رواية جابري الفصول من 31-40
من شدة حبها و غيرتها عليه لعله يتأثر بفعلتها هذه و يرأف بقلبها و يحقق لها امنياتها بابتعاده عن سلسبيل..
لكنه و للمرة الأولى خذلها حين تمسك بزواجه من غريمتها رغم أنه لم يقصر بحقها و يسعي جاهدا لينال رضاها إلا أنه كلما اختلي بالأخري يجن چنونها كل لحظة يقضيها برفقة سلسبيل تكون بمثابة طعنات متفرقة تمزق قلبها حتى قتل كل الصفات الحسنة التي كانت تتمتع بها تحولت شخصيتها تحويل جذري و عقدت عزمها على إسترجاع زوجها لها مهما كلف منها الأمر..
أيه اللي بيحصل ده يا أبلة خضرا!!..
قالتها سلسبيل و هي تتنقل بعينيها بين حماتها بخيتة و عفاف و حتي ابنتي زوجها جميعهم ناموا فجأة و هم جالسين بمقاعدهم..
هكذا اجابتها خضرا بهدوء دب الړعب بأوصال سلسبيل التي تطلعت لها بأعين متسعة على أخرها و تحدثت بصوت مرتجف يظهر مدى خۏفها قائلة..
ليه عملتي كده بس..
ابتلعت لعابها بصعوبة و تابعت متعجبة..
و ليه أنا منمتش زيهم!!..
من ملامح خضرا التي أصبحت متوحشة بعدما كانت تتميز بطيبتها و حنانها هيئتها الآن توحي بأنها على وشك ارتكاب چريمة قتل..
أطلقت صړخة مقهورة انتفضت على آثارها سلسبيل وبدأت تبكي بنحيب حين تابعت خضرا بصوت مخيف..
ڼار.. ڼار واعرة بټحرق جلبي حړق معتش قادرة اتحملها خلتني قطعت شرايين يدي اللى چوزتك بيها لچوزي لاچل ما اخلص من الوچع اللي بينهش في روحي كل ما تبجي في حضنه..
ببجي نفسي اقطعك باسناني تقطيع بس خابرة زين إني لو عملت فيكي أكده عبد الچبار مهيهملنش على ذمته دقيقة واحدة و أني عندي المۏت أهون من بعادي عنه..
يبقي هبعد أنا يا أبلة خضرا.. هطلب الطلاق و هبعد أنا لو ده هيريحك.. همست بها سلسبيل بتقطع من بين شهقاتها الحادة..
هو عبد الچبار هيسيبك تبعدي و لا هيطلقك بسهولة أكده إياك!! .. دمدمت بها خضرا و رمقتها بنظرة تحمل حقد و كرهه عرفوا طريقهم لقلبها الملتاع و تابعت بنبرة ساخرة..
و لا أنتي يا كهينة هتقدري على بعاده! ..
اجهشت سلسبيل بالبكاء و حركت رأسها بالنفي تخبرها أنها بالفعل أصبحت غير قادرة علي الإبتعاد عن زوجها مرددة بنبرة راجية..
مش هكون ليه زوجه بس مكنتش أتخيل أنه هيخليني أحبه بالشكل ده لدرجة أني ھموت لو بعدت عنه..
ساد الصمت طويلا حتى قطعته خضرا التي ربتت على كتف سلسبيل پعنف أبتسمت لها إبتسامة يملؤها الشرر و تحدثت بجملة كاد قلبسلسبيل أن يتوقف بسببها..
لع..مش أنتي اللي ھتموتي لو مبعدتيش عنه..
تلاحقت أنفاس سلسبيل و هي تسألها عن مقصدها مستفسرة..
قصدك أيه بكلامك ده!..
خضرا بذهول مصطنع.. وه.. كانك مسمعتيش عن المثل اللي بيقول الوحدة تشوف راچلها في المجبرة و لا إنها تشوفه مع مره..
توحشت نظرتها القاسېة أكتر و تابعت بوعيد..
لو فضلتي على ذمة عبد الچبار هنبجي أرامل أني و أنتي يا سلسبيل..
أنتي بتقولي أيه و بټهدديني بأيه!!.. انتى عايزة تقتلي جوزك أبو بناتك! .. قالتها سلسبيل پصدمة بصوت أشبه بالصړاخ..
أجابتها خضرا بلهجة حادة شديدة الجدية لا تحمل أي جدال قائلة..
أيوه عندي أقتله و لا إنك تاخديه مني و اديكي شوفتي بعينك كيف خدرت كل اللي في الدار.. المرة الچاية مش هيبجي منوم.. لع.. هيبجي سم هاري بطيء المفعول.. يموته قصاد عنيكي بالبطئ..
زاد ذعر سلسبيل جعل ارتجاف جسدها يتحول إلى تشنجات حين تخيلت مجرد تخيل أنها فقدت زوجها خۏفها عليه جعلها تقول بلا تردد..
طيب خلاص أنا هبعد.. والله هبعد عنه يا أبلة خضرا.. بس قوليلي هبعد إزاي و أنتي لسه قايله أنه مش هيطلقني بسهولة! ..
تخلعيه ..
قالتها خضرا ببرود ثلجي و هي تتنهد بارتياح بعدما وصلت لهدفها و بأمر تابعت حديثها..
توكلي چدك يرفع لك قضية خلع في أقرب وقت.. وقتها عبد الچبار هو اللي هيطلقك بالتلاتة.. ..
.. نهاية الفلاش بااااااااك..
.................................. صل على الحبيب.............
كنت مجبرة على إفلات يداك و لكن قلبي مازال بك فإذا تنعمت بلقياك ثانية فلا تتركني أبدا أرجوك أستعمرني بشمسك و دفء أنفاسك إلى الأبد..
يومان فقط قضتهم سلسبيل في منزل جدها و الذي هو بالأساس ملك ل جابر
لكنها لن تبقي ليوم أخر بعدما استمعت لحديث خالتها التى تريد إرسالها لوالدها حتى تبعدها عن ابنها..
دون ذرة تفكير منها قررت الفرار هاربة خوفا من مجيء والدها أو عودة جابر بأي لحظة الذي بتأكيد لن يتركها تذهب اندفعت فجأة دون سابق إنظار راكضة من غرفتها و من ثم لخارج الشقة بأكملها بأسدالها البيتي أمام أعين خالتها و جدها اللذان لجمتهما الصدمة للحظات و حين استوعبت سعاد ما حدث هرولت خلفها صاړخة بأسمها ..
سلسبيل.. بتجري رايحة فين كده يا بنتى!!! ..
أجرى وراها الحقيها يا سعاد.. البت أكيد سمعتك وأنتي بتقولي هتكلمي أبوها عشان يجي ياخدها ..
قالها فؤاد پغضب عارم وهو يضرب كفيه ببعضها تحرك تجاه شرفة المنزل و نادي بصوت عال للغاية لتتمكن من سماعه..
يا سلسبيل.. أرجعي يا بنتي متخفيش....
صوته وصل لسمع سلسبيل لكنها لم تعد كملت ركضها بلا توقف تركض بالطرقات بلا هواده لم تستطيع سعاد اللحاق بها كانت كالطائر الحبيس و طلقوا سراحه أخيرا تشعر بالحرية لأول مرة بعمرها
ظلت تركض إلى أن شعرت بأنفاسها تتلاشى كأن روحها تنسحب منها توقفت بجوار شجرة كبيرة تستظل بأوراقها من إشاعة الشمس الحاړقة..
أخذت بضعة دقائق تستعيد أنفاسها المسلوبة و تحدثت عبر الهاتف الذي كان موضوع على أذنها أثناء ركوضها..
هربت.. هربت يا دادة عفاف..قوليلي أجيلك إزاي..
عفاف بلهفة.. خدي نفسك الأول يا حبيبتي.. و بعدين شاوري ل تاكسي وقفيه قوليله وصلني إسكندرية و أنا هفضل معاكي على التليفون
لحد ما أقابلك بعربيتي على الطريق..
انصاعت لها سلسبيل على الفور. قامت بالإشارة لأول سيارة أجرة ظهرت أمامها ..
ممكن توديني إسكندرية من فضلك..
هاخد 500 جنيه و مقدم يا ست..
أردف بها السائق قبل أن تصعد سلسبيل السيارة هنا تذكرت أنها تركت كل شيء حتى حقيبة ملابسها و نقودها لم تأخذ معاها إلا الهاتف فشهقت
بخفوت قائلة..
أنا مجبتش معايا أي فلوس يا دادة!!..
عفاف..اركبي يا سلسبيل و قوليله هحاسبك لما أوصل..
انطلق السائق بسيارته من أمامها في الحال وهو يسب و يلعن بعدما استمع لجملتها هذه بدأ الخۏف يداهمها من جديد و عادت تختبئ بظلال تلك الشجرة الكبيره تجمعت العبرات بعينيها و بصوت ظهر به الخۏف قالت..
السوق مشي قبل ما أركب لما سمعني بقولك مش معايا فل آآآآه ..
قطعت حديثها فجأة و صړخت صړخة مدوية حين مرت من جانبها دراجة بخارية و بلمح البصر خطڤ سائقها الهاتف من يدها بمنتهي القوة أفقدها توازنها فسقطت على وجهها مصطدمة بجبهتها بالأرض الصلبة پعنف ..
كل هذا حدث في غمضة عين و لسوء حظها المعتاد كان الطريق خالي من المارة بسبب أجواء الجو شديد الحرارة..
تحاملت على نفسها و اعتدلت جالسة بوهن تتحسس جبهتها بأصابع مرتعشة شعرت بسائل لازج يهبط على حاجبيها نزولا بعينيها فعلمت أنها أصابت بچرح ليس بهين كلما حاولت النهوض تشعر بدوار شديد بجتاحها بقوة
زحفت بضعف متراجعة للخلف حتى وصلت لجذع الشجرة ارتمت عليه بظهرها مستسلمة لمصيرها مهما كان فهي على يقين أن الله لن يتركها..
بينما عفاف كادت أن تفقد عقلها و سقط قلبها أرضا حين سمعت صړخة سلسبيل..
سلسبيل.. مالك يا بنتي.. ردي عليا ايه اللي حصل لك يا ضنايا ...
صړخت بها عفاف لم يأتيها منها رد رغم أن الخط مازال مفتوح ظلت تصرخ بأسمها لعلها تجد رد حتي انغلق الخطحاولت إعادة الإتصال بها مرارا و تكرارا و لكن الهاتف تم غلقه..
لم تفكر مرتين و طلبت رقم الشخص الوحيد الذي بأمكانه هدم الدنيا لأجل سلسبيل ..
............................ سبحان الله وبحمده......
عبد الجبار..
يجلس داخل سيارته بالمقعد الخلفي ممسك بيده ورقة طلاق سلسبيل الواقفه على توقيعه يتمنى لو يكن ما يعيشه الآن كابوس و سيفوق منه يجدها نائمه على صدره تختبئ بين ضلوعه تبتسم له ابتسامتها التي تنير حياته..
تنقل بعينيه على مكان توقيعها حينها تأكد أن ما يعيشه الآن لم يكن كابوس بل حقيقة.. أسوء حقيقة حدثت له
فضل عدم أمضاء توقيعه إلا بعدما يذهب إليها خصيصا من الإسكندرية إلى منزل جدها بالمنصورة ليسألها للمرة الأخيرة عن سبب مقنع لما فعلته يحاول إيجاد مبرر واحد يدفعها للأبتعاد عنه بهذه الطريقة المهينة لرجولته..
صدح صوت رنين هاتفه جعل قلبه ينقبض دون معرفة السبب حين لمح أسم عفاف ضغط رز الفتح و أجابها بلهفة ظهرت بنبرة صوته الأجش..
خير يا عفاف!!..
أتاه صوتها الباكي كاد أن يصيبه بسكته قلبيه من شدة فزعه على معذبته حين سمعها تقول بتقطع..
ألحق سلسبيل يا عبد الجبار بيه........
الفصل الثالث وثلاثون..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
لعل في الخفايا أعذارا لا تدري شيئا عنها گ لهفتي عليك و إشتياقي لك فأجعل لي دوما نصيبا من حسن ظنك إن صادف يوما لم تجد فيه عذرا يبرر لك أفعالي التي جرحت فؤادك و تأكد أن روحي كانت ترتجف خوفا من فقدانك يا عزيز قلبي فتركتك مجبرة غير مخيرة حتى لا أرى فيك سوء ېقتلني..
و بعد فراقنا أصبحت بين ليلة وضحاها إمرأة عجوز أهلكها الضعف دون أن تذبل بصيرتي و لا شاب شعري لكنه قلبي تعلوه التجاعيد بغيابك..
أصبحت في أشد لحظات ألمي و حزني لا أصرخ أفكر في أمر واحد فقط هو كيف سأقضي ما تبقى من عمري و أنا سبب كل هذا الخړاب في قلبك!
أعترف لك أنني آسفة على أعوام مضت ما كنت أعرفك فيها..
.................... صل على الحبيب....
كانت سلسبيل ممسكة بطرف حجابها تضغط به على چرح جبهتها الذي تدفق منه الډماء بسبب خۏفها الشديد كلما حاولت النهوض تسقط جالسة مكانها ثانية قدميها ترتعش بقوة و جسدها الضعيف يتهاوي يمينا و يسارا لكنها تقاوم بأقصى ما لديها حتى لا تفقد وعيها
جف حلقها تماما و انسحبت روحها منها حين لمحت سيارة توقفت قريبا منها بها مجموعة من الشباب وقعت عينيهم عليها أثناء سيرهم
دب الړعب بأوصالها و إذداد إرتجاف جسدها أكثر حين رأتهم يهبطوا من سيارتهم و يهرولوا نحوها..
أصبحت لا تعطي الأمان لأحد بعدما سرق منها هاتفها و قد ظنت أن هذه المرة سيسرقوها هي فتراجعت للخلف زاحفة على كلتا يديها مرددة بصړاخ مذعور..
ابعدوا عني.. عايزين مني أيه.. سبوني في حالي حرام عليكم..
أهدي.. متخفيش.. إحنا هنساعدك محدش ھيأذيكي.. نطق بها أحدهم و هو يمد يده لها بزجاجة من المياة و جثي على ركبته أمامها أرضا مكملا برجاء..
خدي نفسك بس و بلاش خۏفك الزايد ده عشان چرحك مينزفش أكتر.. و لو تحبي نوديكي المستشفى!! ..
قطعت سلسبيل حديثه صائحة بصوت متحشرج بالبكاء تقول بصعوبة..
لا مش هروح معاكوا أي مكان.. سبوني في حالي و أمشوا في طريقكم.. أنا هفضل هنا..
نظروا لبعضهم بأسف و عادوا النظر لها بشفقة مقدرين حالة الذعر التي تسيطر عليها و معاها كل الحق بعد ما رأته في حياتها من ألم و قسۏة من أقرب الأقربون لها فماذا سيفعل بها الغريب!
طيب لو حافظة رقم تليفون حد من قرايبك قولي لنا عليه و إحنا نتصل بيه يجي لك هنا..
قالها شاب منهم و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله
ظهر بريق أمل على وجهها و أعتصرت عقلها المشوش لعلها تتذكر رقم عفاف لكنها لم تتذكر سوي رقم الرجل الذي لا تريد التحدث إليه حتى لا تفتح مجال للعودة بينهما ثانية
..
عبد الجبار رقمه الوحيد المحفور في ذاكرتها بل هو نفسه موشوم بأعمق نقطة بقلبها..
أبتسمت إبتسامة يملؤها الۏجع تزامنا مع انهمار عبراتها على وجنتيها بغزارة دون بكاء و مدت يدها الصغيرة التي تنتفض بوضوح تجاه الهاتف فأعطاه الشاب لها على الفور بعدما قام بفتحه..
نظرت له بامتنان قبل أن تلتقطه منه و أجهشت پبكاء مرير و هي تضغط على الأرقام مدونة رقم من كان و ما زال دوما منقذها
بكاءها و شهقاتها الحادة كانت تقطع نياط القلوب جاهدت للسيطرة عليها بشق الأنفس حتى أنها كادت أن ټموت خنقا حتى لا يوصل له
لا تريده أن يستمع لإنهيارها هذا بالوقت الحالي أخذت نفس عميق قبل أن ترفع الهاتف على أذنها بعدما ضغطت على زر الإتصال تنتظر بنفاذ صبر سماع صوته الذي اشتاقته حد الجنون..
......................... سبحان الله وبحمده.......
عبد الجبار..
عقب سماعه لصوت عفاف تصرخ بأسم سلسبيل قفز من مقعدة و جلس مكان سائقه خلف المقود بطرفة عين و قاد بأقصى ما لديه من سرعة قبل حتى أن يستمع لباقي حديثها..
سلسبيل يا عبد الجبار بيه كانت بتكلمني في التليفون و هي ماشية في الطريق و فجأة صړخت و الخط فضل مفتوح لكن هي مبتردش .. فضلت أنا على التليفون عماله أصرخ عليها لحد ما الخط أتقفل.. حاولت اكلمها تاني بس التليفون أتقفل خالص بقاله أكتر من ساعة.. مبقتش عارفه أعمل أيه خت عربيتي و رايحة على المنصورة دلوقتي بس أنا معرفش مكانها فين عشان كده كلمت حضرتك يمكن تقدر توصلني عندها ..
كان يستمع لحديثها الذي أنتزع قلبه
من مكانه نزعا لكم المقود بقبضة يده أكثر من مرة بكل ما أتي من قوة و صاح بصوته الأجش قائلا..
كيييف.. كيف چدها هملها تخرچ.. كييييف..
هي خرجت هربانة من