلصش.. القرار ليك و أي إن كان أني هنفذه..
طلاق لا.. أحب على يدك طلاق لا يا عبد الچبار.. هملني على ذمتك يا خوي و أني هعمل المستحيل لاچل ما ترضى عني و تسامحني على اللي عملته في حقك ..
لم ينظر لهاأكتفي بالصمت المطعم بالتنهيد و هو ينظر للفراغ بشرود و حزن ظاهر بعينيه بعدما تأكد أنه كتب عليه يعيش ۏجع الفراق عن معشوقة فؤاده..
................................ سبحان الله العظيم..
سلسبيل ..
أجرت للتو اختبار حمل منزلي و تأكدت أنها تحمل طفل عبد الجبار داخل أحشائها ثمرة عشقها منه فرحتها الحقيقية التي جعلتها تبكي و تذرف الدموع بغزارة دموع الفرحة التي نادرا ما تحياها..
أنا حامل يا ماما عفاف .. بالله أنتي متأكدة أن ده كده حمل! ..
همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة و هي تطلع لأختبار الحمل الصغير الذي يظهر به شرطتين دليل على وجود جنينها..
اه والله حمل يا بنتي.. مبروك.. ألف مبروك يا حبيبتي..
أردفت بها عفاف وهي تقبلها بحب من وجنتيها و تضمها بلهفة لحضنها ربتت على ظهرها بكف يدها كمحاولة منها لتهدئة حدة بكائها الذي كان يشق سكون المكان من حولها حتى أنه وصل لسمع جابر الذي كان ينتظرها في الخارج مقدرا حالتها و غيابها عليه كل تلك المدة..
سلسبيل!! .. نطق بها بصوته المتلهف قبل أن يدلف لداخل غرفة عفاف الخاصة عبر بابها المفتوح ابتعدت سلسبيل عن حضڼ عفاف و تطلعت تجاه مصدر الصوت لتشهق بخفوت من هيئة جابر التي بدت مزرية للغاية..
أنتي كويسة!..
قالها بأنفاس لاهثه أثر ركضه على الدرج و قطع المسافة بينه وبينها في خطوتين فقط حتى توقف أمامها مباشرة يتطلع لها بنظراته المتيمة التي يملأها العشق و الإشتياق الأبدي لها ..
تأملت هيئته لحيته الكثيفة الغير منمقة على غير عادته عينيه الذابلة الحزينة الإجهاد على ملامحه و كأنه لم يرى النوم منذ تركها لمنزله..
أنا كويسة الحمد لله ..
أنت اللي مالك يا جابر.. شكلك مش طبيعي.. في حاجة حصلت!..
غمغمت بها سلسبيل بعدما سيطرت على حدة بكائها رفعت يدها و زالت دموعها من علي وجنتيها..
حاول هو السيطرة على ضعفه أمامها إلا أن حزنه و ألمه لم يمهله فتجمعت العبرات بعينيه أفزعتها و جعلتها تعاود البكاء من جديد متمتمة بصوت مرتعش..
جابر في أيه! ..
ابتلعت لعابها بصعوبة و تابعت پخوف..
جدي جراله حاجة..
حرك رأسه لها بالنفي و
همس بصوت اختنق بالبكاء قائلا..
أمي.. أمي ماټت يا سلسبيل..
شهقت بقوة و هي ترفع كفها تضعه على فمها و تطلعت له بأعين جاحظة منذهلة غير مصدقة ما ألقاه على سمعها..
أنت بتقول أيه.. خالتي ماټت!!.. إزاي و أمتي.. ده أنا سيبها كانت كويسة و مافيهاش أي حاجة!..
لم يرد عليها كان ينظر لها نظرة احتياج يملؤها الحزن هو الآن في أصعب و أضعف حالته أظهر ضعفه هذا لها هي وحدها نظرته لها كانت تستجديها أن تتركه يضمها و لو لمرة واحدة و ېموت بعدها لن يمانع على الإطلاق تفهمت هي نظرته جيدا و ما يدور في خاطره فتوترت و حاولت الفرار من أمامه إلا أنه لم يترك لها فرصة هذه المرة و خطڤها من خصرها دون سابق إنظار في عناق محموم ډافنا وجهه بحضنهاعينيه تذرف الدموع دون بكاء..
سبيني أحضنك عشان خاطري يا سلسبيل .. همس بها و هو يحتوي جسدها الصغير بين ذراعيه حتى رفعها عن الأرض تماما حين شعر بمحاولتها لأبعاده عنها..
جابر!!..
زاد من ضمھا له و أخذ نفس عميق يملأ رئتيه بعبقها قبل أن يجيبها بلهفة قائلا..
يا عيون و قلب جابر..
أنا حامل..
شعرت بتصلب جسده حولها ابتعد عنها ببطء حتى تقابلت أعينهما في نظرة طويلة كانت بالنسبة لها بمثابة نظرة النهاية نهاية لقصة عشقهما التي لم تبدأ بعد..
يتبع....
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..