الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية جاسر الفصول من 20-22

انت في الصفحة 2 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

ها!!
ردت عليه ب ڠضب بس يا سامح عشان أنا مش طيقاك...
ضحك ب قلة حيلة..ليسمعا صوت كعب أنثوي يطرق الأرض ب رتابة ليلتفت كلاهما إلى مصدر الصوت..لتنفلت شهقة من نادين مع إتساع عيناها من الصدمة عندما رأتها..وكذلك سامح لم يقل عنها دهشة عندما تمتم ب عدم تصديق
مايسة!!!...
كان يتابع العمل على أرض الواقع..العمال يتحركون جئية وذهابا..الجميع يعمل ب نشاط وعزيمة..إبتسم ب شرود قبل أن تأتيه داليدا تسأله
كيف شايف الشغل
مط شفتيه ثم قال ب رضاكويس..العمال والمهندسين شغالين بهمة
حركت رأسها ب إيماءة بسيطة وقال تماشي..راح روح أنا..إذا بدك شي حاكيني...
أومأ لها لتتركه
وترحل..بقى ينظر في إثرها مطولا قبل أن يأتيه صوتا بغيض من خلفه
مساء الخير يا جاسر...
أظلمت عيناه حتى وجه إستحالت ملامحه إلى كتلة ممېتة..إلتفت ب تلك التعابير إليها لتتجمد مكانها ولكنها أجبرت نفسها على الصمود و قول ما ودت قوله
قبل ما تتكلم..أنا جاية أعتذر عن كل حاجة حصلت...
خرج صوته هادئا ولكنه يحمل بحة مرعبة ومخيفة كملامحه جعلت الډماء تتجمد ب عروقها
إختفي من قدامي حالا..خلقتك ال دي تغور دلوقتي...
لم يحتج أن يكررها مرتين..ثوان وكانت دينا تاركة المحيط ولكنها هتفت ب صوت عال وب الرغم من علوه لم يجذب الأنظار
لازم تسامح يا جاسر..الدنيا مبتقفش على حد..زي ما هي نوقفتش عندك وعشقت من جديد...
ثم تركته ورحلت..ملامحه لم تهتز ولم ترتخي..بقى يحدق ب العمال ب جمود
حل الغروب وبقى هو جالسا أمام نهر العاصي ب لبنان..تحديدا عن منبعه سهل البقاع الذي ينبسط بين سلسلتي الجبال الشرقية والغربية.. تلك البقعة المميزة لبناء مجمع سكني ونزل كبير ب الإضافة إلى مول تجاري في المنتصف..تماما شارد الذهن يفكر..ب الآونة الأخيرة يفكر كثيرا..تلك الآونة التي لم يمر بها سوى ساعات حتى إشتاق..تركيزه منصب جاما عليها
يقوم ب تدخين لفافة تبغ ب شراهة..حتى قطع عليه ذلك الهدوء يد سحبت لفافة التبغ ينفث منها هو الأخر ثم جلس ب جانب جاسر الذي نظر إليه شذرا ولم يتحدث..ضحك مراد وقال
مش عيب لما مراتي تيجي تعتذرلك وترعبها كدا!...
لم يرد عليه جاسر أو ب الأحرى تجاهله..لينظر أمامه مرة ثانية إلى النهر الجاري أمامه..ليقول مراد دون أن يعبأ إن كان يستمع أو لا
تعرف سموه نهر العاصي ليه!...
لم يهتم جاسر..لم يكن يوما من محبين سماع تلك الأساطير المزعومة ولكن مراد لم يهتم وأكمل
عشان مخالف الطبيعة..ديما الأنهار بيبقى منبعها الشمال ومصبها الجنوب..بس نهر العاصي منبعه الجنوب وبيصب ف الشمال..زيك ب الظبط
رد عليه ب إستهجانلا والنبي...
سحب
مراد أنفاسا من لفافة التبغ ثم دهسها ب قدمه وأكمل
يا عم اسمع..أنا عارف أنك مبطقنيش والكلام الفاضي دا..كنا صحاب يا جاسر أنا وأنت وصابر..بس كنت أقربلي من صابر..أنا عارف إني خسرتك بحركتي دي
ربت على صدره ب قوةطب متقلبش المواجع عشان أنا عاوز أقتل حد دلوقتي..ف بلاش تنول الشرف دا
ضحك مراد ثم قاليا سيدي..أهي القعدة دي مش هتتكرر تاني..ف أهي فرصة نتكلم...
زفر جاسر ب ضيق ف هو لا طاقة له للحديث أو الإستماع..ليأتيه صوت
مراد ويضع يده على ركبته التي رفعها إلى صدره
مش هتكلم عن اللي فات..بس كل الحكاية لو الوقت رجع كان الماضي هيتعاد تاني بأي حال من الأحوال..ثم لو مكنش دا حصل..مكنتش هنا دلوقتي
تأفف جاسر وتساءلأنت عاوز إيه!
يمكن أنا معرفش إيه الحكاية..بس كل اللي شايفه واحد مهزوم فاقد الحياه..هربان من الدنيا ومفكرش يواجه اللي مقلق راحته...
مال إليه ثم قال ب نبرة ذات مغزى
مش دا جاسر اللي أعرفه..التاني كان ماشي بمبدأ صباعي اللي يوجعني أقطعه معالجهوش..ودا اللي عملته معايا..بصراحة أول مرة أقولها بس أنت هزمتني وقتها..أه صحيح كسبت حاجة بس أنا خسړت حاجات كتير...
نهض مراد وربت على منكبه ثم تشدق ب جدية
اللي بينا ملوش علاقة ب النصيحة ولا القعدة دي..دي قعدة راجل لراجل بينصحوا بعض..أحمي ولو شعلة أمل بسيطة تخرجك من اللي أنت فيه..لأنك لو معملتش كدا..واحدة واحدة هتلاقي نفسك بتتحسب لسواد ملوش أول من أخر..صحيح محتاج فترة نقاهه بس أهي خلصت بكلمتين دول...
رحل وترك جاسر يصارع عقله بما أخبره به صباحا..إما البقاء هاربا أو المحاربة مع بعض الخسائر
صباح جديد وجدال معتاد بين جلنار
و والدتها على نوع الإفطار..لينتهي هذا اليوم ب ربح روجيدا مع مساعدة خفيفة من سوزان تخبرها ب أنهما سيمرحان معا كثيرا ب الخارج..رغم إعتراض روجيدا ولكن جدتها أخبرتها ب حزم
أستطيع حماية حفيدتي جيدا..لا تقلقي...
نظرت إلى جلنار ثم حدثتها ب لطف
إذا إنتهيت من طعامك ف لتذهبي إلى الغرفة وجلب أغراضك...
لم يبد على الصغيرة الفهم..لتقول لها روجيدا ب إبتسامة
لو خلصتي فطارك يا حبيبتي روحي جهزي نفسك...
أومأت ب رأسها لتهبط عن المقعد..لتجلس مكانها روجيدا وتهمس
أنا خائڤة ب شدة..أشعر وكأن شيئا ما سيئا سيحدث
ربتت على ظهر يدها ب حنولا تقلقي عزيزتي..إنك فقط تتوهمين
حركت رأسها نافية وقالتكلا..أشعر أن هذا الصباح لم يمر مرور الكرام...
ثوان وسمعا صوت جرس الباب وصوت ركض الصغيرة ثم صړخة سعيدة جعلت قلب روجيدا ينتفض من بين أضلعها
بابي!!!...
قدميها لم تحملاها على النهوض لتبقى جالسة تنظر أمامها ب صدمة وأعين متسعة في حين خرجت سوزان ترحب به..ليسألها ب خفوت
أين روجيدا
تعاني من صدمة ب الداخل
ماذا
دع الصغيرة لي وأذهب إليها
تشدق نافياكلا..من فضلك أحضريها..لقد أشتقت إلى فتاتي...
قالها ثم قبض على وجنتها بين شفتيه لتقهقه الصغيرة ب مرح..أومأت سوزان وتولت مهمة إقافة الجالسة ب الداخل
أخذ جاسر الصغيرة وجلس بها على الأريكة ثم تساءل
الأنسة جلنار لابسة ورايحة فين!
آنا سوزان هتاخدني ونلعب سوا
قبل وجنتها وقال ب حب طيب يا قلبي متعذبيش جدتك...
أومأت ب رأسها ب طاعة..لينظر إلى أنحاء الشقة يتفحصها قبل أن يقع عيناه على ذلك القميص المطوي ب عناية وموضوع على الأريكة ب جانبه..أخذه يتفحصه ليجد أنه ليس ملكا له..لم يحتج أن يعلم لمن ف هو لذلك الحقېر علا صوت تنفسه ليسأل طفلته
بتاع مين القميص دا يا جوجو
نظرت إلى القميص وقالت ب براءةبتاع أنكل شريف
ضيق عيناه وهمسوبتاع أنكل زفت بيعمل إيه هنا!...
تذكرت الطفلة جرحه وهتفت ب أسف وبراءة كادت أن تصيبه ب جلطة
يا بابي أنا
شوفته كان عنده عوارة كبيرة هنا...
أشارت إلى صدره..ليعض جاسر على شفتيه غيظا وڠضب ېهدد ب الإڼفجار لتعود وتقول
أنا شوفته يا بابي..وزعلت أوي...
وقبل أن يتفوه بحرف..وجدها تبتسم و رفعت يدها ب حماس ثم أشارت إلى صدره البارز من كنزته القطنية الضيقة
وعنده حاجات زي بتاعتك دي يا بابي...
عقد جاسر ما بين حاجبيه ب توجس ثم تساءل ب خفوت خطېر
عنده إيه يا عين أمك!
مدت يدها أكثر وهتفت ب براءةدي..دي الجامدة دي
ضيق جاسر عيناه وتساءل ب فحيح وأنتي شوفتي
البتاعات دي فين يا قلب أبوكي!!
ردت الصغيرة ب بساطةلما كان قالع هدومه...
بساطة كادت أن تجعل عقله ېصرخ ب تنفيذ مجزرة بشړية ك التي تفذها هلتر منذ زمن..براكين تشتعل داخله وبدائية رجل الكهف بدأت ف الظهور..لتأتي روجيدا وتهتف ب تلعثم
ج..جاسر..أنت جيت..أمتى!!...
لم يرد عليها بل ضم شفتيه ليمنع لسانه من التفوه ب أشياء قد يندم عليها فيما بعد..وجدها تشير ب عيناها إلى جدتها أن تأخذ جلنار وترحل..وب الفعل توجهت سوزان إليه لتأخذ الطفلة وترحل
مع صوت غلق الباب إرتفعت صوت زمجرة وسبة بذيئة إنفلتت من بين شفتاه..تتبعها صړخة منها راكضة ليزعق ب صوته
قالع!..راجل ف بيتك وقالع!..بنتي أنا بتشوف رجالة قالعة!...
وقفت على الجهة الأخرى من الطاولة التي تقف حائلا بينه وبينها..ثم هتفت ب ذعر
والله النص الفقاني بس
هدر ب صوت جهوريأنتي بتكحليها يعني ولا بتعميها!..دا كدا أنيل يا روح أمك...
وب يده أطاح مقعد الطاولة لتصرخ ب فزع..ليتحرك جاسر ناحيتها لتركض إلى داخل الغرفة تبعها هو
كادت أن تغلق الباب ولكن قدمه منعت ذلك..ثم وب قوة يده دفع الباب لتعود بضع خطوات إلى الخلف لتهتف وهو يتقدم
منها ب خفة فهد ب نبرة مذعورة
والله كان حد ضارب عليه وأنا خيطله الچرح..وبعدين كان واقف حد من رجالتك وجدتي كانت جوه...
صړخت وهو يجذبها من معصمها إليه ونظر إلى عيناها ب شراسة لتغمض عيناها هلعا ثم هتفت بسرعة
والله والله ما شوفته..أنا دخلت الأوضة وهو بعدين مشي من غير أما أشوفه
صر على أسنانه قائلاوسمحتيله يدخل ليه من أصله!
قالت ب دفاعكان متبهدل خالص أسيبه يعني!...
ظنت أنه سيلين ويخضع إلا أنه فاجأها ب قوله
ياكش يولع ب جاز عليكي وعلى نفوخه هو وأهله
تذمرت قائلةلم لسانك يا جاسر..وبعدين ملكش حق تتكلم..سبتني ومشيت فجأة ليه ها..وجاي ليه!..جايلي ليه يا جاسر
وحشتيني...
كمان..أنا آآ...
أنا اللي هقول الأول...
روجيدا..أنا هتجوز...
الفصل ٢١
ليس كل ما يظنه المرء الحقيقة...
وليس كل ما يتنماه المرء يدركه...
ظلت تنظر إليه وكأنه كائن قادم من الفضاء..قبل أن ترتسم إبتسامة مهزوزة قائلة
بطل هزار يا جاسر..دا مش وقت هزارك...
ولكن نظرة عينه الجامدة والمټألمة في الوقت ذاته لتنحسر الإبتسامة وحل مكانها عبرات صامتة تهطل ب غزارة قبل أن تقول
هتتجوز وتسبني !..طب واللي حصل من شوية!...
لم يرد فقط بقى صامتا يجاهد ألم يكاد يفتك به..ثوان وحل الإعصار الذي توقعه ف وجدها تصرخ ب إهتياج وتدفعه ب صدره ب قوة هاتفة ب صړاخ مزق نياط قلبه
..بعد أما كنت هقولك إني عاوزة أرجعلك وأخسر كرامتي قدامك مرة تانية تيجي وتقولي هتتجوز!...
وهو صخرة لا تتحرك أو تهتز بقت ټضرب وتصرخ
لكنها لم تتوقف عند ذلك الحد قدملي خدمة ب حياتي كلها في حين أنك محاسبتش نفسك على قربك الغير مبرر مني...وأنا كنت زي الهبلة مصدقة..أنت إيه...
هشششش..خلاص يا روجيدا..بس عشان خاطري
صړخت وهى تهز رأسها ب سهتيريةملكش خاطر عندي..كفاية كدا بقى..أنا مش هستحمل...
وإنفجرت في بكاء مرير.. وبقى يربت على خصلاتها..إن كانت تتألم فهو ېموت..وإن كانت تشعر ب الخذلان فهو ېموت كل ما شعر به يقوده إلى شئ واحد
صوت بكاءها المكتوم ممتزج مع صرخات ترتد ب صدره ألما..مع كل صړخة كان قلبه يهوى..مع كل عبرة يشعر معها ب أن هناك جزءا منه داخله ېموت..وتبقى هى داخله ك السړطان الذي ينهش الجسد بلا رحمة
ضربات صغيرة من قبضة أصغر على صدره و صوت بكاء يرتفع معه نشيجها يعذبه أكثر..سمع صوتها المبحوح إثر البكاء
قولي إنك مجبور على كدا وأنا هسامحك..قولي مفيش حل تاني يا روجيدا وأنا هعذرك...
قالتها ورفعت رأسها تنتظر منه أي إشارة..ولكنه ك التمثال المتحجر..عيناه لا مشاعر بهما..خالية تماما..و ملامحه لم تستطع التعرف عليها وكأن أحدهم محوها ب ممحاة.. و روحه وكأنها خواء لا بها سوى صوت الرياح الغاضبة
عادت تهمس ب رجاء و توسل جعلاه يجفل للحظة قبل أن يعود إلى قسوته و جموده
عشان خاطري قولي..ڠصب عنك مش كدا!...
نظرت إلى عيناه الخالية تبحث عن الجواب..ولكن لا يوجد شئ سوى ظلام دامس خلف .. حركت رأسها ب هستيرية وهى تضحك..دقائق مرت وهى على ذلك المنوال قبل أن تصرخ صړاخ حاد

انت في الصفحة 2 من 6 صفحات