رواية منال كاملة
أن يفوه في هدوء
طيب هسيبكم تكلموا خناق وهستنى منك مكالمة.
ردت عليه بإيجاز قبل أن تنهي المكالمة
عينيا.
عاد مرة ثانية إلى أرض الواقع ليتطلع بنظرات مهتمة إلى من تقف أمامه في حالة من الصدمة والذهول. استوعبت بهاء ما يدور وأرجعت ذراعها الممدود بكيس القمامة للخلف لتسأله في غير تصديق وبنبرة تحمل القليل من الاتهام
في شيء من المعاتبة خاطبها
طب نرد السلام الأول.
تداركت الموقف وقالت وهي تتأمل هيئته المتأنقة
سوري وعليكم السلام.
أضاف متسائلا في مرح
مش هتقوليلي اتفضل ولا مافيش إكرام للضيف اللي جاي!
ضيقت المسافة بين حاجبيها قبل أن يرتفعا للأعلى عندما أتم جملته في نفس الأسلوب الممازح
وخصوصا إني مش جاي أرمي الژبالة.
اتفضل.
تنحت للجانب فمر من جوارها دائرا ببصره على ما حوله بنظرة سريعة توقف في صالة المنزل عندما تبعته متسائلة
هو إنت عرفت الشقة إزاي
الټفت ناظرا إليها ليرد
بسيطة سألت البواب وطلعت.
رفعت يدها أعلى رأسها المتناثر خصلاته قليلا لتسوي شعرها مهمهة
ابتسم قليلا مضيفا في مكر
وبعدين أنا قولت أجي بنفسي طالما إنك مش بتردي على رسايل الماسنجر.
برزت عيناها هاتفة في ذهول
إيه
لم يتركها على دهشتها كثيرا بل انتقل لسؤاله التالي مواصلا الابتسام في أدب
هو عم سليمان موجود
جاوبته بارتباك ظاهر في نبرتها
لأ قصدي .. هو بيجيب حاجة من تحت وطالع.
سألها في نفس الأسلوب المهذب
أشارت له بيدها نحو غرفة مغلقة موجودة على يمينه
أها اتفضل.
من الداخل استمعت فادية إلى ذلك الصوت الرجولي الغريب فخرجت من غرفتها متسائلة باندهاش
بتتكلمي مع مين يا بيبو
رأت شابا طويل القامة وسيم الملامح يرتدي سروالا قماشيا من اللون البيج ومن الأعلى يضع قميصا كحلي اللون يقف في صالة منزلها فتساءلت بعفوية وهذه الابتسامة البلهاء تظهر على شفتيها
قامت بهاء بتعرفيه وهي تشعر بالإحراج من تواجدها معه
ده الرائد عمر الناغي اللي بيدرسلي في الأكاديمية وآ...
لم تستطع إكمال جملتها لأنها لم تعرف بعد السبب الحقيقي وراء زيارته المريبة ولم يبد من وجهة نظرها أنه جاء بالفعل لمقابلة عمها للغرابة وجدته يكرر مرة ثانية سبب
قدومه وكأنها مسألة مفروغ منها
دنت منه فادية قائلة بترحاب ودود
هو زمانه جاي حضرتك انتظره في الصالون وأنا هكلمه على الموبايل أستعجله.
أومأ برأسه بخفة معقبا
شكرا لذوقك.
سبقته بخطوة لتدعوه للدخول والجلوس على الأريكة متابعة ترحيبها الأليف
أهلا وسهلا بيك اتفضل ارتاح.
ثم استدارت موجهة أمرها إلى بهاء في تعجل
روحي هاتي حاجة ساقعة أوام يا بيبو...
قبل أن تتحرك الأخيرة استجابة لأمرها راحت تسأل الضيف لتتأكد من عدم ممانعته لتناول ما اقترحته عليه
ولا تحب تشرب حاجة سخنة
أجاب بتهذيب
مالوش لزوم.
أصرت عليه قائلة
مايصحش دي حاجة بسيطة.
في لباقة واضحة رد
أي حاجة مقبولة.
سرعان ما لكزت فادية بيدها بهاء في ذراعها هاتفة بتحمس
يالا يا بيبو.
أطاعتها مرددة وملامحها تشي بدهشتها الحائرة
طيب.
سددت بهاء قبل أن تسير عائدة إلى المطبخ نظرة فضولية إلى عمر لتتساءل مع نفسها بتحير
هو جاي ليه أصلا!
استوعبت أنها كانت ولا تزال تحمل كيس القمامة في يدها لتشعر بحرج كبير وتتمتم بخجل لا تعرف كيف ستتجاوزه عندما تلقاه مرة أخرى
يادي الفضايح هيقول عني إيه دلوقت بمنظري ده لأ وكمان واخدة كيس الژبالة في حضڼي!!
لم تملك رفاهية الوقت لتقوم بتبديل ثيابها بأخرى ملائمة لهذه الزيارة المريبة فقط أسرعت بوضع عباءة زوجة عمها المزركشة على ملابسها المنزلية بجانب تسوية مقدمة رأسها لتبدو مهندمة إلى حد ما. عادت إلى الصالون وهي تحمل الصينية الموضوع بها المشروب البارد قدمته إلى عمر وجلست في مواجهته لتتفاجأ بزوجة عمها تحادثه بأريحية تامة وكأنه يجمعها بها صلة قرابة قديمة. انتظرت أن يخاطبها أو يتحدث إليها بوجه خاص عما جاء من أجله لكنه لم يفعل ظل يماطل في الحديث ويتفرع في سبل الكلام إلى أن أتى عمها فقام الأخير باستقباله بحرارة بعدما صافحه واحتضنه
أنا مبسوط أوي إني شوفتك النهاردة كأن أبوك الله يرحمه جاني بنفسه.
لم يكن يجامله عندما أخبره بصدق
تسلم يا عم سليمان حضرتك ليك مكانة غالية عند العيلة...
صمت لهنيهة وتابع في أدب
وطبعا بعتذر إني جاي من غير ميعاد.
رد عليه سليمان بعتاب خفيف
ما تقولش كده ده إنت صاحب مكان.
ظلت بهاء تنظر إليه بتمعن والفضول يأكلها لمعرفة أسباب زيارته وازداد ذلك الشعور بداخلها عندما استطرد
أنا النهاردة جاي في حاجتين.
حاډثه سليمان متأهبا في جلسته
اتفضل يا ابني اتكلم براحتك.
رأته يمد يده ناحيتها بعلبة صغيرة مصنوعة من الكرتون لم تكن قد لاحظتها سابقا وهو يخاطبها تحديدا
الأول عايز الآنسة بهاء تقبل مني الهدية دي.
للحظة قصف قلبها بقوة من مفاجأته فتخشبت في جلستها وشنت هجوما لفظيا عليه وكأن في كلامه ما يدينها بشدة
نعم هدية ليه وبمناسبة إيه
بدت زوجة عمها مدهوشة وفضولية في نفس الآن تراقب بعينين تشعان وهجا سعيدا ما يحدث خاصة عندما شرح عمر أسبابه
في آخر تدريب لينا كانت ساعة إيدها اتكسرت بالغلط فأتمنى دي تعجبها يعني هي طبعا مش في قيمة اللي باظت بس ده كنوع من الاعتذار عن اللي حصل.
بوجه متصلب ورافض ردت عليه
أنا مابقبلش العوض.
على عكسها لم يمانع عمها ذلك وقال مجاملا
وماله يا ابني كلك ذوق.
بينما أصرت عليها فادية وهي تسدد لها نظرة ذات مغزى ومبدية في نفس التوقيت انحيازها له
خديها يا بهاء ما تكسفيهوش!
ظلت على اعتراضها مرددة
بس...
قاطعتها زوجة عمها قبل أن تنهي جملتها هاتفة بإصرار
ها أنا قولت إيه عيب ده ضيفنا.
على مضض قبلت الهدية وقالت باقتضاب
شكرا.
ابتسم لها مرددا
العفو...
زفر سريعا وتابع
وتاني حاجة أنا كنت عرفت إنها وصاحبتها مش ناويين يكملوا التدريب للآخر.
هنا أوضحت بهاء السبب الرئيسي وراء ذلك بقولها المتحفز
بصراحة كده احنا اتبهدلنا أوي فيه ومش حمل
ضغوطات تانية.
رد عليها عمر في صوت هادئ محاولا إقناعها بالعدول عن رأيها
الصعب فات وحرام تضيعوا مجهودكم كله كده في غمضة عين بعد ما خلاص حققتوا نتيجة كويسة واللي فاضل مش كتير.
رمقته بنظرة غير مريحة خاصة عندما لم يمنحها الفرصة للرد عليه ووجه كلامه إلى عمها
ولا رأي حضرتك إيه
سكت الأخير مترددا ومع هذا نطق في النهاية بدبلوماسية
دي حاجة ترجعلهم.
بطريقة مراوغة حاول التأثير عليه فاستطرد
بس دعمك وتشجيعك إنهم يكملوا هيفرق معاهم جدا لأنها بتسمع كلام حضرتك.
يبدو أن فادية استحسنت ما يقوم به ذلك الضيف اللطيف فاتخذت صفه قائلة
ده إنتي عمرك ما استسلمتي يا بيبو.
نظرت إليها بهاء بغير رضا ومع ذلك تجاهلت عن عمد ما ترمي إليه لتضيف في عبثية محرجة لها
وبعدين هنكسف سيادة الرائد وهو جاي يزورنا أول مرة في بيتنا ده حتى عيبة في حقنا.
ضمت شفتيها بقوة مانعة نفسها من التعليق بما هو غير مستحب لكن ذلك الصوت المستنكر قد راح يردد في عقلها
ناقص يا طنط تنزلي باتنين ليمون وشجرة هي دي أعدة تعارف وأنا معرفش!
ما أنقذها من مواصلة النقاش في هذه المسألة رنين هاتفها المحمول نظرت إلى شاشته بتعجب فقد وردها اتصالا هاتفيا من رفيقتها ميرا كانت لا تزال على دهشتها وهي تردد مع نفسها
دي من زمان ماكلمتنيش طب هي بتتصل ليه دلوقت
لحظتها ومض عقلها بفكرة سريعة لما لا تستغل هذه الفرصة وتنجو من هذا الموقف المحرج برمته لهذا لم تفكر مرتين وقامت واقفة لتقول متصنعة الابتسام
عن إذنكم في مكالمة مهمة لازم أرد عليها.
رمقتها زوجة عمها بهذه النظرة المستهجنة قبل أن تضغط على أسنانها متمتمة في تبرم
وده وقته!
تعللت بحجة اتصالها لتهرب قائلة ومبتسمة بسخافة
معلش هرد عليها وأرجع أوام.
أرادت تجاوز أمسية هذا اليوم العجيب بالابتعاد لبعض الوقت حتى تتمكن من التعامل مع ما يفرض عليها دون تعصب.
مكالمتها معها لم تكن بريئة مائة بالمائة ولا حتى بدافع الصداقة القديمة التي تجمعهما على مدار سنوات بل كانت مجرد مقدمة خفية للتمهيد لشيء طمعت في حدوثه في التو والحال. فهمت بهاء نواياها اللئيمة من عتابها المصطنع
هو أنا لو ما اتكلمتش متسأليش خالص كده
ردت بفتور محسوس في صوتها
ما إنتي عارفة إني مشغولة الفترة دي في الأكاديمية والتدريبات و...
قاطعتها قائلة بتعصب
شوفتي الزفت أنس عمل إيه
اضطرت أن تصمت مرغمة لتصغي إليها وهي تستأنف صياحها
كان مسلط عليا واحد يمثل إنه بيحبني وهو بيشتغلني علشان يعلم عليا.
على عكس المتوقع لم تكن متفاجئة مما حدث فمن الطبيعي أن يحدث بينهما ذلك النوع من المكائد الخبيثة لأنهما كانا ببساطة يستغلان بعضهما البعض انتشرت في تعبيرات وجه بهاء علامات الاستنكار عندما هدرت بانفعال
أنا عاوزة أنتقم منه.
وكأنها لم تسمع جملتها الأخيرة من الأساس فسألتها في برود
طيب وأنا مالي
كان صوت ميرا أقرب للصړاخ وهي تخبرها
ما إنتي معاه في الأكاديمية بتاعتك دي اتصرفي وخديلي حقي منه.
زفرت بهاء الهواء ببطء لترد عليها بنبرة هادئة
بصي يا ميرا مشاكلك حليها بنفسك أنا ماليش دعوة.
في التو تحولت نبرتها للوم عندما صاحت
هي بقت كده يا بيبو مش إنتي صاحبتي الأنتيم والمفروض تقفي جمبي لما أحتاجك
أجابتها مؤكدة
أيوه وعندي استعداد أعمل أي حاجة علشانك إلا إني أتورط في حوار تاني يخص علاقاتك كفاية أوي المرة اللي فاتت.
لم تخل نبرتها من العصبية المفرطة وهي تنهي معها المكالمة
ماشي يا بيبو ابقي افتكريها.
توقعت أن تثور عليها لرفضها تلبية رغباتها ولم تكن نادمة على قرارها بعدم التورط فيما لا يخصها. تنهدت مليا وقالت بملامح ممتعضة
ما
كفاية المرة الأولى هو أنا خلصت من توابعها أصلا!
حينما عادت إلى غرفة الصالون لم تجد الضيف بالحجرة فظنت أنه ربما خرج مع عمها للشرفة لاستنشاق الهواء ورؤية المنظر من الأعلى لكنها لم تجد أيا منهما فخرجت منها متجهة إلى المطبخ حيث تتواجد زوجة عمها وسألتها دون مقدمات
هو راح فين
في عبوس بائن على قسماتها أجابتها
استأذن ومشى.
هزت رأسها متمتمة بغير مبالاة
كويس.
اغتاظت فادية من برودها المسيطر عليها فوبختها
تعرفي إنك كنتي قليلة الذوق أوي معاه.
ضيقت عيناها باسترابة وتشكك فأسلوبها لم يكن مريحا وتساءلت
والمفروض أتعامل إزاي
بتحيز واضح أخبرتها
ده شكله حلو وابن ناس ومحترم ليه ياخد عنك فكرة إنك غلسة
أعطتها نظرة مفادها أنها لا تشعر بالارتياح لاستمرارها في التطرق لسيرته وعبرت عن ذلك بقولها
حضرتك مش ملاحظة إنك ما بطلتيش كلام عنه!
لم تخف نواياها الحسنة عنها فأفصحت في صراحة
أصله الصراحة فرصة حلوة لأي بنت إنها ترتبط بيه هو مش متجوز صح أنا بصيت في إيده ما شوفتش أي دبل.
في أغلب الظن كانت زوجة عمها تحاول التمهيد لخلق رابط من التجاذب بينهما فقطعت عليها السبيل لذلك الانسجام المرسوم فقط في مخيلتها بترديدها المستمتع
أنا رايحة أنام ومتشكرة على العباية كانت حلوة عليا.
وكأنها ذكرتها بما لفت نظرها فعنفتها
ما دولاب بنات عمك مليان حاجات حلوة ملاقتيش إلا عبايتي يا بيبو
جاء ردها