رواية شيماء من 20 - 24
انت في الصفحة 1 من 12 صفحات
الفصل العشرون شيطان !
أمر العودة إلى هذا المكان هو آخر ما كان يخطر على عقلها بل لم تتخيل أن عودتها سوف تحدث بتلك السرعة وقد تبدل دورها تلك المرة من المحتالة التي خدعت أفراد العائلة إلى زوجة الحفيد الأكبر !!!
لاحظ آسر توترها منذ أن دلفت إلى المنزل و لكنه قرر ترك الأمر قليلا إلى أن تهدأ ثورتها الداخلية تجاهه و فضل إرشاد شقيقتها نيرة إلى الغرفة الخاصة بها متعمدا اختيار الغرفة الأبعد من المنزل بل و الأكبر بعد غرفته الخاصة !!!
عقدت حاجبيها و رفعت يدها تجمع خصلاتها و هي تراقب عودة شقيقتها تردف مبتسمة غافلة أن آسر خلفها مباشرة
سديم ليه و إحنا بنجهز الهدوم قولتي إنك مش عاوزة تيجي هنا عشان البيت كئيب بالعكس أوضتي جميلة أوي !
اتسعت عينيها حين صاح مستنكرا من خلفها
أغمضت سديم عينيها ټلعن ثرثرة شقيقتها العفوية أمام هذا الرجل تحديدا و كادت تتحدث لكن قاطع كلماتها الطرقات المتكررة بقوة فوق باب المنزل أعلنت ملامح نيرة عن توترها و اختفت بسمتها تتجه إلى شقيقتها و تقف بجانبها بينما تحرك آسر تجاه الباب و فتحه پغضب أسفل نظراتها الهادئة و التي ثبتت فوق ملامح والده المحقرة من شأنها مجرد أن دلف إلى الداخل وحدد مكانها بعينيه و نظراته المكللة بالنفور تتراقص فوق ملامحها كأنه يتعرف عليها لأول مرة شعرت أن عينيه على وشك الإنتقال إلى شقيقتها لذلك همست لها بهدوء
هزت رأسها و تحركت على الفور مبتعدة عن المكان دون نقاش حيث أغضبتها نظرات هذا الرجل و لاحظت إنقاذ شقيقتها المتعمدة لها لكنها أيضا تخشى أن يمسها سوء وتوقف عقلها عند تلك الفكرة لتتسمر قدميها عند الممر الخاص بالغرف و تقف في زاوية بعيدة عن النظرات حتى تتمكن من مراقبة مايحدث تجاه شقيقتها الجميلة و بالفعل بدأ هذا الرجل الذي أكل الشيب معظم خصلاته الحديث ساخرا من شقيقتها وقال
عليك و أشوفك عاملة إيه بعد ۏفاة الوالدة
خرج صوت آسر الحاد من بين شفتيه و كأنه يزمجر پغضب و وضحت النبرة التحذيرية داخل كلماته حيث أردف مدافعا عنها
بلاش يابابا عشان فيها خسارتي هي مش محتاجة حد يتطمن عليها !
لكن تعمد رأفت الابتسام بهدوء مردفا ببراءة و دهشة
ثم توجه إلى المقعد وجلس يضع ساق فوق الأخرى مكملا بسخرية لاذعة متعمدا توجيه كلماته المبطنة بالقسۏة تجاهها
بس خد بالك و أنت بتتشارك معاها أو تاخد كل طباعها اصحي ألاقيك بتنصب بقا !!
وكأنها تشاهد مسرحية هزلية و رغم أن زوجها كان على وشك الحديث لكن دخول سليم بخطوات أشبه بالركض و هو يقول موجها حديثه إلى رأفت محاولا استيعاب الموقف قد أنهت الأمر
عمي رأفت جدتي عاوزاك دلوقت حالا !
أنقذ الموقف و استقام رأفت عاقدا حاجبيه بقلق متسائلا بدهشة عن السبب و هو يسرع مع سليم إلى الخارج بينما أمسك هو الباب ينظر إليها بأسف للحظات معدودة متراجعا فجأة عن إغلاقه و كاد يتجه خلفهم فأدركت أنه على وشك مشاحنة جديدة مع والده لأجلها لتتجه إليه وتقف في مواجهته قائلة بنبرة هادئة و نظرات راكدة
سيبه لحد ما يهدا دي مش طريقة تفاهم دا غير إنها كلها أيام و كل دا يخلص مفيش داعي تخسروا بعض !
لم تنتظر الرد الواضح لها داخل عينيه المستنكرة بل فرت إلى الداخل و خناجر نظرات و كلمات والده تطعن قلبها بلا هوادة كانت على يقين أنها سوف تقابل تلك الأفعال بل والأسوأ منها و لكن حين رأت بعينيها الأمر أصبح أشد ألما لروحها و كأن أغلال ذنوبها لن تتركها و ها هو والده يتمكن من وأد تلك النبضة التي أنعشت قلبها منذ ساعات وهمس عقلها الذي استعاد توازنه أن والده على صواب مهما فعلت وتغيرت و تبدلت إلى أخرى لن تتمكن من محو حقيقة ماضيها الذي يلاحقها أنها هي المحتالة !!!
تحركت نيرة إلى غرفتها دامعة العينين و جلست فوق الفراش بصمت تنتظر قدوم شقيقتها كما أخبرتها بقلب مټألم لأجلها ورغم أنها لا تعلم أبعاد الأزمة الخاصة بوالد آسر لكنها على يقين أن شقيقتها لا تستحق تلك المعاملة وكأنها تمكنت من رؤية حطام قلبها داخل نظرات عينيها الباردة لقد تعمد هذا الرجل السخرية منها والتطاول عليها أمام زوجها وهي على يقين أنه لا يعلم مثقال ذرة عن حقيقة شقيقتها الجميلة ذات الكبرياء لن تتقبل تلك الطريقة مهما حدث لكن من الواضح أنها تجنبت تفاقم الأمور لأجله هو لأجل زوجها !!!
نكست رأسها حين دلفت سديم إلى الغرفة ثم بدأت تتلفت حولها باحثة عن هاتفها رغبة في إدعاء الإنشغال به و هذا أفضل بكثير من رؤية نظرات الألم واليأس داخل عينيها استمعت إلى زفير سديم بصوت واضح وهي تقترب منها وتجلس بجانبها صامتة و شاردة كعادتها بالأونة الأخيرة منذ ليلة القبض على سامح و هي قليلة الأحاديث كثيرة الإنصات لها و الآن عليها أن تكسر هي حاجز الصمت و تستمع إليها مثلما تفعل هي معها منذ صغرها !!!
بللت نيرة شفتيها و تنهدت بحزن تهمس لها بتوتر طفيف بعد
أن اعتدلت بجلستها ووجهت وجهها إليها تضع يدها فوق فخذها
عشان كدا مكنتيش عايزة تيجي مع آسر
لم تتفاجئ سديم من حديثها بل هي على يقين أن فضول شقيقتها تجاه زيجتها غريبة الأطوار سوف يدفعها إلى التجسس على ما يدور حولها رغبة في الاطمئنان عليها و رغم أن همها الأكبر هو تورط شقيقتها هنا لكنها لم ترغب بإثارة قلقها و هزت رأسها بالإيجاب و هي تهمس بنبرة مټألمة
أيواا !
زمت نيرة شفتيها محاولة السيطرة على هذا الاختناق المتملك من حنجرتها كمدا لأجل الظلم الواقع على شقيقتها المحاربة التي لم تكل أو تمل يوما من تلك الحروب و وصل بها الأمر إلى كتمان بكائها ورثاء والدتها هي على يقين أنها شديدة التأثر بما حدث خاصة أن شقيقتها تواجدت داخل الحاډث المفجع ورأت مقټل والدتها بأبشع الطرق التي تخشى هي نفسها تخيلها فماذا عن التي عايشتها ووضعتها ضمن ذكرياتها الأليمة لم تتمكن من الحديث و كأن جميع كلمات المواساة قد تبخرت يمكنها فقط احتضانها الآن و بثها شعور الأمان التي طالما منحتها إياه دون تردد وبالفعل اقتربت منها و أحاطت خصرها ټحتضنها بصمت تاركة عينيها تذرف الدموع دون توقف لتدرك سديم أن شقيقتها تحاول دعمها على طريقتها الخاصة كعادتها سريعة البكاء لطيفة التصرف حانية القلب جميلتها والذكرى الباقية من والدها الحبيب رفعت يدها تربت فوق خصلاتها بهدوء و أعين دامعة أغلقتها على الفور خشية أن تلاحظ نيرة و بعد مدة قصيرة همست لها بلطف
يلا يانيرة عشان تبدأي تنتظمي من بكرة في دراستك أنا كمان محتاجة أرتاح شوية !
حلت نيرة ذراعيها و تركتها بشكل تدريجي و جففت سديم دموعها بأطراف أناملها تضع قبلة صغيرة فوق وجنتها ثم استقامت واقفة تتجه إلى الخارج لتوقفها نيرة حين أردفت بصوت متحشرج
هتسيبي آسر
كأن جميع حواسها توقفت فجأة عن العمل و تسمرت محلها تزدرد مرارة حلقها تحاول الرد عليها لكن تمكن الاختناق منها لتحمد ربها أنها أولتها ظهرها وإلا لاحظت شقيقتها عينيها التي أصبحت على مشارف البكاء و اكتفت بهز رأسها بالإيجاب و الإنصراف دون التفوه بكلمة واحدة و بخطوات سريعة متعمدة الهرب من أسئلتها البديهية بينما راقبت نيرة اختفائها بحزن شديد خاصة أنها رأت هذه الليلة نظرات الوهن العاشقة تصرخ من عيني شقيقتها !!!!
اعتقد أن أسوأ شعور يمر به المرء هو شعور التشتت تصبح رؤية القلب ضبابية و يضل العقل طريق الصواب وحدها أرواحنا هي التي تواصل بحثها عن الحصن المنيع بين أرواح تشبهنا أو تلجأ إلى الحل الآخر و الأشد قسۏة ألا وهو الانتظار إلى أن تلتئم جروحنا تاركة ندباتها تخبرنا فيما بعد أن أرواحنا تجاوزت التشتت بقسۏة الانتظار !!!!
على الجانب الآخر و تحديدا داخل غرفة الجدة جلس رأفت عاقدا حاجبيه يراقب ملامح والدته الهادئة بتوجس لفترة طويلة قبل أن يزفر پغضب و يقرر كسر حاجز الصمت قائلا بحدة طفيفة
قولي من الآخر ياماما إنك موافقة على المهزلة دي !!!
تنهدت الجدة و تركت السبحة فوق المنضدة الزجاجية و أردفت بهدوء مبالغ به يناقض حالة ابنها المستشيط ڠضبا أمام عينيها
اللي عمله ابنك مش غلط ولا اعتبره مهزلة حب واحدة واتجوزها !
صاح پغضب شديد عاقدا حاجبيه و قد انتفض إلى الأمام داخل مقعده
نصاااابة !!!! اتجوز نصاااابة !!!!!
ضحكت الجدة بخفة و ظهرت السخرية في كلماتها
المتهكمة حين سألته بدهشة
ڼصابة و اللي آسر عمله مهزلة غريبة أصل لو الذاكرة مش پتخوني و عقلي لسه فيا أنا فاكرة إني وافقت على مهزلة أسوأ منها زمان !!!
بهتت ملامحه و اتسعت عينيه تدريجيا يسألها بتوجس
قصدك إيه أنت عارفة كويس إني مكنتش أعرف حاجة عن جوازة عاصم و كنت مسافر أغلب الوقت عشان شغلي !!!
احتدت نظرات الجدة و أردفت بقسۏة و قد اشتدت لهجتها فجأة وظهر الاختناق بنبرتها
و لما جيت و عرفت