رواية جاسر الجديدة الجزء الثالث
فهو أراد أن يشعرها بالذنب قليلا وأن يتلاعب على أوتار الحنين والرغبة بالأنثي داخلها أن يرسم لها ملامح ماضي كانت فيه تستقر بالجوار القريب جدا من أطفالهما حد الاطمئنان عليهما كل دقيقة إن رغبت لا أن يرسم لها خطة مثيلة دنيئة خطط لها عقله الملتو بلحظة غرور وأنانية لم يمر بها من قبل أو من بعد فرفع يده ليهدئها وهي تجتازه قائلة بڠضبها الأعمى غير عابئة بصوتها الذي كان يعلو
يمكن فعلا في كل مرة بتقدر تجيبني لحد عندك واتحط أنا في موقف أضطر فيه أني أرضخ وأنخ وأرضى في النهاية لكن مش المرادي يا جاسر سالي القديمة ماټت وأنت اللي دفنتها أراد اللحاق بها أن يبرر وربما يعتذر ولكنه وقف کتمثال من الرخام جامدا والذي يتحرك بداخله هو بركان من الڠضب الخالص وهو يطالع انصرافها وداخله يقسم أنه سيستعيدها حتى وإن أبت وسيوقظ تلك التي توارت تحت الثرى لتعود القديمة أو الجديدة هو لا يبالي هي فقط يجب أن تعود وعادت هي للمنزل الهادیء وداخلها لايزال يضج بأنين الذكريات المتواردة على ذهنها تحي ڠضبها ألف مرة وتميته بالكاد مرة كل شيء مباح في الحړب والحب هه حب !
واستيقظت العروس والصباح أبيض مشرق کفستانها الذي يلمع بفصوصه تحت أشعة شروق الشمس البراقة وهي مجرد ساعات ودقائق وتعود لأحضان حبيبها حبيبها المچنون الذي أصر على زفاف في العاشرة صباحا على ضفاف نهر أسوان الرقراق وتكبد تكاليف تذاكر سفر للمقربين فضلا عن تكاليف استئجار حديقة الفندق الأشهر ليقيم الزفاف في الهواء الطلق حرية ونسيم منعش وورودا تتفتح وبراعم نخیل تزهر يعدها بأن تكون تلك حياتهما القادمة ولولا صلة الصداقة التي تجمعهما وأنها لاتنكر فضلها عليها بالماضي لما حضرت اليوم فهي لا تتحشاه هي فقط لا تطيق التواجد بالقرب منه حتى وإن جمعهما الأطفال رغما عنها وصلت بالأمس بعد السادسة واستقبلها صغارها ببهو الفندق بصړاخ وتهليل يعبر عن سعادتهما واطمأن هو أنهما برفقتها وانسحب دون حتى أن يلقي السلام عليها فهو رأى بنفسه حركات جسدها المتشنجة بوجوده والنفور من مجرد الاقتراب فرفض بالمقابل دفع مزيدا من الخطوات تجاهها بغرور ذكروري بحت واختفى ومكث الطفلان بصحبتها بل وأخلدا للنوم بفراشها ليلا بعدما أحضرت إحدى العاملات منامات نظيفة وملابس الحفل القريب دون حتى أن تطلب فخمنت أنه من قام باستدعائها وهاهي تمشط شعر صغيرتها الناعم بعدما ألبستها ثوبها الأبيض ذو الشريط العريض القرمزي والتفتت للآخر العنيد الذي أصر على إرتداء حلته في الحمام ثم خرج بكامل هيئته وبهائه وشعره مصفف بعناية وقفت تراقب حركاته المتأنية كأنما تشاهد أبيه بسنوات عمره الأولى لا فارق بينهما عدا أن عيناه الرمادية تشعان بالدفء لها عندما رفع رأسه ليجدها تراقبه واحمرت وجنتاه بخجل طفولي يمتلکه قسرا
فابتسمت له بحنانها الفطري
زي البدر المنور ربي يحرسك فهتفت سلمى بغيظ
وأنا إيه مش حلوة زيه
فقرصتها سالي من خدها الناعم برفق قائلة
هوا البدر وأنت الشمس يا لمضة أتمت وضع اللمسات النهائية على زينتها البسيطة وخرجت من الغرفة وهي تتهادى بثوبها الأزرق الرقيق والمزدان بورود بيضاء وفصوص لؤلؤية متناهية الصغر برفقة صغارها وما لم تحسب حسبانه أن يكون هو بانتظارهما أمام المصعد بربطة عنق زرقاء وسترة كحلية اللون تعلو قميصا ناصع البياض فابتسم بمكر لها وهو يتقدم منها حاملا صغيرته التي وضعت طويلة على وجنته و ربت هو على كتف صغيره بحنان بالغ وبعد قليل خرجا من المصعد بمفردهما كأسرة سعيدة لم تفترق يوما الأب يحمل الصغيرة الشقية والأم تسير برفقة الصغير الأكبر الذي حظي برعايتها منذ أيامه الأولى حتى اليوم واستقبلهما المقربون بنظرات دهشة وعيون متسعة حتى تعالی صوت إحدى النسوة بالتهنئة والمباركة وتوالت العشرات عليهما واستقبلتها سالي بجبين منعقد وهي لاتدري سر تلك الحرارة في التهنئة التي يتقبلها جاسر بكل هذا الود والألفة فاليوم زفاف زیاد وآشري ولكنها كانت ترجح أنه يستقبل التهاني بزفاف أخيه ولا غضاضة في ذلك حتى سمعته يبرر لأحداهن تغمزهما بضحكة هيسترية بعض الشيء قائلا
أيوا کده جدعة ماسيبتهوش للتانية تلهفه منك ومن ولادك والتفتت له وحدقت به بڠضبها المحترق وبسمته الواسعة تزین وجهه كزوج راض سعيد بعودتهما لأحضان عشهما الدافيء وسارت مبتعدة عنه ولكن إلى أين فلقد لحق بها وكذلك صغارهما وتوقفت هي عند الطاولة التي تحمل مشروبات منعشة وتجرعت